وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي تثمن الجهود الإعلامية لدعم المنتخب وتعزيز روح الانتماء    الإسكان: بيع محال تجارية وصيدلية وورش حرفية بالعلمين وبرج العرب الجديدتين    شاحنات مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم سالم لتسليمها للجهات الفلسطينية    مهرجان المنصورة لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    ضبط أكثر من 12 طن دقيق مدعم خلال حملات التموين فى 24 ساعة    كيف يستفيد أطفالك من وجود نماذج إيجابية يحتذى بها؟    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يعلن عن برنامج تدريبي للشباب بأسيوط    أحمد الفيشاوى يحتفل مع جمهوره بالكريسماس.. فيديو    وزير العمل يهنئ الرئيس والشعب المصري بالعام الجديد    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2025    كل ما نعرفه عن محاولة الهجوم على مقر إقامة بوتين    إحالة سائق إلى محكمة الجنايات في واقعة دهس شاب بالنزهة    حمدي السطوحي: «المواهب الذهبية» ليست مسابقة تقليدية بل منصة للتكامل والتعاون    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    محافظ بني سويف يتابع استعدادات امتحانات الفصل الأول لصفوف النقل والشهادة الإعدادية    الصحة: تقديم 3.4 مليون خدمة بالمنشآت الطبية بمطروح خلال 2025    ضبط بؤر إجرامية لجالبي ومتجري المواد المخدرة بعدة محافظات    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    فيتو فى عددها الجديد ترصد بالأرقام سفريات وزراء حكومة ابن بطوطة خلال 2025    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    الأهلي ينعي حمدي جمعة نجم الفريق الأسبق    قد يزامل عبد المنعم.. تقرير فرنسي: نيس دخل في مفاوضات مع راموس    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    "تبسيط التاريخ المصري القديم للناشئة" بالعدد الجديد من مجلة مصر المحروسة    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    وزاراتا الدفاع والداخلية تعقدان لقاء لبحث التعاون الأمني تزامنا مع احتفالات العام الميلادي الجديد    وزيرا التموين والتنمية المحلية يفتتحان معرض مستلزمات الأسرة بالسبتية    رئيس الوزراء يشهد فعاليات افتتاح المستشفى الجامعي بجامعة الجيزة الجديدة    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لإنشاء دار المناسبات الجديدة بحى شرق شبين الكوم    أمين عمرحكماً لمباراة السودان وبوركينا فاسو في كأس الأمم الأفريقية    حسام عاشور يكشف سرًا لأول مرة عن مصطفى شوبير والأهلي    سعر الريال القطرى اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 فى البنوك الرئيسية    فطيرة موز لذيذة مع كريمة الفانيليا    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الصحة يعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد 2026    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق: تهديد ترامب لحماس رسالة سياسية أكثر منها عسكرية    تعاني من مرض نفسي.. كشف ملابسات فيديو محاولة انتحار سيدة بالدقهلية    مجانًا ودون اشتراك بث مباشر يلاكووووورة.. الأهلي والمقاولون العرب كأس عاصمة مصر    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    إعلامي يكشف عن الرباعي المرشح لتدريب الزمالك    إيران: أي عدوان علينا سيواجه ردًا قاسيًا فوريًا يتجاوز خيال مخططيه    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    ترامب يحذّر حماس من «ثمن باهظ» ويؤكد التزام إسرائيل بخطة الهدنة في غزة    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية في الدستور الجديد
نشر في المصريون يوم 02 - 12 - 2013

اتخذ الموقف من مشروع الدستور الجديد منحى عاطفيا متشنجا للغاية ، سواء من قبل من يسوقون له كإنجاز تاريخي ، أو من يرفضونه كلية باعتباره نتاجا غير شرعي لمنظومة غير شرعية من حيث الأصل ، وأصبح من النادر أن تجد الموقف الذي يناقش الورقة الدستورية الجديدة بشكل علمي أو موضوعي يتعلق بها ، بعيدا عن الاستثمار السياسي للموقف منها ، وقد لاحظت أن التطرف وصل مداه في الطرفين ، فأنصار الفريق الأول اعتبروا أن من يرفض الدستور الجديد أو يصوت ضده هم أعداء الوطن ، أي أنهم بدأوا بتكفير المخالف سياسيا ، وفي المقابل أنصار مرسي يرون الموافقة عليه أو حتى المشاركة في التصويت خيانة لله ورسوله وللوطن أيضا والشرعية ، وما بين التكفير السياسي والتكفير الديني تضيع الحقيقة غالبا ، وقد قرأت نصوص الدستور الجديد مرتين ، مرة قراءة عامة للنظر والاطلاع ، ومرة للوقوف الفاحص في مواد بعينها رأيت أنها خطرة ، وقد لاحظت فيما لاحظت أن من وضعوا الدستور الجديد كرروا مرارا وتكرارا في تصريحاتهم الصحفية أنه ليس الأفضل وليس هو الطموح الكامل للشعب والثورة ، ولكنه أفضل ما يمكننا فعله الآن ، وهو إقرار ضمني من البداية بوجود عوار في هذا النص ، وأنهم تجاهلوا إصلاح هذا العوار ، وهم يعرفون أنه عوار ، ربما لخضوعهم لضغوط من نوع ما ، لأن مثل هذا الكلام لا يصح أن يقال على لسان من يضعون ويختارون النصوص التي تمثل مرجعية القوانين وقوام العدالة وعماد الدولة المصرية ، الكمال لله وحده ، تلك مسألة مبدأية ومطلقة ، ولكن الإيمان بها لا يعفي من أن نصف الخطأ بأنه خطأ ، وأن نحاسب من أخطأ ، ولا يمكن التسامح مع من أخطأ أو النص الخاطئ لمجرد التلويح بأن الكمال لله وحده ، هذا هروب من المسؤولية بدروشة فارغة .
