«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر العنصري وازدراء البشر
نشر في المصريون يوم 14 - 11 - 2010

حيث تفرخ العنصرية تنعدم المساواة بين البشر وتتوارى حقوق الإنسان وتقوم العلاقات بين البشر على أسس من الاستعلاء والغطرسة والجور، وهذه أبرز مصادرالاضطهاد والإرهاب والعدوان في العالم..وليس الإسلام كما يزعمون...
ومما يثير الدهشة حقاً أن تتوجه أمريكا بكل قوتها وضغوطها لمحاربة معاهد التعليم الديني في بلاد المسلمين بحجة أنها مراكز لتخريج الإرهابيين الكارهين لغيرهم من البشر، بينما تتجاهل معاهدها التعليمية التي تكرّس الفكر العنصري وتمارس إزدراء البشر والتمييز العنصري ممارسة عملية في قلب الولايات المتحدة.
[إذا فتّشت جيّدا فسيتبيّن لك أن الأصابع الأمريكية وراء إغلاق كتاتيب تحفيظ القرآن فى مساجدنا ، بل وراء إغلاق مدارس تحفيظ القرآن فى مكة المكرّمة نفسها، بحجة سعْودة هيئة التدريس..وبناءً عليه تم تسريح ستة آلاف معلّم وتشريد مائة وعشرين ألف طالب وطالبة فى لحظة واحدة هل تصدّق..؟! أنا لا أكاد أصدّق وأرجو ألا يكون هذا خبرا صحيحا..]
جامعة بوب جونز:
هي جامعة دينية خاصة صاحبها "بوب جونز" الأصولي، تجمع في تخصصاتها بين العلوم العلمانية والدينية، وتوفّر مناخاً تربوياً لتخريج آلاف الدعاة والمبشرين بالبروتستانتينية الجديدة، وبالجامعة كنيسة يرأسها بوب جونز نفسه.
ولكن الجامعة كانت تمارس التفرقة العنصرية ضد الأمريكيين السود، فلا تسمح للطلاب السود بالالتحاق بها أو بالمدارس التابعة لها، وفي هذا مخالفة صريحة لقانون الحقوق المدنية الذي صدر سنة 1964 في عهد الرئيس جون كنيدى.
لذلك اعتبرتها السلطات الضريبية غير مؤهلة للإعفاء الضريبي الذي تتمتع به الجامعات والمدارس الخاصة. وقد بدأت المشكلة تتفاقم بعد تنبيه السلطات للجامعة بخطاب رسمي سنة 1970م .. ولكن تمادت الجامعة في موقفها العنصري دون مبالاة، ومن ثم إنتقلت الخلافات بين السلطات الضريبية وبين الجامعة إلى ساحة القضاء، وظلت القضية تتصاعد حتى وصلت إلى المحكمة العليا الفيدرالية.
وخلال عقدين من الزمن ظل الجدل والمقارعة بالحجج متبادلاً بين بوب جونز ومؤيديه من ناحية، وبين القضاة وممثلي إدارة الضرائب والنقاد الذين هاجموا الممارسات العنصرية للجامعة من ناحية أخرى.
الغريب في الأمر أن" بوب جونز " ومؤيديه حرصوا دائماً على تصوير المسألة على أنها إصرار من الجامعة على مبدأ الحرية الدينية وليست موقفاً عنصرياً كما يرى الآخرون.
وقد شرح "بوب جونز" سياسته فى مقال له منشور في "واشنطون بوسط" عدد يناير 24/1982م فقال: "النقطة الجوهرية في القضية كلها هي الحرية .. حرية أن تمارس عقيدتك الدينية بإخلاص متحرراً من تهديد سلطات الضرائب أو أي مؤسسة رسمية أخرى تعارض عقيدتك التي تؤمن بها وتعتز بها".
وهنا يأتي السؤال الكاشف:
 ما الذي تتطلبه هذه العقيدة الدينية من المؤمنين بها؟!.
والإجابة عند بوب جونز هي: "ألا نسمح باختلاط الأجناس"!.
فهو لا يستطيع أن يفهم الآية القرآنية: ]يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ... [ ولو فهمها لأنكرها.
