الاستثمارات العالمية في تحول الطاقة تصل إلى 2.4 تريليون دولار أمريكي    روسيا تسجل نموا ملحوظا في واردات اليوسفي من المغرب    انعقاد 8 لجان وزارية وعليا بين مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس وسويسرا والعراق وأذربيجان والمجر    الجامعة العربية تدين بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على بلدة بيت جن السورية    لبنان يتقدم بشكوى ضد إسرائيل    المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات تتفقد مخازن المساعدات اللوجستية في العريش    بلجيكا تعارض مقترح الاتحاد الأوروبى لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا    انطلاق معسكر المحاضرين ومعدى اللياقة البدنية للحكام تحت إشراف «فيفا»    "الخطيب" يُكلف المستشارين القانونيين للأهلي بالانضمام إلى فريق الدفاع عن رمضان صبحي    يورجن كلوب المنقذ .. ماذا حقق الساحر الألماني مع ليفربول ؟    تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس وانخفاض جديد فى درجات الحرارة.. اعرف التفاصيل    شاهد عيان في حريق استديو مصر: تم إخلاء المنازل وجراج سيارات    حريق ستوديو مصر يلتهم ديكور مسلسل الكينج لمحمد إمام    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة    ما حكم إخراج الزكاة بناء على التقويم الميلادى وبيان كيفية ذلك؟ دار الإفتاء تجيب    «الرعاية الصحية» توقّع 9 مذكرات تفاهم لتعزيز الشراكات الدولية وتطوير الخدمات    الصحة: جامعة حلوان تشهد حملة مكثفة للتبرع بالدم استمرت أسبوعًا كاملاً    بيلاي: صرخة العدالة تتصاعد.. والعدالة الرقمية تبرز مع اتساع فجوة عدم المساواة    اندلاع حريق فى ستوديو مصر بالمريوطية والحماية المدنية تحاول السيطرة.. صور    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    بمشاركة 23 فنانًا مصريا.. افتتاح معرض "لوحة في كل بيت" بأتيليه جدة الأحد    حزب الجبهة الوطنية بالجيزة يستعد بخطة لدعم مرشحيه في جولة الإعادة بانتخابات النواب    تجهيزات خاصة وأجواء فاخرة لحفل زفاف الفنانة أروى جودة    مهرجان شرم الشيخ المسرحى يحتفى بالفائزين بمسابقة عصام السيد للعمل الأول    ضبط سائق نقل يهدد قائد سيارة أخرى بسبب التصوير أثناء السير برعونة بالقليوبية    مصرع 3 شباب في انقلاب سيارة ملاكي بترعة المريوطية    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    مبابي يتحدث عن استقبال ثلاث أهداف أمام اولمبياكوس.. هناك خطأ ما    كورونا أم أنفلونزا.. مسئول المصل واللقاح يكشف ترتيب انتشار العدوى التنفسية |فيديو    لتغيبهما عن العمل.. إحالة طبيبين للشؤون القانونية بقنا    محافظ سوهاج: إزالة 7255 حالة تعدى على أملاك الدولة والأراضي الزراعية    تفريغ كاميرات المراقبة بواقعة دهس سيدة لطفلة بسبب خلاف مع نجلها بالشروق    أحمد الشناوي: مواجهة بيرامديز ل باور ديناموز لن تكون سهلة    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا إلى 84 شخصًا    الصحة: فحص نحو 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأردني تطورات الأوضاع في غزة    انقطاع الكهرباء 5 ساعات غدًا السبت في 3 محافظات    أسعار البيض اليوم الجمعة 28 نوفمبر    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 28- 11- 2025 والقنوات الناقلة    "العمل" تجري اختبارات للمتقدمين لمهنة «عامل بناء» بالأردن    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    البترول: مجلس المعادن الأسترالى يبدى اهتمام بالتعاون الفني في قطاع التعدين    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    الشرع يدعو السوريين للنزول إلى الشوارع في ذكرى انطلاق معركة ردع العدوان    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل سنغسل بالذل حد السيف؟
نشر في المصريون يوم 31 - 12 - 2010

مرت قبل يومين الذكرى الثانية لمجزرة غزة أو محرقتها أو سكب الرصاص عليها، تعددت الأسماء وفعل القتل واحد، لا جديد إن لم يحفل الإعلام العربي بها، يكفي تنويه إعلام العالم الحر عنها، لا جديد إن لم تحرك ساكنا فينا، يكفي تحرك شرفاء العالم لها، لا جديد إن قذف بعض القراء بالصحيفة والمقال وصاحبه جانبا، كثيرون يعتبرونه حديثا معادا لا طائل منه، حديث من لا موضوع لديه. منذ أن طُمس علي أعيننا بقضايانا الداخلية الصغيرة، ومنذ تخلينا عن فلسطين كقضية مركزية، منذ ران علي فكرنا أن دولنا القطرية تأتي أولا وليأت الطوفان بعدها، مذ ذاك ونحن ندور في حلقات مفرغة تدور فيها الدوائر علينا، وهاهو الطوفان وصل إلينا ومزق دولنا شر ممزق.
