فى خضم الأحداث الجارية فى مصر و داخل سرادق العزاء الكبير و دموع الألم و الحسرة على شهداء الوطن مسلمين كانوا أو مسيحيين يجب ألا ننسى أننا جميعاً أقباط و لكننا جميعاً مستهدفون فأمن مصر هو الهدف الأول و الأخير من هذا العمل الجبان. نعم.. من حق المسيحين أن يعلنوا عن غضبهم تجاه بعض الحقوق المنقوصة و من حق السياسيين أن يتضامنوا لإدانة النظام الأمنى المهترئ و الذى يشدد الحراسة على أسوار الجامعة لقمع الطلاب و يقصر فى تشديد الحراسة على دور العبادة خاصة و أن هناك تهديدات سابقة قد آتت من الخارج. نعم من حق أهالى الضحايا البكاء و العويل على أبناءهم و السخط على هذا النظام الضعيف و نحن نشاركهم هذا السخط حزناً و كمداً على القتلى و الجرحى من أبناءنا. و من حق الكنيسة فى هذا التوقيت أن تعلى من سقف مطالبها لعلها تحصل على الحد الأدنى لتلك المطالب و لكن دون انتهازية أو خلطٌ للأوراق. نعم من حق كل صاحب قضية أن يطالب بحل فورى لقضيته سياسية كانت أم إجتماعية و ليس من حق النظام أن يصم أذنه عن هذه المطالب أو تلك و عليه أن يشرع فى تقديم حلول سريعة و عادلة لجميع قضايا الوطن العالقة قبل أن ينفرط العقد و لا يجدى وقتها البكاء على اللبن المسكوب. من حقنا جميعاً أن يعلو صوتنا و تعلو سقف مطالبنا و لكن ليس من المفترض – و رغم كل التفهمات – أن تتحول إدانتنا من الإعتداء على أبناء مصر و كنيسة مصر إلى إدانة للإعتداء على رموز الإسلام كشيخ الأزهر و المفتى. فمهما بلغ الألم مداه يجب ألا يخرجنا عن دائرة الإحترام المتبادل بين المسلمين و المسيحيين و الذى ظل لسنوات سمه الشعب المصري. و كما قلت سابقاً أن الكنيسة ليست شأناً مسيحياً فقط و لكنها فى المقام الاول شأناً مصرياً و لذا فقد أختلف مع سياسات البابا شنوده و مواقفه من بعض القضايا وأعارضه في تحويله الكنيسة إلى مؤسسة سياسية و لكنني لا أملك إلا احترامه كرمز مسيحي.يجب علينا كمصريين ألا ننسى قيم الإختلاف و حسن الجوار و آدب الحوار و هذا هو دور مثقفى الأمة من الجانبين. إننا جميعاً و بسبب الإنهيار الثقافى و الفكرى و الحضارى و الإقتصادي الذى نعيشه نسينا الكثير من آدبيات العيش المشترك. فمصر يمكن لها أن تصحو من غفوتها و تقوم من كبوتها و تواجه كل هذه الإنهيارات و ما حدث فيها من تصدع لكن إنهياراً واحداً لا يمكن تداركه و سيعصف بنا جميعاً لو لم نفطن إليه إنه الإنهيار الأخلاقي و علينا جميعاً يقع عبء المحافظة على منظومة القيم و الأخلاق التى تذخر بها آدبيات الدين الإسلامى و الدين المسيحي فليس مسلماً حقاً و ليس مسيحياً حقاً من فعل هذه الجريمة الشنعاء و فجر كنيسة القديسين و ليس مسلماً حقاً و ليس مسيحياً حقاً من يحاول إستغلال الأحداث لفرض أجنده خارج إطار المنظومة الأخلاقية و فى غير إطار الإحترام المتبادل. إن زيارة المفتى و شيخ الأزهر كانت رسالة واضحة للمصريين أن من ماتوا هم أبناؤنا و يجب القصاص العادل من القتلة و رسالة أخرى مفادها أن الدماء التى سالت دماء مصرية لا يمحوها برقيات التعازى من خلف المكاتب و لكن يمحو آثارها عندما يشعر كل مسيحى فى مصر أن الألم الذى أصابه قد أصابنا جميعاً وفى مقدمتنا رموز الإسلام و أن الدموع التى فاضت من عينه كالتى فاضت من أعيننا جميعاً و لعل تلك الرسائل قد وصلت إلى عقول و قلوب أبناء الوطن من الجانبين إنني أحيي الشيخين الجليلين أنهما لم يتوقفا عند واقعة الإعتداء و أنهما تفهما الغضب الذي في كثير من الأحيان يخرج الإنسان عن جادة الصواب و لكني أحذر من استغلال الأحداث و تأجيج الفتن بالتصرفات غير المسئولة و ليعلم الجميع أننا كلنا أقباط. من مؤسسي حزب الوسط