لا تنمية بدون تعليم.. هكذا علمتنا التجارب الناجحة للدول المتقدمة فى العالم، فلا يمكن لأى دولة أن تتطور أو تنمو أو تكون فى مصاف الأمم الرائدة بدون تعليم مرتكز على أسس علمية سليمة. فالدول لا يمكن أن تتقدم فقط بالإقتصاد أو بقوة السلاح أو بالمخزون النفطى التى تمتلكه.. والتعليم هو الوصفة السحرية للقضاء على أى أزمات تواجهها أى دولة، والحل الأمثل لبناء دولة عصرية، وهو أقوى سلاح فى القرن الحادى والعشرين . أسعدنى كثيراَ أن يعلن الرئيس عدلى منصور أن التعليم هو المشروع القومى لمصر فى المرحلة المقبلة، من خلال تغيير المنظومة التعليمية، لتستوعب أحلام وطموحات المجتمع، ومبادئ ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ،من خلال التركيز على عنصرين إلى جانب تطوير التعليم بشكل عام، وهما محو الأمية، وتطوير التعليم الفنى، لبناء اقتصاد مبنى على الصناعة، بدلا من اقتصاد مبنى على الموارد، وهو الاقتصاد الحالى الذى لا يحقق الرخاء. فحال التعليم فى مصر لا يسر عدو ولا حبيب، فهو غير مستوعب للتطور التكنولوجى الذى يحدث فى العالم،وغير مرتبط بسوق العمل ولا بالمتطلبات التنافسية له ،وقائم على الحفظ والتلقين بدلاَ من الإبتكار والإبداع، والنتيجة هى تخرج الآلاف من الشباب كل عام بدون أى استفادة حقيقية منهم لينضموا الى طابور العاطلين والباحثين عن عمل!! فكم وزيراَ للتعليم أو للتعليم العالى جاءوا خلال العشرين سنة الماضية؟؟ بالتأكيد الكثير، كل وزير يأتى بوعود براقة واستراتيجية لإصلاح احوال التعليم وخطة لجعل مصر على مصاف الدول المتقدمة علمياَ وفى النهاية لا شىء يحدث ويبقى الحال كما هو عليه الا أن يأتى الوزير التالى ...الخ حتى أن القيادات السياسية المتعاقبة لمصر لم تهتم بقضية التعليم والبحث العلمى كثيراَ ولم تجعله على رأس اولوياتها وكأنها راضية بما وصل اليه حال التعليم، مما أدى ذلك الى تدهور المنظومة التعليمية بأكملها ، ولاسيما أحوال المعلم – الذى كاد ان يكون رسولاَ – واتجاهه الى اعطاء الدورس الخصوصية لتحسين أحواله المعيشية والمادية. يكفى أن نشير الى أنه لا يوجد جامعة مصرية ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم اللهم الا لمدة سنة واحدة تقريباَ، فى حين أن كل سنة لابد من وجود جامعة على الأقل من اسرائيل ومن دول اخرى أقل تقدما من مصر فى هذا التصنيف. ومجرد تفكير القيادة السياسية الإنتقالية بموضوع التعليم وجعله على رأس اولوياتها واعتباره المشروع القومى لمصر فهذا ربما يعطى بارقة أمل لغد أفضل ، ولمستقبل مشرق لهذه الوطن الذى يستحق من ابناؤه الكثير. فالتعليم هو بلا أدنى شك قضية أمن قومى لمصر، وهو المعركة الحقيقية لهذا الوطن بكل قطاعاته وكل فئاته وكل مؤسساته ،ويجب حشد كل الجهود والإمكانيات المادية والبشرية لخوض هذه المعركة التى لا بد فيها من الإنتصار واللحاق بركب الدول المتقدمة والقوية ، والا – لا قدر الله – سوف نرجع عشرات السنين للوراء. لقد كان للمصريون مشروعا قوميا أيام حكم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر اصطفوا ورائه وهو مشروع السد العالى الذى كان رمزا للكرامة المصرية وعزتها، ومن بعده جاء الرئيس انور السادات وتوحد المصريون مرة أخرى خلفه لخوض الحرب والإنتصار، وجاء عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وقضى المصريون 30 عاماَ بلا أى هدف أو أى مشروع قومى، وقد جاءت اللحظة التى يتوحد فيها المصريون من جديد وينحنون خلافاتهم السياسية والإيديولوجية من أجل تحقيق أهداف المشروع القومى الجديد الا وهو التعليم ليكون قاطرة العبور الى المستقبل.