بينما كنت أتجول في إحدى محلات لعب الأطفال بحي المهندسين، لاحظت عدم وجود أي لعبة عربية، أو أي قصة عربية. فجميع الأرفف مملوءة بشتى الأنواع والأصناف من اللعب والقصص الأجنبية...ولا عزاء لما هو عربي. بصراحة...كاد الغيظ أن يفتك بي، فبدأت أجز على أسناني حتى ذهبت إلى البائع أسأله في ضيق واستنكار:" أين ما هو عربي في وسط كل هذه الأرفف؟ ألا تبيعون قصة عربية واحدة؟ هل هذا معقول؟" رد علي البائع – والأسف يملأ وجهه – قائلاً: "إن هذه السلع لا تلقى رواجاً، ولذلك قمت بتخبئتها في الأدراج". ثم أضاف متحسراً: "هل تتخيلين أن هناك أماً مسلمةً جاءت إلى هذا المحل توبخنا على بيعنا لقصص الأنبياء على اعتبار أنها – من وجهة نظرها – تروج للعنف والإرهاب لدى الأطفال؟؟؟" بصراحة صدمتني العبارة...وسألت نفسي: هل وصلنا إلى هذا الحد من انعدام الوعي والفكر؟ هل صرنا نتحدث بلسان الأمريكان إلى هذه الدرجة؟ حينئذٍ أدركت فقط كيف كسبت الولاياتالمتحدة "حرب الأفكار" مع المسلمين؛ وكيف أدخلت إليهم الأفكار المبتغاة التي تشككهم في هويتهم ومعتقداتهم؛ فتصور لهم قصص الأنبياء عنفاً وإرهاباً. والسؤال المطروح هنا: ماذا ننتظر من هذا الجيل إذا كان يتربى على أيدي مثل هؤلاء الأمهات؟ وجدت نفسي أتحدى هذا الموقف قائلةً للبائع في إصرار: "أريد أن أشتري قصص الأنبياء؛ فإذا كانت هذه القصص لم ترق لتلك الأم ولغيرها، فهي تروق لي لأني ما زلت مؤمنة بأنها قصص المثل والمبادئ والقيم". اللهم دم علينا هذا الإيمان، ولا تفتنا بما يزينه لنا الأمريكان.