انتقد الدكتور محمد البرادعي مؤسس "الجمعية الوطنية للتغيير" جلسة الحوار التي انعقدت الأحد بين ممثلين عن أحزاب وقوى سياسية ووطنية مع اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، ونفى أن تكون قد وجهت إليه الدعوة للمشاركة فيه. وقلل البرادعي في تصريحات لشبكة (ان.بي.سي) الأمريكية من جدوى الحوار الذي تديره نفس الشخصيات التي تحكم مصر منذ 30 عاما وتفتقر للمصداقية، ورأى أن الحوار ليس خطوة صوب التغيير الذي يطالب به المحتجون الذين يدعون الرئيس حسني مبارك إلى التنحي. وأضاف: "العملية ليست شفافة. لا أحد يعلم من يتحدث مع من في هذه المرحلة"، وانتقد ما رأى أنها هيمنة للجيش على كافة مقاليد الأمور في مصر، وقال "يديره (الحوار) نائب الرئيس سليمان... كل شيء يديره الجيش وهذا جزء من المشكلة"، وأضاف أنه لم يكن من المشاركين في الحوار. ونفى البرادعي أن تكون قد وجهت إليه الدعوة للحوار، واستطرد "لم توجه الي دعوة للمشاركة في المفاوضات أو الحوار ولكني أتابع ما يحدث"، وقال إنه لا يزال هناك "قدر كبير من انعدام الثقة" بين الحكومة والمتظاهرين وهناك خوف من أن تتحصن الحكومة القديمة وتعود للسلطة، وتابع "اذا أردت بحق بناء الثقة فعليك اشراك بقية الشعب المصري .. المدنيون". إلى ذلك، وصف البرادعي، الوضع في مصر بأنه في حالة جمود، وقال إنه لن يتفاوض مع أي ممثل لمبارك. وأضاف في مقابلة مع قناة (سي.ان.ان) "مبارك ما زال رمزا لهذا النظام القديم وأنا لن أمنح أي شرعية للنظام القائم لأن الفكرة كلها هي أن هذا النظام ليست له شرعية فقد أي مصداقية". وأضاف أن إجبار مبارك على مغادرة البلاد أصبح مسألة عاطفية تكاد تكون هاجسا لدى الشبان الذين قادوا الاحتجاجات منذ 25 يناير، وأشار إلى أن التركيز يجب أن يكون على الحكومة لا مبارك. وقال البرادعي إنه ليس بالضرورة مغادرة الرئيس مبارك للبلاد، و"ليس ضروريا بالمرة أن يغادر مصر... هو مصري وله مطلق الحق في أن يعيش في مصر". وأكد البرادعي في مقابلة مع فضائية "الحرة" أنه يؤيد الخروج الآمن للرئيس مبارك رافضًا محاكمته، وقال إنه مع التسامح بدون النظر للوراء وعفا الله عما سلف، وأشار إلى أن هذا الرأي هو نفس رأي المعارضة والشارع المصري الذي لا يريد الانتقام من حكامه . واقترح تشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أشخاص وحكومة من المتخصصين لإدارة الدولة في هذه الفترة، وقال انه ليس طامعا في السلطة وكل ما كان ينشده أن يحقق الديمقراطية في وطنه الذي عنه شمس الديمقراطية لسنوات طويلة فتأخر عن كل الدول. ونفى ما ورد في صحيفة نمساوية حول أنه لن يرشح نفسه للرئاسة، وقال إنه لم يقل ذلك بل سيفكر في الأمر جديًا لو طلب الشعب منه أن يترشح للرئاسة فلن يتأخر. من ناحيته، أشاد كمال الهلباوي وهو أحد قيادات "الإخوان المسلمين" بالخارج بإستراتيجية البرادعي في المطالبة بالتغيير منذ عودته إلى مصر قبل عام، بعكس "الإخوان" الذين كانوا يطالبون بإصلاحات سياسية. وأضاف في تصريحات لتلفزيون "بي بي سي" بالعربية: "أحببت فلسفة الدكتور البرادعي وأطلق عليه فيلسوف فهو أول من نادي بالتغيير، بينما الإخوان كانوا ينادون