وقد إعتادت إدارة الجامعة أن تقدم لكل زائر مستفسر خلاصةً لسياستها في القبول التي تأسّست على عقيدة التمييز العنصري في بيان مطبوع يشتمل على العبارات التالية:
"إننا نؤمن بأن الكتاب المقدس في عمومه يشير بوضوح إلى أن الرب الخالق قد خلق أنواعاً من البشر مختلفين وفرّق بينهم لحكمة سامية فأقام بينهم الحواجز العازلة .. وليست هذه الحواجز الجغرافية فحسب ولكنها أيضاً حواجز لغوية وثقافية وعرقية .. فالإله – عند بوب جونز – قد خلق الناس مختلفين قاصداً أن تبقى هذه الاختلافات مستمرة .. وأي انتهاك لذلك هو عصيان للمقاصد الإلهية وتمرد عليها .. "ولا يوجد مسيحي حقيقي واحد يفكر أو يسعى لانتهاك هذه المقاصد الإلهية أو التمرد عليها".
ويرجع بوب جونز مشاهد الاضطرابات المأساوية التي تسود العالم الآن إلى مخالفة البشر للحكمة الإلهية في فصل الأجناس بعضها عن بعض، حيث يقول: "إن العالم أثناء الاضطراب العظيم كما يصوره "سفر النبوءات" سوف يحكمه عدو المسيح (المسيح الدجال)، حاكم النظام العالمي الواحد .. وهذا الضجيج والصخب حول جمع الأجناس وتوحيد البشر تحت نظام عالمي واحد من شأنه أن يطمس الاختلافات والسمات المميزة بين الأجناس البشرية وهذا من عمل الشيطان، وهو فتنة وشر .. وليس من حق أي مسيحي أن يساهم في بناء عالم المسيح الدجال .. فالمسيحي لا يستطيع أن يفعل ذلك ويزعم في نفس الوقت أنه يحب المسيح.
آخر فقرات هذا البيان الجامعي تكرار للأسباب التي جعلت الجامعة تتمسك بموقفها من المزج العنصري حيث تقول: "تعارض جامعة بوب جونز الزواج المختلط بين الأجناس لأن في هذا تحطيم للحواجز التي صنعها الرب .. إنه مزج بين ما فصله الرب وكان قصده أن يظل منفصلاً .. وكل جهد في تاريخ العالم لجمع البشر معاً يؤكد غرور الإنسان وتمرّده على الرب ورفضه أن يبقى العالم كما أراد الله.."...ويمضى البيان في هذا السياق قائلاً: "إن أي محاولة لتجميع العالم تحت حكم واحد هي اختراع بشري لنظام ُيستبعد منه الإله .. وهو ترويج لوحدة عالمية تستغني بقوتها المصنوعة عن الإله الخالق .. ونحن لا نريد أن نشترك في هذه الجريمة .. نحن لا
نستطيع أن نكون مخلصين للرب وفي نفس الوقت مخلصين للنظام العالمي الواحد .. من أجل هذا السبب نقف حيث نقف".
مؤيدو سياسة بوب جونز العنصرية يقولون إننا لا نتحدث عن جنس منحط وجنس سام، فإن الجنس إذا كان من خلق الله فليس منحطاً، وعندما ينتقل الناس إلى الحياة الآخرة سيتوحدون مع المسيح .. أما هنا في هذه الدنيا فإننا لسنا واحداً .. بل أجناس مختلفة وأمم مختلفة لا يصح امتزاجها.
محكمة شمال كارولينا:
في هذا المشهد نحاول أن نستكشف الأساس الأيديولوجي لهذه العقيدة العنصرية في جامعة بوب جونز.
الزمن: 14 يوليه 1975.
والمكان: قاعة محكمة شمال كارولينا:
والشاهد أمام المحكمة هو: مدير مدرسة "جولد سبورو" التابعة لجامعة بوب جونز.
تسأل المحكمة الشاهد أن يتحدث بالتفصيل عن السياسة السائدة في المدرسة، وعلى أي أساس ترتكز هذه السياسة.. ويبدأ الشاهد إجابته بتلاوة فقرات من الكتاب المقدس تشير إلى أن كل السلالات البشرية تنتمي إلى ذرية نوح (عليه السلام) الثلاثة وهم حام وسام ويافث، من هذه السلالات الثلاث الرئيسية ظهرت أقسام وفروع كثيرة تطورت إلى شعوب، فمن السلالة الأولى خرجت الشعوب الحامية شاملة للمشارقة والهنود والمصريين والأجناس السوداء، ومن السلالة الثانية خرجت الشعوب الساميّة ومنها اليهود، ولم يذكر الشاهد العرب ضمن هذه السلالة.
