التأزيم الجاري على خلفية المحكمة الدولية واندفاع الجنرال عون لإشعال الفتنة السنية الشيعية و خاصة تصريحه من فرنسا بان حزب الله يستعد لحملة عنيفة ضد بيروت السنية ليس مفاجئاً من حيث خطاب التيار العوني وقيادته وشخصية الجنرال عون لكنّه حمل إضافة في قضية التوقيت وتقدم الجنرال عون في هذه الدورة من الاحتقان الطائفي الشديد للواجهة من حيث أنّ نقله لتهديد حزب الله هو من باب الاندماج السياسي في الموقف وليس كتحذير مستقل خاصة بأنّ قرار تعطيل المشاركة تقدم فيه الجنرال عون قبل حزب الله ورغم وضوح قوة التنسيق وتوزيع الأدوار بين حزب الله وحركة أمل من جهة والتيار العوني إلا أنّ أحاديث بيروت القديمة والجديدة في ربط تَحفّز الجنرال عون ضد الحالة السنية تعيد التذكير بما طُرح ويُطرح قديماً في تصوّر الجنرال عون الاستراتيجي في قضية إزاحة الرابط العروبي للبنان عبر إيمانه - بفكرة تحالف الأقليات – . وليس هذا التوجه العوني مع حالة تيار المستقبل فقط بل مع كل العلاقة الوجودية العروبية التي واكبت خطاب وتوجهاته العديدة في فكرة تحالف الأقليات ضد التكتل العربي الإسلامي وما يعتبره عون من خطورة زحف الحالة الإسلامية السنية للبنان في أوساطه وأطرافه والتي يرى فيها بان لا سبيل لمواجهتها إلا بفكرة تحالف الأقليات الطائفية ضد الحالة العربية الإسلامية لتحجيمها وتفكيكها لنجاة هذه الأقليات واستعادة النفوذ القديم المرتبط بعهود دينية مسيحية قديمة وبأوروبا المعاصرة من جهة ثانية . وسنناقش لاحقاً هذه الفكرة هل هي صحيحة كما يطرحها وهل ستؤدي بالفعل إلى ما طرحه الجنرال عون وأعاد التذكير به في الشهر الماضي فارس سعيد أمين قوى ال 14 آذار في معرض رفضه لهذا التوجه وذلك في برنامج سحر الخطيب الحد الفاصل وما يعنينا في هذا التصريح من فارس سعيد ليس مواقف 14 آذار المندفعة في اتجاه سلبي أيضاً لكنها الرسالة السياسية الطائفية الضمنية التي ذكر سعيد أنّ الجنرال عون وجهها مجدداً إلى الفرقاء المسيحيين مؤخراً في أجواء التصعيد الحالي ضد سعد الحريري ومجمل الحالة السُنيّة وهي متصلة بفكرة خطابه العلني عشية السابع من أيار واجتياح حزب الله لبيروت السنية والتي قال فيها في مؤتمره الصحفي أنّ الحزب قد أعطاه ضمانات بأنه لن يتعرض للمناطق المسيحية وان المفاعيل العسكرية موجهة فقط إلى بيروت السنية ومنتسبيها . فيما يذكر فارس سعيد أنّ الرسالة التي يتداولها المسيحيين كتوجه للجنرال عون في الأزمة الحالية هي ضرورة خروجهم من أي حالة تقاطع أو تضامن أو اصطفاف مع الحالة السنية مجملا وسعد الحريري خصوصا , حتى تنتهي آثار المواجهة العنيفة الحاسمة بحسب رؤية الجنرال عون فيتخذ مسيحيي 14 آذار موقفا من خلال التواصل مع دمشق بعد الحسم العسكري لحزب الله تجاه الحالة السنية أو من خلال جسور الجنرال عون مع حزب الله والمستقبل السياسي الجديد الذي سيُعيد تشكيل النفوذ السياسي ببعده الطائفي للقوى المنتصرة أي الائتلاف الشيعي وحلفائه وبالتالي فكرة الجنرال عون الرئيسية في انتصار تحالف الأقليات وبناء الشراكة المسيحية على هذه القاعدة بعد عزل لبنان عن الغالبية العربية في المنطقة وتحجيمها داخله . وتبدوا الفكرة مثيرة كسيناريو - بلي ستيشن - مغرية للتنفيذ للجنرال عون لكنها كواقع سياسي في وادي الحرائق المحيط تختلف تماما عن تصورات الجنرال عون وسنناقش تصوراته عن باقي العلاقة بين أركان اللعبة وعلاقة تحالف الأقليات مع دمشق ومع تل أبيب ومع أوروبا المسيحية كيف ستجمع الصورة , لكن للإنصاف فان ذات المشروع أي تحالف الأقليات هي أيضا تصور وليد جنبلاط الجديد أو جنبلاط الحالي حتى نكون دقيقين سوى أن جنبلاط يرى أن هذا التحالف قد يحقق هدفه بالعنف المخملي لا العسكري مع الحالة السنية ويراهن جنبلاط على نجاح استدراج نظام دمشق الذكي والمتمرس في الحالة اللبنانية لقاعدة س س والعلاقات العربية الرسمية وتأثيراتها في الداخل لتنتهي إلى تحقيق معادلة انتصار الأقليات دون تفجير الداخل .