بمناسبة ما حدث مع حزب الوسط في الأيام الأخيرة أمام محكمة الأحزاب ، وقيام إحدى جهات الدولة بالضغط على الأقباط السبعة المؤسسين للانسحاب من الحزب وتقديم تنازلاتهم للجنة الأحزاب ، التي قامت بدورها بطلب فتح باب المرافعة من خلال محامي الحكومة المعروف باسم (هيئة قضايا الدولة) بعلة أن بعد انسحاب المؤسسين الأقباط السبعة أصبح الوسط حزبا دينيا وهو ما يخالف الدستور والقانون بحسب زعم لجنة الأحزاب وتابعها هيئة قضايا الدولة(محامي الحكومة) أقول بمناسبة هذا الذي جرى : أردت أن أناقش في مقال اليوم حكاية الحزب الديني .. تلك الفزاعة القديمة والمفتعلة التي طالما استخدمها أنصار الطغيان ومحبي التسلط . لقد أكدنا من قبل وأوضحنا مرارا وتكرارا مسألة تعريف الحزب الديني ، فالحزب الديني هو واحد من شكلين : الأول أن تكون العضوية فيه لأبناء دين واحد مشترطا ذلك في عضويته ، كأن تكون العضوية فيه للمسلمين فقط أو للمسيحيين دون غيرهم . والشكل الثاني للحزب الديني هو أن تكون الرؤية الفلسفية فيه لرجال الدين بالمفهوم المسيحي أو علماء الشريعة بالمفهوم الإسلامي .. كأن يكون مثلا رئيس الجمهورية في مصر هو شيخ الأزهر والمفتي هو رئيس الوزراء !! . وذلك رغم أن كثيرا من دول العالم يوجد بها أحزاب دينية بهذين الشكلين .. مثل الأحزاب اليهودية في إسرائيل والحزب الهندوسي في الهند .. ورغم ذلك لم يعترض عليها أحد من الغرب أو الحكومات العربية أو النخب العلمانية .. ولم يصنفها أحد على أنها أحزاب دينية !! . غير أن تجربة حزب الوسط وغيرها من التجارب المشابهة قامت على أساس أنه حزب مدني ذو مرجعية إسلامية ، وأكدنا في برنامج الحزب على هذه النقطة تحديدا وعلى ترسيخ مفهوم المواطنة وفتحنا باب العضوية على أساسها لكل مواطن مصري يقبل ببرنامجنا ورؤيتنا الحضارية للإسلام .. وأكدنا كذلك على شكل الدولة والقائمين عليها .. بأن تكون دولة مدنية يحكمها مدنيون متخصصون في الحكم والإدارة والاقتصاد ...... الخ .. لكن في إطار مشروع سياسي حضاري إسلامي ، وهذا هو أساس الأحزاب المدنية (غير الدينية وفق التعريف السابق) . وقد شارك معنا في تجربة الوسط من أول يوم شركاء أقباط يقبلون بفكرة المشروع الحضاري العربي الإسلامي ، بل وشاركونا مع آخرين في تأسيس جمعية فكرية ثقافية هي (جمعية مصر للثقافة والحوار) التي يرأسها المفكر الإسلامي الكبير الدكتور "محمد سليم العوّا" .. وكان منهم أعضاء في مجلس إدارة الجمعية مثل الدكتور رفيق حبيب والأستاذ هاني لبيب .. وحين سعينا لتأسيس جريد مستقلة كشركة مساهمة منذ عام 1997 باسم "المستقبل" قبل أن تظهر إلى النور "جمعية المستقبل" كان معنا من مؤسسي الجريدة عددا من الأصدقاء الأقباط .. ما نريد قوله في النهاية أن حزب الوسط كفكرة إسلامية مدنية سعى من خلال الفكر ومن خلال الممارسة إلى تأسيس مفهوم المواطنة وتطبيقه على أساس العدالة والمساواة ، ولو أن حزبا قام من المصريين أيا كان انتماؤهم الديني ونص على أن عضويته للمصريين جميعا ، فلا يكون حزبا دينيا حتى لو كان كل أعضائه من دين واحد ، وهذا هو التفسير القانوني والمنطقي وليس التفسير التآمري الذي تسعى إليه لجنة الأحزاب ومن هم على شاكلتها. والحقيقة أن الموضوع ليس الحزب الديني أو غيره ، فالموضوع هو الرغبة في استمرار الجمود واحتكار السلطة وعدم الاقتناع بالتحول الديمقراطي والتعددية .. ولكن الحجج يجب أن تكون بمسميات أخرى مثل نكتة الحزب الديني !!. E. mail: mady@ alwastparty.com