أما السلالة الثالثة فقد خرجت منها الشعوب اليافثية من القوقازيين والألمان والاسكندنافيين والإغريق والرومان والروس.. ومضى الشاهد شارحاً حيث قال: إن هذه الأجناس منفصلة بعضها عن بعض لأن الله أرادهم كذلك .. فلابد أن يحتفظ كل جنس بخصائصه المتميزة وأن يحافظ عليها إمتثالاً لإرادة الله"...
يقول الشاهد: "لقد أراد الله أن توجد أجناس منفصلة لها وظائفها المختلفة، ولا ينبغي أن تختلط هذه الأجناس ثقافياً أو اجتماعياً أو بيولوجياً، فذلك أمر الله الذي لا يحب انتهاكه، ولا يصح أن يتبنى شعب ثقافة أو أساليب حياة شعب آخر، سواء كان ذلك في التعليم أو في العبادة .. فالانفصال والتمايز هو الأصل المحمود والامتزاج هو البدعة المرذولة".
ينتقل الشاهد بعد ذلك إلى ذكر الآثار المفجعة التي ترتبت على انتهاك إرادة الله كما صورها الكتاب المقدس في سفر التكوين.. حيث يسجل هذا السفر العواقب الوخيمة التي ترتبت على الزواج المختلط بين أفراد من جنس بأفراد من جنس آخر مختلف .. هنا تدخّل الرب في شئون البشر وصبّ غضبه عليهم في ثلاثة كوارث كونية مشهورة في التاريخ:
في الكارثة الأولى أرسل الله الطوفان فدمر به كل شئ على الأرض فيما عدا نوح وأهله.. وكان هذا الطوفان رداً على الغرور والشرور التي ظهرت في الأرض عندما تزاوج أناس من سلالتين مختلفتين من البشر..! يعنى لم تكن القضية في نظر الشاهد هي قضية رسالة من عند الله رفضها أناس وكفروا بها فانتقم الله منهم..!. وفي الكارثة الثانية وفْقاًً لرواية الشاهد نقلاً عن الكتاب المقدس: تدخّل الرب مرة ثانية عندما أراد أبناء نوح من أجناس متباينة أن يقوموا ببناء برج بابل .. وهنا يبدو أن امتزاج الأجناس سواء كان امتزاجاً بيولوجياً (كما في الزواج) أو ثقافياً حضارياً كما هو الشأن في برج بابل .. هذا الامتزاج يعتبر في الكتاب المقدس مجلبة للّعنة الإلهية لذلك دمر الله برج بابل وشتّت أصحابه في الأرض.
أما الكارثة الثالثة في نظر الشاهد استناداً إلى ما ذكره الكتاب المقدس في سفر التكوين فصل 16، فقد حدثت عندما اتخذ إبراهيم عليه السلام وهو ساميّ العِرْق من هاجر المصرية ( وهي حاميّة) زوجة له فولدت له إبنه إسماعيل...
ولما كان إسماعيل (على هذا النحو) نتاجًا لاختلاط خصائص لأجناس متباينة كان رجلاً وحشياً .. ومن ثم ورثت سلالته العربية طبيعته الوحشية فلم تنقطع بينهم الحروب والاضطرابات والعنف إلى يومنا هذا...! [تفسير أمريكاني معقول أليس كذلك..؟!] . بعد هذا السرد التوارثيّ المفصل وما أعقبه من تأويلات قال الشاهد: " لن تجد في الكتاب المقدس عبارة واحدة تقول: لا ينبغي تعليم الأطفال من أجناس مختلفة في مدرسة واحدة .. ولكنك تفهم منه أنك إذا فعلت هذا استدعيت غضب الله ولعنته وخالفت إرادته .. ذلك لأن الاختلاط العرقي في التعليم يؤدى إلى الزواج المختلط .. فإذا حدث هذا تلاشي التمايز الذي خص الله به كل جنس على حدة، وزالت الفوارق الوظيفية المترتّبة على هذا بين الأجناس .. لذلك فإن مدارس" جولدسبورو" المسيحية تقبل فقط اليافثيين (يقصد البيض) وتمنع السود والملونين."
لا يزال المشهد مستمراً في المحكمة ولكن جاء دور القضاة لتوجيه الأسئلة. وسنرمز لهم بحرف "م" وللشاهد بحرف "ش" .. وهكذا دار الحوار:
م : هل نفهم من كلامك أنك على يقين تام أن الزنوج هم أبناء حام بن نوح وليس يافث؟
ش : تماماً ..
