رغم انطلاق بطولة كأس الخليج أو "خليجي 20" باليمن في الثاني والعشرين من نوفمبر الحالي، ولعب عدد من المباريات، إلا أن الهواجس الأمنيَّة لا تزال موجودة بقوَّة الأمر الذي يشكِّل تحدِّيًا جديدًا لليمن بعد تحدي القاعدة والحراك في الجنوب، خاصة وأن الدورة ستمتدُّ إلى السادس من ديسمبر القادم، فضلًا عن إقامة جميع مبارياتها في مدينتي عدن وأبين بالجنوب، معقل الحراك والقاعدة. وقد شهدت المدينتان أحداثًا أمنيَّة كبيرة ومتعددة في الآونة الأخيرة، ويبقى السؤال هل ستنجح اليمن في تنظيم هذه البطولة؟ وما يجعل الإجابه على هذا السؤال تتَّسم بالصعوبة هو التباين الشديد في موقف المعارضة اليمنيَّة وتنظيم القاعدة من ناحية وموقف الحكومة اليمنيَّة من ناحية أخرى, فمن جانبها هدَّدت المعارضة متمثِّلة في الحراك الجنوبي بإثارة القلاقل وتنظيم المسيرات والاحتجاجات أثناء هذه البطولة؛ للَفت الأنظار إلى قضيَّة الجنوب، فقد أعلن الحراك الجنوبي أنه "سينفِّذ برنامجًا احتجاجيًّا خلال دورة كأس الخليج لكرة القدم التي ستنظَّم في عدن وأبين للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين الجنوبيين. وأضاف الحراك في بيان له: "إن البرنامج سيبدأ مع برنامج الدورة وحتى السادس من ديسمبر القادم، ويقضي بقطع الطرق المؤدِّية إلى المدن الجنوبيَّة أو المنافذ الحدوديَّة وتنظيم مسيرات في مناطق مختلفة. ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل إن الحراك قال أنه سينظِّم مظاهرة تحمل اسم "المليون" في مدينة عدن، بالإضافة إلى إضراب شامل, كما دعا الحراك إلى مناشدة قادة دول الخليج بإطلاق سراح المعتقلين الجنوبيين في المعتقل الجنوبي، وذلك من خلال رفع صور قادة دول الخليج والتركيز على إطلاق سراح حسن باعوم -القيادي في الحراك- وعدد من رفاقه الذين اعتُقلوا منذ عدة أيام عند مدخل مدينة الضالع على خلفيَّة أمنيَّة. ولا تقلُّ تهديدات القاعدة عن تحديات الحراك الجنوبي، بل تزيد نظرًا لطبيعة الصدام بين القاعدة والقوَّات الحكوميَّة فهي صدمات داميَة، ولا بدَّ أن تسفرَ عن ضحايا من الجانبين، الأمر الذي يكون مثار تهديد أمني حقيقي، ومما يؤكِّد ذلك هو ما قام به تنظيم القاعدة مؤخرًا باغتيال عددٍ من القادة الأمنيين الحكوميين بالجنوب، ومنهم ضباط كبار، وهو ما يتبعه دائمًا عمليَّة أمنيَّة من جانب الأمن اليمني، مما يؤدي إلى وقوع ضحايا جدُد، سواء من المدنيين أو من الفريقين المتصارعين "القاعدة وقوَّات الأمن" وهذا سيناريو متكرِّر كثيرًا في الفترة الأخيرة، وكان يبدو طبيعيًّا، ولكن أثناء هذه البطولة لن يكون عاديًّا؛ لأنه ببساطة، ولسوء الطالع للحكومة اليمنيَّة أن الأحداث الأمنيَّة كلها في نفس المنطقة التي ستقام عليها البطولة، وهي مدن عدن وأبين بالجنوب، وهما ساحتا الصداع طوال الفترة الماضية. وفي الشمال -ورغم البعد الجغرافي نسبيًّا لمنطقة الصداع مع الحوثيين- إلا أن أي أحداث ستقع هناك ستنعكس بالقطع على تركيز الأمن اليمني، وسوف تؤدي إلى تشتيته، وربما يكون هذا أحد التكتيكات لتنظيم القاعدة، ومما يؤكد ذلك ما وقع يوم الأربعاء 24 نوفمبر الحالي من انفجار موكب للحوثيين، مما أدى إلى مقتل 17 شخصًا بمنطقة الجوف، ومن بين القتلى ابن القيادي