يدرك الجنرال عون أنّ حالة المواجهة العسكرية بين حزب الله وبين تل أبيب في تراجع مستمر بنفس القدر الذي يدرك فيه بان الحزب لا يمكن أن يخفّض من حملة الحرب الإعلامية لإضفاء أجواء المواجهة مع تل أبيب للتغطية اللوجستية المهمة لقضية تغيير الاستحقاق التوازني المطلوب من الائتلاف الطائفي الذي ذكَره الرئيس بري في ظل انغماس متزايد للحزب في المواجهة الطائفية تحت سقف مواجهة المحكمة الدولية أو غيرها إضافة إلى حرج حزب الله المتزايد من أن قوى الغالبية السنية للمقاومة الثلاثية المنضبطة المتمثلة بحركة حماس وتحالف المقاومة الإسلامية الوطنية العراقية وحركة طالبان في المشرق الإسلامي وصعودها القوي والاستراتيجي والذي تواجهه إيران شراكة مع الغرب في قُطرين العراق وأفغانستان وهو ما يُشكّل حرجاً معنوياً كبيرا على الحزب ودوره الطائفي الجديد لذلك يدعم الجنرال عون حالة الاستدعاء الإعلامي بين حزب الله وبين تل أبيب وان تراجعت فرص الحرب كثيرا , من هنا يبدوا تصور الجنرال عون لفكرة قناعة تل أبيب الاضطرارية أو الاختيارية لانتصار تحالف الأقليات بعد الحسم العسكري ضد السُنّة باعتباره تأميناً إضافيا لتأجيج الصراع الطائفي المهم لتل أبيب وهو ثانيا يحمل ما يشترك الجنرال عون مع تل أبيب فيه من خشية وصول الامتداد الفكري لأضلاع المقاومة الثلاثية للغالبية إلى الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة , ولا بد هنا من التذكير بعلاقة العميد كرم المتهم بالعمالة لإسرائيل بالقضية. أمّا الطرف الآخر أي دمشق فهي هنا في منظور عون الأقلية الطائفية الحاكمة للنظام في دمشق وليست سوريا التاريخية العربية واعتقاد الجنرال عون وان لم يكن واضحا أسباب اندفاعه الشديد له لكنه متصل بان هذا الاندماج الإيراني السوري في لبنان يحتاج إلى توازن مسيحي يملئه الجنرال عون وتياره سواءً في موقع الرئاسة مستقبلا في بعبدا أو في فكرة تحالف الأقليات وتوازناتها التي تشغل الجنرال عون ويرى فيها وفقا للتاريخ القديم لصراع دمشق وتصفيتها للمقاومة الفلسطينية والحراك الاجتماعي اللبناني المندمج معها في قالب الغالبية والتحالف القومي القديم رهانا يؤسّس على بعد التوازن للأقليات أمام الغالبية العربية المقلقة استراتيجيا للجنرال عون كعمق استراتيجي تاريخي ومستقبلي وليس في حالة تيار المستقبل الهش والمتصدع عند أي مواجهة . وخاصة بان الجنرال عون قد التقط جيداً رسالة المشهد العراقي الأخير التي بُعثت أمام العالم باتحاد قوي بين دمشق وطهران المتحدة مع واشنطن في السيناريو الأخير الذي أعاد اللعبة إلى المربع الأول في العراق وهو تشكيلة بريمر في صفقة اربيل الجديدة وهي ذاتها تنطلق من ذات التصور أي تحالف الأقليات الذي رُعي ودعم إيرانيا وأمريكيا باحتلال عسكري فيما لا يحتاج هذا الأمر إلى احتلال في لبنان بل هو يُنفّذ كتوازن شامل بين المحورين الآن ويُعتبر الجنرال عون شخصه وتياره رهان توازن مهم لهذه التقاطعات شرط تصفية أي مكون امتدادي للغالبية العروبية في المنطقة مع لبنان . هذا التحليل يجيب على التساؤلات التاريخية عن رهانات الجنرال عون وتقديراته لشراكة المشروع المسيحي مع البناء الطائفي في الاتجاه الآخر الذي بات بحسب تصريحات الجنرال عون وحماسته الأخيرة والقديمة يتجه للحسم العسكري مع الحالة السُنيّة لضمان تحقيق الانتصار الاستراتيجي لتحالف الأقليات والحسم العسكري هنا سواء انتصر مرحليا أو تطور لمرحلة اشتباكات واسعة فهو يعني مسمى واحد حرب أهلية طائفية , وسنناقش غداً فرضيات الجنرال عون وآخرين يشاركونه من خارج المسيحيين البرتقاليين .