سجلت الانتفاضة الشعبية التي تشهدها مصر منذ 25 يناير الماضي شهادة وفاة أحزاب المعارضة السياسية في مصر، واستطاعت مجموعات الشباب التي تشكلت عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن تسحب تماما البساط من تحت أقدام الأحزاب التي تفتقر معظمها للشعبية بالشارع وتعاني من صراعات داخلية أقفدتها القدرة على قيادة حالة الحراك الشعبي. ومن أصل 23 حزبا سياسيا يشكلون العدد الإجمالي لأحزاب المعارضة في مصر لم يتجاوب سوى أربعة أحزاب فقط هي: "الوفد" و"التجمع" و"الناصري" و"الغد" مع الثورة الشعبية، ولم تبادر أي من تلك الأحزاب إلى تقديم المساعدة للاستمرار في المطالبات الشعبية وإحراز الأهداف المرادة من ورائها، فيما تقتول الأحزاب المتضامنة إنها لا تقوم بالقفز علي انتصارات الشباب بل تتضامن مع مطالبهم. وأكد حلمي سالم رئيس حزب "الأحرار" عدم رغبة حزبه بالمشاركة في هذه الأحداث، وإن قال إنه يسعده بالطبع أن يتحاور مع الشباب ويستمع إلي وجهات نظرهم، حيث أن الحزب يعتبر هؤلاء الشباب هم القاطرة التي أخذت المجتمع إلي الأمام. وطالب هؤلاء الشباب بالذهاب إلى مقار حزب "الأحرار" في المحافظات والبالغ عددها 35 مقرا واستغلالها في التحاور فيما بينهم، والاتصال برجال السياسة والفكر في المجتمع، مؤكدا أن شباب مصر الثوري قفز بملفات لم يكن يستطيع أحد فتحها وقام بعرضها والحديث حولها على طاولة البحث والتنفيذ بينما لم يكن من المتوقع مناقشة مثل هذه الأمور من قبل. واعترف بأن الأحزاب السياسية كاملة لم تكن تستطيع القيام بما قام به هؤلاء الشباب، مرجعا عدم مشاركة الأحزاب في الثورة الشعبية وعدم التفاعل معها إلى طبيعة الأحزاب التي تميل إلي الحوار وعقد المؤتمرات والندوات والسعي لخوض الانتخابات. وقال إن الأحزاب السياسية لم تعتد ممارسة هذا العمل والنزول للشارع، حيث أن قانون الطوارئ جعلها في بيات شتوي ومنعها من الالتقاء بالجماهير وشباب الجامعات بحكم القانون 40 لسنة 77 وتعديلاته بشأن الأحزاب السياسية، ولائحة 79 الخاصة بشباب الجامعات التي تمنعهم من العمل الحزبي والسياسي. ورأى سالم أن كل هذه الأمور قيدت الأحزاب ومنعتها من التلاحم مع الشارع المصري، متوقعا أنه في حال قيام الأحزاب السياسية بالنزول للشارع الأحداث ستذوب، لأن الشباب لديه حماسا وليس لديه استعداد للحوار. وقال إن الأحزاب السياسية لو كانت جازفت وتلاحمت مع الشباب لقامت بتغيير مسار مظاهراته لأنها ستتحدث عن الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ما سيغير من مسيرة وهدف المظاهرات، حيث أن الأحزاب لم تمارس طوال فترة وجودها علي الساحة السياسية مثل هذه المظاهرات. من جانبه، دافع أبو العلا ماضي وكيل حزب "الوسط" - تحت التأسيس- عن الأحزاب وقال إنها تقوم ببذل طاقتها طول الوقت في ظل السقف الذي يتيحه لها النظام، واصفا الثورة الشعبية الحالية بأنها "ثورة شباب" جاء دور الأحزاب خلفها. واعتبر أن أحداث ثورة 25 يناير ليست التوقيت المناسب للترويج لبرامج أي حزب، بل للدعوة للحرية والديمقراطية، حتى يتم العمل على تهيئة المناخ الذي يتم من خلاله الدعوة لبرامج وأهداف الأحزاب السياسية والتي تستطيع العمل فيه، حيث أنه في الوقت الراهن يجب أن يركز الجميع على الدعوة للحرية والديمقراطية من أجل عمل جميع الأحزاب السياسية. في حين أشاد فوزي غزال رئيس حزب "مصر 2000" بالشباب المصري الذي قاد الثورة وحده لينفي ما كان يتردد حول أنه في حالة سبات عميق وأنه ليست هناك فائدة أو أمل من ورائه وحيث فقد الجميع الثقة فيه. وقال إن أحداث 25 يناير أثبتت أن هناك صحوة كبيرة في المجتمع المصري، لذلك لم يرد حزب "مصر 2000" أو غيره من الأحزاب إفساد هذه الحقيقة أو استغلالها فيما يفقدها أثرها ومظهرها الوطني الرائع، مشيرا إلى أنه بعد ثورة هؤلاء الشباب أصبح لدى الجميع الاطمئنان أن مصر بخير . ورأى أنه لو قامت الأحزاب السياسية بالمشاركة في هذه المظاهرات والأحداث لأفسدت ثورة الشباب، حيث أن هدف الأحزاب حينها سيكون من أجل ركوب الموجة والوقوف وراء قيام هذه الأحداث التي نبعت في الأصل من وطنية الشباب وحماسهم. وقال إن أي حزب أو جماعة يقوم بنسبة هذه الأحداث لنفسه "يكون كاذبا وغير صادق مع نفسه".