م : وليس عندك أي شك أن اليوناني من ذرية يافث بن نوح؟
ش : تماماً .. تماماً يا سيدي ..
م : وهل الإيطالي أيضاً يافثى؟
ش : نعم أنه كذلك ..
م : وأن جميع القوقازيين يافثيون؟
ش : بالتأكيد ..
م : والشرقيون جميعاً من سلالة حام .. أليس ذلك صحيحاً؟
ش : صحيح يا سيدي ..!
م : فمن أين جاء الهنود الأمريكيون...؟؟؟
هنا تردد الشاهد قليلاً ثم قال: ربما يحتاج الأمر إلى بعض البحث ولكنى أعتقد بصفة عامة أنهم حاميون.
م : فما هو شأن الباكستانيين ..؟
ش : إنهم ينتمون إلى الشعوب الهندية .. وأغلب سكان هذه المنطقة من الحاميين الذين نزحوا إليها من مناطق أخرى.
م : فما هو شأن اللبنانيين..؟
ش : أعتقد أن غالبيتهم من الساميين.
م : هل تعتبرهم بهذه الصفة عبرانيين يهود...؟؟
ش : إنهم ينتمون إلى العبرانيين ولكن أظن أن بعضهم قد اختلطت دماؤهم بالحاميين .. وقد أكون مخطئاً .. ربما لأنني أجيب بسرعة .. ولكنني أعتقد أنني مصيب...!
م : أعتقد أنك قلت إن العرب هم أبناء إسماعيل .. أليس كذلك ..؟
ش : تماماً يا سيدي.
م : وهنا كان الزواج مختلطاً بين أجناس مختلفة.
ش : نعم .. فقد كان إسماعيل ابن إبراهيم الذي أنجبه من هاجر المصرية وهي حامية .. تزوجها بناء على نصيحة زوجته سارة التي لم تكن قد أنجبت له أطفالاً .. وقد أخبر الله إبراهيم أن هذا الطفل لن يكون وريثاً لوعد الله الذي وعد به إبراهيم ..
م : وقد أنبأك كتابك المقدس أن عرب هذا الزمن هم نتاج هذا الزواج المختلط..!؟
ش : نعم يا سيدي .. وتستطيع أن تتأكد من ذلك بنفسك في الكتاب المقدس .. كما يمكن أن تلاحظ هذه السلالة (التعسة) وترى مسلكها حتى الوقت الراهن...!
المشهد الأخير:
جاءت قمة الدراما في هذه القضية عندما تم عرضها أمام المحكمة العليا للولايات المتحدة. كانت طوابير الناس الذين ينتظرون دورهم للدخول إلى قاعة المحكمة لمشاهدة المحاكمة أطول ما حدث من طوابير في تاريخ هذه المحكمة لعدة عقود، وكان الناس خارج المحكمة ينتظرون صدور الحكم النهائي في القضية بصبر نافد..
حاول محامي الدفاع أن يركز في مرافعته على المبررات الدينية لسياسة الجامعة في الفصل العنصري فقال: إنها جامعة دينية تؤمن بالكتاب المقدس وتنفذ تعاليمه بدقة، وتعتقد أن الكتاب المقدس يحّرم الزواج المختلط بين الأجناس المختلفة، ومن ثم ترى أن الفصل العنصري في الزواج واجب ديني...
وحرمان الجامعة من الإعفاء الضريبي حتى تتخلى عن عقيدتها الدينية التي يفرضها الكتاب المقدس هو أمر غير جائز.. كان عدد قضاة المحكمة تسعة بينهم امرأة هي القاضية "ساندرا داى أوكنر"، سألت محامي الدفاع عما إذا كان القانون ينطبق أيضاً على الكنائس التي تمارس الفصل العنصري بين السود والبيض، وكانت إجابة المحامي بالنفي ...!
الهجوم على المحكمة وتجريح القضاة:
بعد ساعات قليلة من صدور حكم المحكمة العليا ضد جامعة بوب جونز في يوم 24 مايو 1983 كان بوب جونز الثالث يقود صلاة في كنيسته بالجامعة أمام حشد كبير من طلابها وأساتذتها وموظفيها، فشجب قرار المحكمة بوصفه قراراً جائراً .. وهاجم القضاة هجوماً عنيفاً حيث قال:
"إنه قرار ضد الدين وضد الإنجيل .. إنه تلويح بقبضة أرضية في وجه الرب.. إن قرار المحكمة العليا يعنى أن عندنا إله آخر في الأرض أهم من إله السماء الذي نعبده .. إله يسمى الدولة .. وعندما يجد أولئك الذين يعبدون الله أن المعتقدات الإنجيلية التي يؤمنون بها تتناقض مع قوانين الدولة فإن عليهم أن يخضعوا للدولة أو يتعرضوا لغضبها".
