لا أعلم على وجه التحديد سبب تسمية الثورة التونسية بثورة الياسمين خاصة مع ما يحمله الإسم من دلالة على ما حدث بسوريا في العام 2005 أو حتى بأسلوب مجيء إبن علي (الرئيس المخلوع*) إلى سدة الحكم بتونس فكلا الحدثين كان ثورة و كانا بلا دماء. على أن هذه ليست المرة الأولى التي تسمى بها ثورات شعبية بأسماء زهور (أو ألوان) و قد بدأت هذه الظاهرة مع بداية القرن الحالي أي مع بداية العام 2000 م. الثورة الأولى هي ثورة البلدوزر: (!) وهي تلك التي قامت في صربيا مستخدمة ذات الزخم الذي كان موجوداً وقتها لدي الجمهوريات السوفيتية السابقة. حاول السفاح ميلوسوفيتش أن يؤمن لنفسه "مدة" أخرى في سدة الحكم فقامت القوى المعارضة في البلاد برفض هذه المحاولات و بدأت البحث عن شخص يمكنه أن يكسب ميلوسوفيتش في الإنتخابات. و حين أعلنت الهيئة المختصة بالإنتخابات أن أياً منهما لم يحصل على النصاب و أن هناك حاجة لجولة إعادة تزايدت الضغوط على السفاح حتى يترك منصبه وبدأ الناس في التجمع من كافة بقاع البلاد (صربيا و مونتنيجرو) إلى العاصمة بلجراد. إقتحم المتظاهرون البرلمان و أشعلوا الحريق في بعض مبانيه بعد أن أُخذت الشرطة هناك على غرة لكثرة أعداد المشاركين في أعمال الإحتجاج ثم أعلنت المعارضة في نهاية اليوم إنتصارها الساحق وإستقال السفاح من منصبه. الغريب أن المتوقع هو أن السفاح من وجهة نظرهم يجب أن يكون بطلاً في الحرب أثناء أزمة البلقان و لكن هذا لم يشفع له عندهم! إشتق إسم الثورة من إستخدام أحد الثائرين لبلدوزر حقيقي هاجم به مبنى البرلمان! الثورة الثانية: ثورة الورود و هي الثورة التي قامت في جورجيا في العام 2003. أهم ما يميز هذه الثورة أنه لم يقتل أو يجرح بها أي شخص على الإطلاق - فقد قام المتظاهرون بإهداء الورود إلى قوات الأمن التي كانت مدججة وقتها بأسلحة قمع المظاهرات من هراوات و غازات و خراطيم مياه** بدأت المظاهرات عقب أعمال إحتيالية أثناء الإنتخابات البرلمانية وورود تقارير عن أعمال تزوير واسعة النطاق إتهم فيها المتظاهرون الفائزين بهذه الإنتخابات بأنهم وراء عمليات التزوير ومن ثم خرجوا إلى الشارع. طالب المتظاهرون خلال مظاهراتهم الرئيس (وقتها) إدوارد شيفيرنادزه أن يستقيل وهو ما رفضه شيفيرنادزه تماماً وطالب قوات الأمن بالتدخل! أثناء إفتتاح شيفيرنادزه للجلسة الإفتتاحية للبرلمان إنطلقت جحافل المتظاهرين مكتسحة أبواب البرلمان و أخرجت الشخص الذي إدعى أنه الفائز بالإنتخابات و قامت بتنصيب ميخائيل ساكشافيللي مكانه! كانت ثورة الورود هي الملهم للأوكرانين خلال ثورتهم. الثورة الثالثة: ثورة البرتقال (أو الثورة البرتقالية) في أوكرانيا و في العام 2004 و بعد جولة الإعادة الرسمية بين المرشحين يانوكوفيتش و شوشينكو أعلن يانوكوفيتش نفسه الفائز في إنتخابات شابتها إتهامات بالإحتيال و التزوير فقامت الجماهير بمظاهرات و إعتصامات و إضرابات عامة شلت الدولة كلها و من ثم توجهوا إلى العاصمة و جلسوا في الشوارع لأسابيع في الشتاء وبين الثلوج المساقطة (فقد كان هذا في شهري