أقرت المواثيق الدولية حق كل مواطن في المشاركة في إدارة شئون الحكم من خلال انتخابات حرة نزيها وذلك ما نصت عليه المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في (1948) وكذلك المادة (25) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة وتقوم الأممالمتحدة بمراقبة الانتخابات العامة في الدول والبلدان الأعضاء بها وفق معايير ثابتة يضمن تطبيقها تحقيق نزاهة وصحة العملية الانتخابية. وتهدف الرقابة إلى التأكد من مباشرة إجراءات الانتخابات بشكل سليم ونزيه بعيداً عن التلاعب والتزوير بأي شكل من الأشكال، وتشمل الرقابة كافة مراحل العملية الانتخابية متضمنة عملية تسجيل المرشحين وعمل لجان الانتخاب والحملات الانتخابية والاقتراع وفرز الأصوات حتى الإعلان الرسمي للنتائج، وذلك بتسجيل وتدوين كافة الأحداث وجميع المعلومات بسرعة ودقة عن طريق مراقبين يتاح لهم ذلك تجربة تامة وشفافية تضمن الإفصاح عن آلية جمع المعلومات. ولقد أعلن النظام المصري رفضه لرقابة الأممالمتحدة على انتخابات مجلس الشعب القادمة ويبرر رفضه بأن في ذلك مساساً لسيادة مصر وتدخلاً أجنبياً في شأنها الداخلي، وهذا الزعم وأن كان قد البس ثوب كرامة الوطن فهو باطل لاحق فيه ويريد النظام من خلاله تحقيق مصلحته الذاتية في الاستمرار في سدة الحكم ويخالف أرادة أغلبية الأمة التي تسعى إلى الإصلاح السياسي وصولا إلى تداول السلطة بالطرق الدستورية السلمية عن طريق صناديق الاقتراع ، ويمكن أن نرد على الزعم بالحجج الآتية:- 1. أن المطالبة برقابة دولية على الانتخابات لا يعتبر تدخلاً في الشئون الداخلية للدولة ولا مساساً لسيادتها ، وهذا القول فيه خلط بين الحاكم والوطن وأن معارضة سياسة النظام أو نقد تصرفات الحاكم أو تقويمه هو خيانة لتراب الوطن وكأن الحاكم اندمج فيه. وهذه المفاهيم لم تعد سائدة إلا في المجتمعات المتخلفة أو النظم الدكتاتورية ، 2. أن الرقابة الدولية على عملية الانتخابات قد أضحت مقبولة لدي الدول الديموقراطية قبل غيرها ، وفي هذا الصدد تشير الإحصائيات إلى أن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي قد راقبت حوالي 150 عملية انتخابية في أوروبا ما بين رئاسية وبرلمانية منذ عام 1990 ، وقد شارك كل من الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة في رقابة الانتخابات الأميركية الرئاسية والألمانية الأخيرة، وكان الهدف من هذه الرقابة هو تثبيت التقليد الدولي بأن الإشراف على الانتخابات يشمل الدول الديموقراطية وغير الديموقراطية. 3. كما أن هناك دولاً عربية وأجنبية عدة قد استعانت بمراقبين دوليين مثل اليمن والجزائر وفلسطين وأوكرانيا و جنوب أفريقيا وبروندي، ومن ثم فإن الرقابة الدولية ليست ببدعة، بل و أن مصر ذاتها أرسلت مراقبين يشاركون في فرق الرقابة الدولية على انتخابات تجرى في دول عربية أخرى. 4. وإذا كان الأمر كذلك فأن الانتخابات التي يجريها النظام المصري من الضروري أن تكون مشمولة برقابة الأممالمتحدة لأسباب كثيرة أخري غير السالف بيانها ومنها الآتي : * أن سجل النظام المصري حافلا في تزوير الانتخابات فقد سبق أن أبطلت المحكمة الدستورية العليا إحدى دورات مجلس الشعب بالكامل، فضلا عما سجلته أخيرا منظمات حقوق الإنسان، ومن بينها المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان من حدوث انتهاكات فاضحة في الانتخابات السابقة . * أن انتخابات مجلس الشعب المقبلة تجرى في ظل قانون حلة الطوارئ وأن النظام والحكومة اعتادا استخدامه لمواجهة خصومهما السياسيين وتزوير الانتخابات دومًا تحت سيف قانون الطوارئ . * أن رجوع النظام عن نظام الإشراف القضائي الكامل على عملية الاقتراع على جميع الصناديق وجعل الإشراف للجنة حكومية في ظل إشراف قضائي فقط على اللجنة العامة وبقيادة أمن الدولة في جو من الإرهاب والاعتقال والتعذيب مما يحرم الناخب والمرشح من كافة الضمانات المؤدية إلي نزاهة انتخابات ويضحى الإشراف الدولي على الانتخابات ضروري وواجب.