أعلنت جماعة "الإخوان المسلمين"، التي لم تفز بأي مقعد في الدورة الأولى من انتخابات مجلس الشعب التي جرت الأحد الماضي أنها قد تعلن اليوم قرارها بالانسحاب من الجولة الثانية للانتخابات المقررة الأحد المقبل، احتجاجًا على ما رأته من تجاوزت ضد مرشحيها وعمليات تزوير واسعة النطاق لصالح مرشحي الحزب "الوطني" الحاكم. وقال الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة في بيان تلاه في مستهل مؤتمر صحفي عقد أمس إن "كل الخيارات مفتوحة وسنرجع الى المؤسسات لاتخاذ القرار" بشأن الجولة الثانية للانتخابات. وأكد ان "ما قام به النظام حلقة من سلسلة عدم مشروعيته التي حذرنا منها من قبل، فكل ما بني على باطل فهو باطل، وهذه الانتخابات باطلة في معظم الدوائر الأمر الذي يطعن في شرعية كل ما سيصدر عن هذا المجلس بعد ذلك". واعتبر أن "النظام أصبح هو المعارض الحقيقي لإرادة الأمة ولاختياراتها، رافضًا حقوقها التي كفلها الدستور والقانون، وأصبح يضرب بها عرض الحائط، غير مكترث بحق ولا عدل ولا حرص على الوطن والمواطن،" ورأى أن ما حدث في الجولة من الانتخابات من "تجاوزات وجرائم وإهدار لأحكام القضاء خير دليل على ذلك". واستننكر تدخلات الأمن في مسار العملية الانتخابية، وحذر النظام من أنه باستخدامه ما وصفها ب "عصا الأمن الغليظة هو لعب بالنار، وتصرف غير مسئول، من نظامٍ فاقد للأهلية، وليس لديه أبسط درجات الوعي والحس الوطني"، حسب قوله، وقال إن ما وصفها ب "التجاوزاتِ والجرائم التي ارتكبها النظام، والتي تخطت التزوير والتزييف، وتعدت إهدار أحكام القضاء والتباهي بذلك حتى وصل الأمر إلى الاعتداء على القضاة أنفسهم في بعض الدوائر؛ تعبيرا عن مدى ضعف النظام وارتباكه، وعدم مقدرته على قبول الآخر والتعايش معه، ما دفعه إلى إتباع سياسة ممنهجة لكنها فاشلة لإقصاء جميع القوى الحية في المجتمع، وفي القلبِ منها الإخوان المسلمون". من جانبه، أكد الدكتور محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة أنه سيتم تحديد الموقف من الاستمرار في جولة الإعادة من عدمها اليوم الأربعاء، مشددًا على التزام جماعة "الإخوان" بالقانون والدستور وعدم الخروج عن الشرعية والنضال السلمي مهما كانت العواقب، واعتبر أن ما حدث خلال تلك الانتخابات "يؤكد كذب الافتراءات المؤكدة بوجود صفقة من النظام"، في إشارة إلى عدم دخول "الإخوان" في صفقة معه كما تردد. من جهته، قال الدكتور عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة إن الجماعة غير نادة على قرار اتخذوه بالشورى، مطالبًا النائب العام بالتحقيق في أحداث العنف والبلطجة التي مارسها الحزب الوطني وأنصاره، مؤكدا أن ما وصفه ب "النظام المستبد لن يسقط إلا بفقدان الشرعية القانونية، وأنه لا يوجد نظام مستبد يغتصب السلطة ويزور الانتخابات وفي النهاية يسقط بالانتخابات". وكانت جماعة "الإخوان" أعلنت الاثنين عدم فوز أي من مرشحيها في الجولة الأولى ولكن نحو 25 منهم يفترض أن يخوضوا جولة الاعادة وفقا للمؤشرات الاولية لنتائج عمليات الاقتراع. بدوره، وصف الدكتور محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد، زعيم الكتلة البرلمانية للجماعة في مجلس الشعب المنتهية مدته أن ما حدث "كان كارثة في تاريخ مصر"، وأن الانتخابات "أدارها الحزب الوطني بالاستعانة بالأمن والبلطجية، وهو ما أدي