الحوثي بالمنطقة عبد الله يحيى، كل هذا يؤشر إلى أن الأمور لا تسير في الطريق الذي تتمناه الحكومة اليمنيَّة رغم إدانتها لهذا الحادث، ويؤكِّد على أن المخاطر لا تتوقف على الجنوب فقط، ولكن من الممكن أن تأتي من الشمال أيضًا، رغم هدوء جبهة الشمال منذ عدة أشهر. وعلى الجانب الآخر يعكس الاستعداد الأمني للحكومة اليمنيَّة مدى القلق الرسمي من وقوع أي أحداث، وهذا يظهر جليًّا في عدد القوَّات اليمنيَّة التي تم تخصصيها لحماية هذه البطولة، فقد بلغ عددها 30 ألف جندي يمني بالإضافة إلى عشرة آلاف عنصر أمني سري بلباس مدني، إلى جانب الاستعدادات الأخرى، وعلى رأسها تولي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح رئاسة اللجنة الأمنيَّة، وكذلك اللجنة المنظِّمة للبطولة؛ للإشراف بنفسه والاطِّلاع على آخر الاستعدادات وتبديد أية مخاوف، مؤكدًا على ذلك بقوله: "نواصل الجهود لتهيئة كافة المناخات لإنجاح بطولة كأس الخليج العربي في دورتها العشرين وجعلها حدثًا متميِّزًا يعكس حسن الإعداد والتجهيز والاستقبال وحسن الوفادة وإبراز الروح الحضاريَّة والأصيلة لشعبنا اليمني". وجاءت تصريحات وزير الخارجيَّة اليمني أبو بكر القربي لتصبَّ في اتِّجاه كلام الرئيس علي عبد الله صالح بقوله: "نحن متمسكون باستضافة خليجي 20 وحفظ الأمن فيها، كما أن استعداداتنا الأمنيَّة كاملة وكفيلة بحماية المنشآت الرياضيَّة والفرق المشاركة فيها؛ كون وجود خطط أمنيَّة تم وضعها لذلك" وحاول القربي التقليل من شأن القاعدة وتهديداتها، فقال: إن عدد تنظيم القاعدة في اليمن لا يزيد عن 400 شخص، وإن الإعلام هو الذي يحاول تضخيم حجم القاعدة باليمن، رغم أن التهديد الأمني باليمن لا يزيد كثيرًا عن التهديدات بالدول الأخرى مثل العراق والجزائر وغيرها من الدول، مضيفًا: "ويؤسفنا كثيرًا مسألة التضخيم الإعلامي لوجود عناصر القاعدة في اليمن، والتي تصوِّر البلاد بأنها غير قادرة على أن تنظِّم أي أوضاع أمنيَّة أو أنشطة تجاريَّة أو اقتصاديَّة، وهذا غير صحيح إطلاقًا". وحاول القربي طمأنة دول الخليج تحديدًا؛ نظرًا لمشاركة فرقها في بطولة كأس الخليج باليمن قائلًا: "نُطمئن دول الخليج بأن الأوضاع مستقرَّة في بلادنا، وأن تنظيم القاعدة سيخسر الحرب كما خسرها في دول أخرى. وفي نفس السياق أكَّد وزير الشباب والرياضة اليمني على قدرة بلاده على تنظيم هذه البطولة واستعدادها التام لإنجاحها، قائلًا: إن "المنشآت الرياضيَّة والإيوائيَّة الخاصَّة بالبطولة جاهزة بنسبه 100%، وقادرون على إنجاح هذه البطولة والوصول بها إلى الأمام". ومن جانبه قال وكيل وزراء الشباب والرياضة باليمن وعضو اللجنة العليا للبطولة حسن الشريف أن بلاده قادرة على إنجاح هذه البطولة وخروجها بشكل مميَّز، مؤكِّدًا قدرة وزارة الداخليَّة اليمنيَّة على توفير الأمان لجميع الفِرق المشاركة في البطولة، مشيرًا إلى وصول وفود خليجيَّة أمنيَّة إلى اليمن لرفع تقارير إلى بلادها بشأن حالة اليمن والتي جاءت في صالح اليمن، مؤكدًا على قدرتِه على حماية الوفود المشاركة. ولكن يبقى السؤال هل ستنجح اليمن في اجتياز هذا التحدي الجديد؟ الإجابة ستكون يوم السادس من ديسمبر القادم، وهو اليوم الختامي للبطولة. المصدر: الاسلام اليوم