عندما توفى نزار قباني، رفض إسلاميون الصلاة عليه!!.. واطلعت آنذاك على دراسة بعنوان "الصارم البتار في دحر الشيطان نزار"!!.. وحينها خرج جثمانه من المسجد المركزي بلندن، من دون أن يصلى عليه. ولا أدري ما هي المكاسب التي جناها الإسلاميون، من مثل هذا "التصرف" مع شاعر كبير له، جماهيرته الواسعة؟! استغل الموقف ووظف في تنظيم أكبر حملة إساءة للتيار الإسلامي، بوصفه " تيارا تكفيريا" لا يعرف الشفقة والرحمة.. وأنه "ظلامي" و"معاد" للإبداع.. واختص لنفسه حق توزيع "الجنة" و"النار" بحسب مزاجه وهواه. نزار.. لم يكن محض شاعر عادي، ولا شخص لذاته، وإنما يكتسب أهيمته من رمزيته واختزاله لقطاعات واسعة من الشعوب العربية، و"تكفيره" أساء إلى مشاعر هذه القطاعات وأوغر صدورها ضد الإسلاميين، وأحالها إلى رأي عام غير متعاطف مع التيار الإسلامي، لا في محنته ولا في صحوته. وعندما توفي شاعر العامية الكبير أحمد فؤاد نجم، ظهرت أيضا تصرفات غير مسئولة، منسوبة إلى نائبة إخوانية سابقة.. وإلى مستشار الرئيس المعزول د. محمد مرسي، وإلى قيادات إخوانية أخرى، وهي "تمن" على نجم، وتعايره، بالمقبرة التي دفن فيها وقيل إنها من مقابر الصدقة التابعة لجمعية خيرية يديرها الإخوان المسلمون. الكلام الذي صدر من النائبة الإخوانية، كان مؤلما لعائلة نجم ولعشرات الآلاف من عشاقه ومحبيه في مصر وفي العالم العربي. النائبة: قالت شتمنا في الدنيا.. وأكرمناه في الآخرة.. وقال آخر، لم يجد قبرا يلمه.. إلا مقابر الجماعة.. وأنه باع آخرته بدنيا غيره.. فضلا عن مشاعر الشماتة في موته، والتي كانت موضع غضب واستهجان واسع النطاق. لا أدري أيضا ما هي المكاسب التي جناها الإخوان من خطاب "المن والأذى" الذي صاغوه لإهانة الرجل والتشنيع عليه، وقد مات.. فيما لا يمكن بحال اعتبار شتم الميت "بطولة" أو "مشروعا نهضويا". نجم مثل نزار.. لن نتحدث عنهما، باعتبارهما "مبدعين" وإنما فيما يحملانه من رمزية جماهيرية مؤثرة.. في وقت تمر فيه الجماعة بمحنة هي الأسوأ عبر تاريخها كله.. وتحتاج فيه إلى التعاطف وليس إلى الخصوم. لن أتحدث هنا عن المسألة في بعدها الإنساني والأخلاقي، رغم أن الجماعة تؤسس مشروعيتها على هذين الجانبين بوصفها جماعة ذات رسالة إنسانية وأخلاقية في الأساس.. وإنما أشير فقط إلى تلك الرسالة بفحواها من الجانب السياسي، خاصة وأن الجماعة الآن غارقة في السياسة أكثر من أي وقت مضى.. فمن يمكن أن يتعاطف مع جماعة سياسية ويأمن عواقب الخلاف معها، بسيطا كان أو كبيرا.. وهو يرى كبراءها وسادتها يتصرفون بلا "إنسانية" مع شاعر في حجم "نجم" بعد وفاته؟! الإخوان هذه الأيام أمام تحدي "وجود " تاريخي.. ولا يعقل بالمرة أن يصدر من قيادات محسوبة عليها، مثل هذه المواقف المسيئة لها ولرسالتها السياسية والأخلاقية. والله زهقنا.. من كتر النصح.. ولكن لن نمله إلى أن يقضى الله تعالى أمرا كان مفعولا.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.