ربما يمكن أن نتفهم الوضع أكثر كوننا سوياً (أنت على الأقل - ثقة مني بعقلك) يمكن أن نتحدث بالعقل و المنطق. أنت تعرف أن مصر دولة إسلامية وعربية أو عربية وإسلامية كما تعرف أن الإسلام دخل مصر وأنارها على يد صحابة رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أنفسهم وأنهم بدخولهم مصر قد ضموها للمملكة الإسلامية في المدينةالمنورة و هذا الإنضمام جاء بعد أن عجز المصريون وقتها -كالعادة- أو لنقل المصريون "الأصليون" حتى لا يغضب منا "مكرم نقولا" (ولا يعنيني إن غضب بل العكس أرجو) أقول جاء بعد أن عجز المصريون عن فك أسرهم من القيد الروماني الذي تعرف أنت قبلي ما كان يفعله في المصريين قديماً. المنتصر جاء بدينه وفلسفته ووجد مصر أرضاً بكراً بها مما صنع الفراعين ما قد بهرهم وإن لم ينسهم هدفهم من المجيء إلى مصر ألا وهو نشر رسالة ربهم. حتى الأن المقدمة تاريخية سياسية ونعرفها جميعاً - لكن ما لا يود الكثيرون الإعتراف به أن هذه السيادة العربية الإسلامية على مصر كانت لها إشتراطاتها التي إن قورنت بغيرها (وقتها وإلى الأن) لوجدناها أرحب وأكثر إنسانية من أي مما كان قبلها أو معاصراً لها وإلى اليوم - وأدعي أنه أرحب حتى مما يطالب به البعض الأن. هذه الإشتراطات السياسية هي أن السيادة في الدولة لدين المنتصر الفاتح - كما كان في كل العصور - خاصة وإن كان الفتح أساساً لنشر الدين - غير أن الأمر مع الإسلام يختلف! أعلن الإسلام وقتها وإلى الأن أن كل إنسان حر في إعتناق ما يريد وأنه لا إكراه في الدين - وحتى نتجنب الإطناب كثيراً فإن مخزون بطون كتب التاريخ يخلوا من حادثة واحدة تم فيها إجبار مسيحي مصري أو مصري مسيحي على تبديل دينه (إذن لوجدناها مزماراً في يد كل عويل يهاجم الإسلام وما كان مكرم ليتركها بعد أن "بعبع" بما يعتمل في صدره) و تزخر بطون هذه الكتب بالقصص الموثقة التي تؤكد أن الإسلام أرسى مبادئ الحق والعدل للجميع وإقتص من المسلم إذا ما ظلم المسيحي في مصر - ذلك كون الإسلام يتعامل مع العدل بإطلاقه لا بمفهوم أعور كما رأيناه و نراه عبر التاريخ وإلى اليوم مع الأديان الأخرى. أما الإحتكام لقوانين الإحصاء و النسبة و التناسب فهو أمر أخر أظنك تؤمن أنه دليل على ما ذكرت. هذه الإشتراطات "السياسية - التاريخية" كان من ضمنها منع التبشير بأي دين يخالف دين الإسلام - وهذا حقه الواضح كمنتصر على أرض يملكها - أن يحفظ نفسه وأن يمنع التمزق الذي قد يحدثه تصارعه مع دين أخر - إذ من غير المعقول أن يتيح المنتصر لغيره أن يستولي على مكتسباته بإسم السماحة الدينية التي تسمح بدحضه هو ذاته! - مع التأكيد على ما ذكرنا من حفظ حقوق كافة أهل الذمة الداخلين في عهده. إن سبب الأزمة الأزمة الطائفيه بمصر الأن أن هذه الإشتراطات "السياسية" و "التاريخية" يراد لها أن تكون "تاريخية" فقط حتى يمكن أن تبدأ عمليات التبشير كما تقول ومن ثم بناء دولة لها وهي هنا ليس لها من معنى إلا تزاحم دين الطائفة التي أنقذها الإسلام من براثن عدوهم مع الدين المنتصر مستغلاً سماحته لفرض أمر واقع على هذا الدين يجرده من حقوقه "السياسية-التاريخية" في القيادة - تلك التي إكتسبها عن جدارة بدماء شهدائه (أياً كانت إثنية الشهداء عرباً كانوا أو مصريين مسلمين- فهم في العرف الإسلامي قوة الإسلام ولا فضل بينهم.) وإستعداده الأصيل للقيادة بخلاف المسيحية التي لا تتمتع بهذه الميزة بدليل أنه و حتى شرعتها فإنها تستقيها من دين أخر! إن سبب الأزمة في مصر هو أن الكنيسة و بعض تابعيها يريدون القفز على الحقائق التاريخية و السياسية وإستلاب الحقوق الأساسية التي تمليها حقائق القوة والسياسة والتاريخ مستخدمين لغة خداعة للعصر الحالي عن المدنية وحقوق الأقليات مستعينين بالخارج في فجاجة لم نعهدها من قبل إلا من بعض النفوس التي نعف السنتنا عن وصفها هنا. مصر لم تكون أبداً مسيحية (بالمعنى السياسي) و دينياً فقط بقدر الزمان الذي إنتشرت فيه المسيحية كدين بين شعبها و لم تكن للمسيحية وقتها أي صفة تعطيها حقوقاً سياسية - أي أن المسيحية لم تقد مصر سياسياً في أي يوم من الأيام - فحتى مصر المسيحية كانت تحت قيادة سياسية رومانية بمذهب مختلف إعتبره المصريون ديناً مختلفاً "رفضه" معظم أهل مصر - أي أنه كان مرفوضاً من مصر ذاتها بدليل تمسك أهلها بدينهم (مذهبهم) و بالتالي فحتى تاريخياً لم تترتب للمسيحية في مصر أي حقوق سياسية. لكل هذا فإن قولك أنك ترى أنه لا مانع من التبشير والكرز هو قول أراه متهافتاً وضد مبدأ أساس من مبادئ إحترام عهود أبرمت تم بموجبها الحفاظ على دينك ليصل إليك دون أي تدخل فيه من الدين المنتصر القائد الذي تسمح لنفسك الأن أن ترى أنه لا مانع من التبشير ضده! ألا ترى معي أنك تقفز فوق الكثير من الحقائق الأساسية لتصل فقط إلى هدفك!؟ هذا عن الموضوع - أما عن الإنطباع الشخصي فغالب الظن أن سيادتكم مختلف مع الكنيسة في الكيفية المتخذة للتنفيذ وليس في الفكر السياسي ذاته (أي في التكتيك لا الإستراتيجية) و هذا كان واضحاً تماماً في مقاليكم قبل الأخير و الأخير و صدقني يصعب عليّ أن أصفه بأسلوب (إضرب ولاقي) و لكن هكذا أراه وهكذا أرى منتهاه ودليلي على ذلك قد لا يقوم كدليل مادي و إن كان يُعينني على الفهم الشخصي - إذ أن طبيعة المواطن "نظير جيد" لا تسمح لمختلف معه بالبقاء الإعلامي - أي تحت الأضواء - بسهولة دون تهديد أو تلويث للسمعة ولم نسمع منه أو من حوارييه أو منك ما قد يفيد عداء الكنيسة لك تقبل التحية Masry in USA