إلي في النهاية أن لا ينجح أحد من الإخوان". وتحدث الدكتور محمد البلتاجي الأمين العام المساعد للكتلة البرلمانية في مجلس الشعب المنتهية مدته أن ما حدث معه من تجاوزات وتزوير أثناء الانتخابات من أجل إسقاطه من أول جولة، ولكنهم فشلوا في ذلك ولجئوا لتزوير النتائج، وأعلنوا خوضه الإعادة ضد مرشح الحزب "الوطني" في دائرة قسم أول شبرا الخيمة. أما الدكتور محمد جمال حشمت القيادي البارز بجماعة "الإخوان المسلمين" فقال في بيان إن "الانتخابات مرت كما كان متوقعا ولم يخيب الحزب "الوطني" ظن الشعب المصري فيه ومارس نفس الممارسات التي اعتاد عليها منذ تقديم أوراق الترشيح حتى يوم الانتخاب مرورا بالدعاية والمؤتمرات اعتمادا على الملاحقات الأمنية وتوظيف المسجلين خطر وأصحاب السوابق بتعليمات أمنية في مطاردة المعارضين والتضييق على حركتهم". واعتبر أن تلك الانتخابات أكدت "غياب الرؤية السياسية لدى الساسة المتحكمين في إدارة دفة البلاد تماما بتمام غياب الحكمة التي صدعوا بها أدمغتنا عند إدارة دفة السياسة الخارجية والتعامل مع أعداء الوطن التاريخيين". ورأى كذلك أنها أكدت أن "الرئيس لا حول له ولا قوة في إدارة دفة البلاد بتكرار وعوده بالنزاهة والشفافية ثم لا يلتزم بها أحد من مرؤوسيه ولم يترتب على تلك الأفعال المشينة والمفضوحة إعلاميا أي حساب أو مسائلة رغم تعدد الجهات الرقابية التي يمكن أن تكون مصدرا لمعلومات الرئاسة بعيدا عن ممارسي ومتخذي القرارات السياسية التي تورط الرئاسة في مواقف مشينة لما يجب أن تكون عليه أعلى مؤسسات الدولة المحترمة وهو مالا يرضاه عاقل لبلده". وانتقد "العصبة المتحكمة في القرار السياسي" والتي قال إنه تسيطر عليها "حالة من الاستخفاف بمصداقية الدولة والتزاماتها أمام مواطنيها بممارسات أقل ما يمكن أن توصف به بالقرارات الصبيانية وهذه الحالة تفقد الدولة احترامها أمام شعبها ومن ثم تلجأ لاستعمال القوة والبطش لعرض مشروعاتها وتنفيذ قراراتها وفرض هيبتها واحترامها". واعتبر أن تلك الانتخابات "أفسدت الفرصة الأخيرة للنظام بمشاركة قوة حية في الشارع المصري ليحوز على الشرعية ويؤكد أن هناك فرصة للتغيير عبر صندوق الانتخابات وهو مكمل لفكرة غياب العقل والمنطق السياسي لديها". وحذر من أن "هذا السلوك يدفع الشعب المصري نحو البعد عن القنوات الشرعية كفرا بالممارسة السياسية واقترابا لدائرة العنف والفوضى وهو ما يثير الشك في غاية النظام وهدفه من التزوير وتيئيس الشعب من الممارسة السلمية". ودعا حشمت إلى عودة جبهة التغيير إلى "التآلف والاتفاق على خطوات المرحلة القادمة لإجبار النظام على هدم الرصه التي سعى لترتيبها بعد أن أصابها البطلان قبل أن تبدأ زفة الرئاسة بفاعليات تهدف إلى تحقيق ضمانات حقيقية قبل أي انتخابات قادمة بما فيها من تعديلات دستورية وقانونية هربا من بطلان انتخابات الرئاسة والفراغ الدستوري المحتمل وقتها". وحثت الجماعة أيضا على إعادة النظر في أواويات المرحلة القادمة وإعداد ما يناسبها من وسائل وآليات وتقييم التجربة الانتخابية تقييما موضوعيا بعد أن حقق الإخوان معظم أهدافهم من خوض الانتخابات في هذا المناخ الخانق الذي يديره مجموعة ممن استنفذوا مرات الرسوب وحان وقت استبعادهم بعد أن أصابوا أغلبية الشعب بالبلادة وأفسدوا أخلاقهم وأفقروهم فصاروا نهبا لرجال أعمالهم وضحايا لرجال أمنهم.