ثم تحول بوب جونز إلى الهجوم على قضاة المحكمة فقال: "إن أمريكا تواجه مأزقاً خطيراً بسبب حكم جائر أصاب الحريات الدينية في الصميم .. حكم أصدره ثمانية رجال بلغوا من العمر أرذله وامرأة بائسة غبية .. إن المحكمة العليا قد خرقت القوانين التي تحمى دين الدولة الأمريكية وانحازت إلى القوانين العلمانية، وبهذا جعلت التابعين لدين الدولة الأساسي مواطنين من الدرجة الثانية .. لقد أخرجت المحكمة الدين من المدارس العامة من قبل وها هي الآن تشجع الدولة على تدمير الكتاب المقدس في المؤسسات الدينية المسيحية حيث لا يزال هذا الدين يحظى بالاحترام والرعاية، كل ذلك لترتفع راية الدين العلماني الذي تعتنقه سلطة شمولية
وفى الخلاصة أقول: إن التمييز العنصري فى أمريكا ليس موقفا سياسياً فحسب بل عقيدة دينية عميقة الجذور في العقل الأمريكي البروتستانتي، عقيدة مؤسسة على نصوص من الكتاب المقدس لا يمكن تجاوزها، هذه العقيدة الدينية العنصرية هي امتداد للنظرة التوراتية اليهودية تجاه الأغيار، وهي نظرة تقسّم العالم إلى شعب الله المختار وإلى الأغيار من الشعوب الأخرى المنبوذة وهؤلاء جميعاً هم الخدم والعبيد.
وتلك وظيفتهم المقدسة كما اتضحت في شهادة رجل الدين ..مدير المدرسة أمام المحكمة العليا، ولذلك لا نستغرب شتائم القيادات الدينية الإسرائيلية للفلسطينيين والعرب ووصفهم بأنهم الأراذل أبناء الثعابين، ولا نستغرب شتائم الأصوليين من أمثال جيرى فالويل وبات روبرتسون وغيرهما لنبي الإسلام، وللمسلمين من ذرية إسماعيل.
أمّا بالنسبة لوعد الله لإبراهيم أن تكون الأرض من النيل إلى الفرات ملكاً لذريته فهو وعد مقصور على ذرية إبراهيم من فرع إسحاق ويعقوب، وأما إسماعيل فليس مشمولاً بهذا الوعد الإلهي... إقرأ هذا في الفصل السابع عشر من سفر التكوين (العهد القديم) يقول: "عندما تجلّى الرب ليبشر إبراهيم بابن آخر غير إسماعيل .. فقال إبراهيم لله لو أن إسماعيل يحيا بين يديك..؟ فقال الله: بل سارة امرأتك ستلد لك إبناً وتسميه إسحق وأقيم عهدي معه، وأما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه، وها أنا ذا أباركه وأنمّيه وأكثّره جداً جداً، ويلد إثنى عشر رئيساً وأجعله أمة عظيمة.. غير أن عهدي أُقيمه مع إسحاق الذي تلده لك سارة في مثل هذا الوقت من قابل"...
فلا بأس عندهم من كثرة عربية كثيرة ولكنها تبقى أمة من الخدم والعبيد في المنظور التوراتي اليهودي، والأصوليّ المسيحي المُتصَهْينْ على السواء...هكذا فهموا دينهم وهكذا طبّقوه بإخلاص وإصرار.. وقد إستسلمنا لهم .. وتركنا القرآن العظيم وراء ظهورنا، فكان سقوطنا مدويّا وهواننا تتندّر به أمم الأرض.. ولا حول ولا قوّ إلا بالله ... لست يائسا ولكنى أقرع الباب قرعًا حتى يستيقظ النائمون ويتنبّه الغافلون .. عند ذلك فقط يتوارى المترفون المستبدّون الجاثمون على صدر هذه الأمة، فإذا سقطوا تسقط معهم الأغلال التى فى أيدينا وفى أعناقنا ونصبح أحرارًا كما خلقنا الله وأراد لنا الحرية .. وهذه هى الخطوة الأولى لنثبت لأنفسنا أننا لسنا خدما ولا عبيدا لأحد من البشر وأنه لا إله إلا الله حقًّا وصدقا...
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.