فلسطين باعها أهلها قبلنا، هكذا قال السفهاء منا، ولما أفقنا علمنا أن ضياع فلسطين أضاعنا، تنبه من ظن أن حدود فلسطين هي القضية فإذا باليهود يشاركونه لقمة عيشه وفراشه وأحلامه. منذ بداية الصراع قيل لنا أن الخنجر المصوب للخاصرة سينفذ إلي القلب، قلب العروبة النابض، ولم نصدق، منذ البداية حُذرنا أن النصل سيبلغ مداه عرين الإسلام الرابض، ولم نصدق، ها نحن وبعد فوات الأوان، نوقن أن فلسطين كانت بداية الصراع وأن نهايته لم تأت بعد، ولن تأتي حتى يكتمل النصاب وتصبح (إسرائيل) داخل الأبواب. ليس هذا جلدا للذات، هذا شيء فات أوانه وترف مضى زمانه، وليست هي دعوة لإحياء ذكرى تتكرر فصولها كل يوم، بل دعوة للعودة إلي العقل.. عودة إلي الأصل.. أصل القضية، لا سبيل سوى تقديم المقاومة علي ما قدمناه من تنازلات مهينة، ليس سوى عودة للسيف وإعداد رباط الخيل، فهل بالإمكان صقل سيوفكم الصدئة القديمة؟
سيقول المترفون من الأعراب هذه دعوة للانتحار، أو لنحر الفلسطينيين الذين لا قبل لهم بآلة (إسرائيل) الحربية، سيقول المرجفون في المدينة هذه مزايدة ودعوة لمقاومة عبثية عدمية، فمن يده في النار ليس كمن يده سليمة، وأنه يكفي ما عانى الفلسطينيون من قتل وتشريد وهزيمة. أقول لهم لم يهزم أحد هناك إنما أنتم هنا سر الهزيمة، لم يشتكي أحد هناك إنما أنتم من تباكيتم وتنازلتم عن حقوقكم ونصبتم أنفسكم أوصياء علي فلسطين الأبية، كل حروبكم كانت لحماية حدودكم، وحرب واحدة لأجل فلسطين لم تشنوها فكفاكم هزيمة، قبل السؤال عن استعداد المقاومين اسألوا أنفسكم عن مدى استعدادكم أنتم لمقاومة الذل داخل أنفسكم السقيمة. قال شاعرنا قديما أصبح الآن عندي بندقية إلي فلسطين خذوني معكم، وأقول لكم جوزيتم، بالأحرى خسئتم، فأجلسوا، دعوا الفلسطيني يحمل عبء القضية.
وإذا صح ما رشح عن نية الرئيس الفلسطيني تقديم استقالته، فما أشبه الليلة بالبارحة، ما أشبهه بأيام حرب 67م، يوم أنهار كل شيء وفكر حينها المسئول عن النكسة في الاستقالة فأعادته جماهيره إلي تحمل المسؤولية وتصحيح خطئه، وهذا ما حدث، وهذا ما ينبغي علي الرئيس الفلسطيني فعله. نعم، من الظلم مقارنة الظرفين وموقف الرجلين، ذلك وجد من وقف معه في الخرطوم وشد أزره، وهذا لا أحد معه بعد أن فرط فيما لديه ووثق بمن لا يستحق من صحبه. لكن برغم هذا يظل بيده فعل الكثير، بيده أن يصبح عظيما علي صفحات التاريخ بدل أن يذكر علي صفحاته ذليلا، عليه قبل الذهاب إلي هيئات العالم ومجلس أمنه العودة إلي شعبه، الالتفات لداخل الحدود قبل التوجه لخارج الحدود، قبل مطالبة الأمم المتحدة الاعتراف بدولته عليه سحب اعترافه بمن لم يعترف به ولا بدولته، بدلا من الزعم بعدم الرهان علي أمريكا مجددا عليه التخلص من الارتهان لها أولا.
لم يعد لديه ما يخسره، وهناك الكثير مما يمكن أن يقدمه، والسؤال لم يعد هل يمكنه ولكن هل يرغبه؟ يمكنه التخلص من عملاء (إسرائيل) داخل سلطته، يمكنه إقالة المنتفعين من إدارته، يمكنه إعادة شرفاء فتح الذين ابتعدوا بتأثير من سطوته، لكن قبل كل هذا عليه إلغاء التنسيق الأمني والقضاء علي عملاء جنرال دايتون في ضفته، عليه التنسيق بل الالتحام مع رجال مقاومته، عليه مصارحة شعبه الذي لم يعد لديه هو الآخر ما يخسره بعد خسران الشهداء والأرض والسلام ويكاد أن يخسر قضيته. علي الرئيس الفلسطيني أن يجيب علي سؤال هو الوحيد القادر علي إجابته، هل يمكنه تغيير جلده، هل يمكنه خدمة شعبه، ولا جواب هنا سوى بنعم أو الإسراع بتقديم استقالته. شعب فلسطين لن يعدم شريفا يقوده، شعب الجبارين قادر علي فرض إرادته إذا تخلص من قيود قادته، وكف عن مشاورة عربان الهامات القزمة الضئيلة إذا قيست بقامته.
كل الحلول تم تجريبها، التفاوض مضيعة للوقت، الذهاب لمجلس الأمن حيث الفيتو الأمريكي مضيعة للجهد، حتى حل السلطة صار مزايدة ومناورة مكشوفة، لا حل سوى ما برهنه التاريخ علي مر العصر، ما أخذ بالسلاح لا يسترد بسواه، كل تفوق (إسرائيل) لن يكسبها حربا إذا كان الشعب هو من تحاربه، هذا ليس قول متحمس فلسطيني أو قول مندفع مثلي، هو قول الصهاينة قبلي، بن اليعازر، وزير في حكومة العدو الحالية، حذر من اعتراف العالم بما فيه أمريكا بدولة فلسطين إن تحرك العرب بجدية، وصار يستجدي حكومته العودة للمفاوضات وإن بتجميد مؤقت للاستيطان. وقف التفاوض يعني عزلة (إسرائيل) دوليا وهو ثمن لا تستطيع أن تدفعه، لأنه يسلبها تعاطف العالم الذي مكنها مما تفعله، فهل سنعود نلهث خلف عظمة تجميد مؤقت ونترك مائدة للمقاومة تجبر (إسرائيل) علي إعادة ما سلبته؟
• أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.