نوفمبر و ديسمبر) حتى تم إلغاء النتيجة و أعلنت المحكمة العليا إعادة الإنتخابات ليفوز بها فيكتور شوشينكو. كان شوشينكو هو المرشح المفضل لدي الغرب بينما كان يانوكوفيتش هو المرشح المدعوم من القوى الروسية و السوفياتية السابقة و كان هذا الإنتصار ضربة كبرى لأنظار النظام القديم. إشتقت الثورة إسمها من اللون البرتقالي الذي إستخدمه مرشح العارضة - شوشينكو - أثناء حملته الإنتخابية. الثورة الرابعة: ثورة التيوليب (ثورة الحُزامي) في قيرغيزستان وفي العام 2005 و حين أعلنت نتائج الإنتخابات البرلمانية التي أظهرت (بالتأكيد!) نجاحاً هائلاً لعائلة الرئيس (وقتها) عسكر أكاييف كانت الناس قد وصلت إلى منتهاها. كانت الإتهامات للرئيس (أكاييف) بالفساد والبطش بالمعارضين والديكتاتورية الفاشية قد وصلت إلى حدود غير مسبوقة وكان الرئيس الذي يحكم منذ العام 1990 (أي 15 عاماً فقط!) قد أمضى بالفعل فترتين رئاسيتين خارج حدود الدستور! إندلعت المظاهرات في الجنوب و سرعان ما وصلت إلى العاصمة و إحتل المتظاهرون المباني الحكومية و إنطلقت أعمال الشغب لعدة أسابيع. سقط البرلمان المزوَّر (أو المزوِّر) و هرب الرئيس (أكاييف) إلى كازاخستان ثم وافق بعدها على الإستقالة. أطلق إسم زهرة الحُزمي (التيوليب) على الثورة ربما لأنها الزهرة الوطنية للبلاد. حين نقترب من عالمنا الإسلامي فلابد أن تتحول الثورات من اللادم تقريباً إلى شلالات الدم - و هو مؤشر بالغ الأهمية على مستويات التعليم التي يحرص القادة - مهما كذبوا - في أن تظل متدنية إلى أقل درجة ممكنة. الثورة الرابعة: الثورة الخضراء في إيران و في العام 2009 وعقب إنتخابات رئاسية مثيرة للجدل و اللغط بعد أن ظهرت عدة مؤشرات قوية على تزويرها و العبث بنتائجها إندلعت أعمال شغب عنيف.*** كان معظم مؤيدي المرشح "الإصلاحي" من الطلاب الذين إنطلق بينهم شعار الثورة الأخضر بسرعة مرعبة و خلال الأسابيع القليلة قبل الإنتخابات, فحتى أولئك الذين لم يصوتوا منذ سنوات تعهدوا بالتصويت هذه المرة و إنطلق المؤيديون لمرشح "المعارضة" يدقون الطبول في الشوارع ليلاً ليجمعوا المزيد من الأنصار و حين أعلنت نتائج الإنتخابات بإكتساح "فاضح" للرئيس الحالي أحمدي نجاد إنطلق مؤيدو المرشح المعارض "موسوي" إلى الشوارع في أعمال ثورة و عنف تمت مواجهتها بالكثير من العنف و الدماء. قتل خلال هذا المظاهرات العشرات - بل المئات من الشباب الإيراني و أعلنت السلطات هناك أن نتيجة الإنتخابات هي الخيار الإلهي (!) الذي لا يمكن أن يشاده أحد! وقد أعلن الحرس الثوري أن هذه المظاهرات قد جعلت النظام الإيراني على حافة الإنهيار - لكن تم قمع المظاهرات و بقي أحمدي نجاد على كرسيه ليستمر في تقبيل يد وليه الفقيه!& الثور الخامسة: إلى الآن أعيش منتشياً بها متابعاً لها وسأكتب عنها بالتأكيد غير أني لا أريد أن أفيق الأن! الثورة السادسة: قريباً جداً إن شاء الله. ما تجب ملاحظته أن معظم هذه الثورات قد أتت عقب إنتخابات برلمانية عائلية و مزورة جداً و بدأت في المناطق الفقيرة قبل أن تمتد للعاصمة!