ينقسم الناس من حيث حالتهم المادية ومستوى معيشتهم إلى أغنياء وفقراء، وبين الأغنياء والفقراء أنماط عديدة مثل: الأثرياء والبرجوازيين ومتوسطى الدخل ومحدودى الدخل والمساكين والمعدمين والمتسولين... وغيرها من الأنماط. ومشكلة الفقر من أكبر المشاكل التى تعانى منها دول العالم، وعلى وجه الخصوص دول العالم الثالث، وأكثرها شيوعًا الدول الإفريقية. وللفقر أسباب عديدة بعضها يقع على عاتق الفقير وهو فقر معصية، وبعضها يقع على عاتق المجتمع والدولة. وفقير المعصية مسئول عن فقره لافتقاره لأسباب الكسب المشروع، وعدم المثابرة والسعى لمصادر الرزق، وممارسة العصيان الدائم للحياة المشروعة، والتكالب على مصادر الكسب غير المشروع. وأسباب أخرى للفقر يكون الفقير فيها ضحيًة لأسبابٍ عائليةٍ أو شخصيةٍ، أو أسباب مجتمعيةٍ وذلك لتردى الحالة الاقتصادية، وغياب العدالة الاجتماعية، وسوء التخطيط وسياسات الدولة الخاطئة، وهو فقر مجتمعى، وفى جميع المجتمعات يوجد أنماطٌ كثيرة، وطبقات متعددة من الأغنياء والفقراء.
وفى معظم دول العالم (وعلى وجه الخصوص دول العالم الثالث) تتوالى الوقفات الاحتجاجية، وتتعدد المطالب الفئوية للحد من الفقر وإنصاف الفقراء من الأغنياء، ومطالبة الحكومات والمسئولين بوضع ضوابط وتشريعات متجددة لضمان التقارب بين الطبقات وترسيخ قيم العدالة الاجتماعية.
وفى حقيقة الأمر لابد من التمييز بين فقر المعصية والفقر العائلى والفقر المجتمعى، وعدم الخلط بينها وإلقاء المسئولية برمتها على عاتق الأغنياء والحكومات. وفقر المعصية هو مسئولية الفقراء أنفسهم، ولا يمكن الحد من هذا النوع من الفقر دون إرادةٍ واعيةٍ وعزيمةٍ قويةٍ بوازعٍ من الضمير، وإصرارٍ على تغيير أسلوب الحياة مهما كانت التضحيات للتحول الجذرى من السلب إلى العطاء، ومن الكسب المشبوه أو غير المشروع إلى الكسب المشروع. والفقر العائلى هو مسئولية متبادلة بين أفراد العائلة الواحدة، والتكافل العائلى هو خير وسيلة للحدِ من هذا النوع من الفقر. أما الفقر المجتمعى فهو مسئولية مشتركة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى، ودور الدولة يتحدد بوضع ضوابط للوظائف والتوظيف، والأجور والمرتبات، واستحداث قوانين وتشريعات متجددة لتحقيق التوازن الدائم بين الأجور والأسعار، بما يضمن الحد الأدنى لحياة كريمة لكل مواطن. ويتحدد دور المجتمع والدولة أيضًا فى وضع تشريعاتٍ جديدةٍ وسن قوانين صارمة، وإعداد آليةٍ فعالة للقضاء على جميع الممارسات الضارة، وتحرير المجتمع وأفراد الشعب من جميع أشكال الاحتكارات وأنماط الاستغلال وإهدار المال العام.
ولا يجوز على الإطلاق التحدث عن الفقر والفقراء بمعيار واحد دون التمييز بين نوع الفقر وحالة الفقير والأسباب والدواعى المؤدية لكل نوع وكل حالة. ولا يجوز إلقاء مشاكل الفقراء برمتها على الأغنياء، أو اتهام الدولة والحكومة دون غيرها بالتقصير والإهمال، ومشكلة الفقر والفقراء هى مسئولية مشتركة بين الحكومة والمجتمع والأسرة والعائلة وجميع طوائف الشعب أغنياءً كانوا أم فقراء، فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.