رجحت تقديرات حكومية أن تتفاقم أزمة الطاقة في مصر في السنة المالية المقبلة مع إخفاق إنتاج الغاز في تلبية الطلب المحلي المتزايد. وتتوقع وزارة البترول أن يبلغ إنتاج الغاز 5.4 بليون قدم مكعبة يومياً والاستهلاك 5.57 بليون قدم مكعبة يوميًا في السنة المالية التي تبدأ في الأول من يوليو المقبل. ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر في الوزارة إن إنتاج الغاز في السنة المالية الحالية لا يزال من المتوقع أن يتجاوز الاستهلاك حيث سيبلغ 5.31 بليون قدم مكعبة يومياً مقابل استهلاك قدره 4.95 بليون قدم مكعبة يوميًا. فيما اعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن "استيراد الغاز الطبيعي لن يحل الأزمة في مصر". وقالت إن محللين ومصادر في مجال الغاز أكدوا أن مصر تتجه للسماح للشركات القطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي لسد النقص في البلاد، وذلك بعدما أجبرت بعض شركات الأسمنت والصلب على خفض إنتاجها في السنوات الأخيرة لكن من غير المرجح أن يقوم هذا بحل الأزمة. وتابعت أن "مصر البلد الذي كان مصدرًا للغاز إلى الأسواق في آسيا وحتى أمريكا الجنوبية في وقت ما، بات مستوردًا للمرة الأولى العام الماضي بعد الفشل في مواجهة نمو الطلب المتزايد". وأضافت:" مصر في الماضي كانت بمثابة الضمان لإمدادات الطاقة المدعومة للقطاع الخاص وذلك في الوقت التي كانت تصدر فيه حوالي ربع إنتاجها من الغاز، مبرزة تخوفات الخبراء من أن "السماح للقطاع الخاص بتدبير احتياجاته من الغاز بنفسه سيؤدي لارتفاع عجز الموازنة في مصر، إضافة لعدم قدرة العديد من الشركات المحلية على تحمل ثمن الوقود غير المدعوم مما يعرضها للإغلاق". ونقلت الصحيفة تصريحات تامر أبوبكر، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية التي قال فيها أن "أقل الأسعار للقطاع الخاص ستكون حوالي "12/MMBtu" أي 12 دولار لكل "مليون وحدة حرارية بريطانية"، إضافة للرسوم التي سيتم دفعها للحكومة لاستخدام شبكتها والتكاليف الإدارية الأخرى، وهذا مقارنة ب 6 دولار لكل مليون وحدة حرارية تدفعها حاليًا اتحاد الصناعات الثقيلة. كما أبرزت مقترحات أبوبكر التي أكد فيها ضرورة استبدال الحكومة هذه الخطوة بتخفيض تدريجي لكميات الغاز المقدم للقطاع الخاص من أجل تجنب إغلاق المصانع، وارتفاع معدلات البطالة وتجنب الاستياء العام. وعن مستقبل صفقة الغاز الطبيعي المسال، قالت الصحيفة إن "الحكومة فشلت حتى الآن في وضع اللمسات الأخيرة لأي صفقة لشراء الغاز الطبيعي المسال، بسبب تجميد الحكومة للمحادثات مع الأثرياء في قطر عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، إضافة لتأجل خطة بناء محطة استيراد الغاز الطبيعي المسال مراراً بسبب أحداث سياسية وتقنية". ورأت أن محاولات الحكومة لزيادة إنتاج الطاقة ومناشدتها للأجانب بالاستثمار جعل البلاد تدين لشركات البترول والغاز الدولية حيث قامت في شهر ديسمبر الماضي بدفع أموال لها على أجزاء مع التعهد بتطوير الغاز قريباً. ونقلت الصحيفة عن مسئول كبير سابق في شركة تديرها "المصرية القابضة للغازات الطبيعية "أن هذه الجهود لا تبدو فعالة .. ففي الواقع ترغب بعض الشركات في الخروج من البلاد لأن الوضع يزداد سوءًا". وتابع: "إذا لم تستيقظ الحكومة وتجد حلاً جاداً لكل من قطاعات الطاقة والمصانع العاملة في المجال فستغلق الشركات المحلية لأنها لن تحقق أرباحًا، وستهرب شركات الطاقة الدولية لأنها لا تعمل من أجل عدم الربحية". وقالت الصحيفة إنه في "الأسبوع الماضي أسدلت مجموعة "بي جي جروب" الستار على عملياتها في مصر لتشطب بذلك أكثر من 1 مليار دولار من العائدات لعام 2013، بينما انسحبت شركة "بجنيج" البولندية للغاز من مشروع التنقيب عن البترول والغاز في مصر بسبب الأوضاع السياسية". وفي هذا الإطار علق المسؤول الكبير قائلاً: "لن يكون غريبًا أن نرى مزيدًا من النكسات في الأشهر المقبلة". وأدت الزيادة السكانية في مصر البالغ عدد سكانها 85 مليون نسمة والدعم السخي إلى استمرار تزايد الطلب على الطاقة لدرجة أدت إلى خفض صادرات الغاز الطبيعي المسال التي تم الاتفاق عليها سابقًا مع شركات أجنبية. ولدى مصر محطتان في دمياط وإدكو لإسالة الغاز الطبيعي لنقله عبر السفن إضافة إلى خط أنابيب لتصدير الغاز. وانخفض إنتاج محطة إدكو التي تديرها "بي.جي غروب" بشكل مطرد على مدى العام الماضي وتوقفت محطة دمياط التي تديرها "فينوسا" عن العمل منذ عام 2012. ومما يزيد من صعوبة الموقف أن الشركات لم تطور الاكتشافات غير المستغلة في مياه مصر الغنية بالغاز نظرا لأن الحكومة تدفع لها ما يغطي بالكاد تكلفة استثماراتها.