بالإصلاح السياسي، وبالتالي أرى أن فلسفة البرادعي كانت أكبر من فلسفة الإخوان، حيث دعا للتغير وأرجو من الإخوان أن يطالبوا بما يطالب به الشعب وهو التغير وليس الإصلاح". وقال الهلباوي إن "الإخوان" مستعدون لمشاركة في حكومة انتقالية ومطلبهم سيكون مثل مطلب الشعب رحيل النظام، ورأى دعوة السلطة "الإخوان" للحوار تأتني في محاولة لإخراج "الرئيس مبارك من خندق عميق بأي صورة". واعتبر أن "كل التنازلات التي قدمها ليس الهدف منها الإصلاح بل الهدف منها التمسك بالسلطة والخوف من المحاكمة فهو يمتلك ثروات طائلة، في حين أن شعبه فقير وكان يولي علينا قيادات فاسدة أمثال (حبيب) العادلي (وزير الداخلية المقال) وصفوت الشريف (رئيس مجلس الشورى) ناهيك عن أحمد عز (أمين التنظيم بالحزب "الوطني" سابقا) وكان يريد، يصل بابنه للسلطة فمن الذي فعل كل ذلك هو مبارك نفسه مما أدى إلى هذا الانقلاب عليه من الشعب وبالتالي لن نعود لنوافق على إصلاحاته بل نريده أن يرحل لأنه رأس الفساد". وشاطره الرأي القيادي الإخواني الدكتور حلمي الجزار، وقال الجزار في تصريحات لفضائية "الجزيرة" إن إقالة أعضاء الحزب "الوطني" والتحاور مع "الإخوان" والمعارضة الغرض منه امتصاص غضب المتظاهرين وحالة الاحتقان الموجودة في الشارع المصري الآن، واصفا هذه الوجوه بأنها "كانت وجوه كريهة لدى الشعب المصري". لكنه قال إن "كل هذه التنازلات ليست مقبولة لأنه الأمر أصبح يتعلق برأس النظام وهو الرئيس مبارك"، مشيرًا إلى أن هذه الإصلاحات ليست الغرض منها الإصلاح بل محاولة للبقاء في السلطة للتمسك بالحصانة وعدم المحاكمة خاصة بعد أن فتح ملف ثروة الرئيس والفساد المتفشي في المقربين له. وقال الجزار "أعلنا قبول الحوار ومطلبنا هو ضرورة رحيل النظام، لأن المشكلة لم تحل بإقالة جمال مبارك من الحزب الوطني المشكلة في مبارك نفسه لأنه هو الذي سمح للفاسدين بأن يستعبدوا الناس ويسرقون ثروات مصر، أمثال زكريا عزمي وحبيب العادلي وأحمد عز وصفوت الشريف وغيرهم وإن كان هو نفسه يدري فهذه مصيبة وإن كان لا يدري فتلك أيضًا مصيبة أعظم". ورد الجزار على من يقول أن "الإخوان" ليسوا مؤهلين للعمل السياسي، وقال: "من يقول ذلك عليه أن يقارن بين أداء البرلمان في 2005 وبين أدائه قبل ذلك، لكن الحزب الحاكم كان لا يعطي فرصة لأحد أن يظهر فكانت مصر لهم فقط لمبارك وحزبه الحاكم". وقال إن أول بند في أجند "الإخوان" أن يشاركوا مع الآخرين سواء كانوا يساريين أو ليبراليين أو حتى حزب "وطني" وأن يفتحوا قلوبهم وعقولهم لكل التيارات، والأمر الثاني تغليب الوطن على "الإخوان" لأن مصلحة الوطن هي الأساس . بدوره، قال الإعلامي حمدي قنديل ل "الجزيرة" إن "هناك ألف وسيلة ووسيلة لتغيير الحال في مصر، ولكن هذه النية ليست متوفرة حتى الآن، لأن الرئيس مبارك مازال يظن أنه مقبول لدى الشعب المصري". وأشار إلى أن "خروج الرئيس من منصبه ليس معناه المستحيل في تغيير مواد الدستور كما يدعي النظام، ونحن نقول لهم أننا أيضًا لدينا الصبر أن نبقى في ميدان التحرير مع المتظاهرين لسنوات وسنوات وليس لأيام حتى يتم رحيل الرئيس وكل نظامه فمطلبنا هو التنحي والخروج من السلطة".