في الساعات الأولى من صباح يوم أمس، وقعت مذبحة مروعة على طريق بلبيس القاهرة الصحراوي.. حيث قُتل 25 مصريا، وأصيب 25 آخرون، في حادث مرور .. قالت التقارير الصحفية إنه بسبب "الشبورة" عدد القتلى في حادث بلبيس المروري، يفوق عدد الضحايا في تفجير "القديسين" الإرهابي.. ومع ذلك اغلق الملف بنقل الجثث إلى مشرحة مستشفي بلبيس العام، وبتأشيرة صغيرة تُصرح بدفن الضحايا.. وبعدها لا حس ولا خبر! بعد حادث "القديسين".. قامت الدنيا ولم تقعد.. ولكل وجهته وقبلته وإمامه الذي يعمل على خدمته.. فيما أحيل ملف قتلى بلبيس إلى أضابير الأرشيف الرسمي للدولة، بتأشيرة ربما تكون صادرة من "معاون نيابة".. قد يكون أيضا لا يزال قيد التدريب! لا نريد القول هنا إن الإحساس بحجم الكارثة قد بات على "الهوية" ومن منطلق "الفرز الطائفي".. وإنما ما هو مستقر على سبيل اليقين، هو تبلد الإحساس النخبوي المصري، وارتهانه للبزنس السياسي والحقوقي.. والانفعال فقط لما يمكن أن يكون "سبوبة" تدر عليه ما ينعش الجيوب ويميت القلوب ويحيلها إلى "خرابة" لا تلين إلا للمال الحرام. دماء المصريين لم تعد واحدة.. صنفت إلى "دماء ملكية" تهتز لأجلها عرش مصر، وأخرى "بنت ستين كلب" لا تستحق إلا خبرا هامشيا في صفحة داخلية بجرائد لا يكاد يسمع عنها أحد! حادث بلبيس هو الأسوأ.. لأنه وكما قلت يوم أمس إذا كان هجوم "القديسين" ارتكبه إرهابيون.. ولا نتوقع من الإرهابيين إلا المذابح الجماعية بلا تمييز.. فإن مذبحة بلبيس تورطت فيها الدولة بإهمالها.. وترك الطرق بلا رقابة واختفاء رجال المرور في الساعات الأولى من الصباح ولا يظهرون على الطرق وفي الميادين إلا بعد ان تلسع رؤوسهم الشمس.. وتكون الكوارث قد وقعت ووردت الجثث إلى المستشفيات بلا أرقام او أسماء! فإذا كنا قد غضبنا لمقتل مصريين أمام كنيسة "القديسين" فلم لا نغضب عندما يُقتل مواطن مصري من الإهمال على الطرق أو في المستشفيات أو بالسقوط في "بلاعات" الشوارع غير المغطاه أو صعقا بالكهرباء من كبلات اعمدة الإنارة المكشوفة.. أو انتحارا هروبا من الفقر والجوع والمرض والبطالة والإهانة في دواوين الحكومة.. أو قتلا من التعذيب في مقار الشرطة؟! المصريون دم واحد.. ومن العته والتخلف العقلي أن يكون غضب النخب السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية وانفعالاتها و"حمقتها" واصطناع الحزن والألم.. من الفضيحة والعار أن يكون على "الهوية" وعلى "الفرز الطائفي". [email protected]