الدستور بدأ بديباجة ومقدمة قيل أن الذي كتبها الشاعر الكبير "سيد حجاب" ، وأنا شخصيا أحترم موهبة هذا الرجل كثير وقد أهدانا بالفعل أعمالا فنية رائعة ، وله تأملات إنسانية تتسلل إلى عمق مشاعرنا بصدق وصفاء ، كما أن فيه من التواضع والروح الجميلة ما يندر في أبناء جيله من الشعراء ، ولكن تحميله كتابة ديباجة دستور الثورة كان توريطا حقيقيا ، لأن النص الذي خرج أقرب لموضوعات الإنشا التي يطلب من طلاب الثانوية العامة كتابتها في المناسبات الوطنية للتعبير عن مشاعرهم العفوية تجاه وطنهم ، وتعب الرجل وهو يهجر العامية التي هي أداته ولغته الفنية ، لكي يصول ويجول "عم حجاب" بعواطفه بين مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول والنحاس باشا ليبسط البدوي ومرورا بعبد الناصر ، ليبسط سامح عاشور وضياء ، وانتهاءا بالسادات ، ولقد تمنيت أن تحذف هذه الديباجة أو تختصر في سطرين أو ثلاثة بلغة رصينة وصارمة لشيوخ القانون ، ثم بعد ذلك ، وضعوا عشرات المواد في مقدمة الدستور هي مضحكة جدا بالفعل ، وأشعر بالحرج الشديد كمصري أن يقرأها الآخرون فيسخرون من هذه السخافات التي نقول لهم أنها نصوص دستور بلادنا ، فضلا عن حشو كلام في مواد أخرى عن انتماء مصر الأفريقي واعتزازها بالامتداد الآسيوي وهذا كثير في البنود الأولى ، وخذ عندك مثلا : المادة 20 تلتزم الدولة بتشجيع التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى وتطويره ، هل هذا نص يوضع في أبو القوانين ومرجعيتها ، وخد عندك : المادة 22 المعلمون، وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم، الركيزة الأساسية للتعليم ، كلام مصاطب ، وخذ عندك : المادة 29 الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني ، وهو اكتشاف مدهش جدا في الحقيقة ، وخذ عندك : المادة 30 تلتزم الدولة بحماية الثروة السمكية ودعم الصيادين ، وقبل أن تنفجر في الضحك خد عندك : المادة 39 الادخار واجب وطني ، يعني لا مؤاخذة اللي مش عايز يحوش راجل مش وطني بنص الدستور ، ويكتب مثل هذا النص في دستور الدولة ، وخد عندك : المادة 43 تلتزم الدولة بحماية قناة السويس ، وتليها : المادة 44 تلتزم الدولة بحماية نهر النيل وعدم إهدار مياهه ، وأضف لها : المادة 45 تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها ، والمادة 49 تلتزم الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ، وهذا مما يسمونه الشرح في المشروح ، ويعتبره الفلاسفة من قلة العقل ، لأنه غير لائق أن تكتب في دستور مصر أن الدولة تحمي نهر النيل مثلا ، لا يا شيخ ، كأن هناك احتمالا أن تقول الدولة المصرية في يوم من الأيام أن نهر النيل ليس من مسؤوليتي حمايته ، ما هذا الهراء ، واقرأ إن شئت المادة 237 تلتزم الدولة بمحاربة الإرهاب ، وكأن الدولة تنتظر من يدعوها لأن تحلف على "المصحف" كما يقولون أنها ستكافح الإرهاب وتتصدى للإرهابيين .
غير أن هذا الاستطراد الهزلي والمهين للشخصية الاعتبارية للدولة المصرية ، أعتقد أنه كان مقصودا قصدا ، حتى تتوه في هوجة هذه البنود التافهة بنود أخرى قليلة ، لكن خطيرة للغاية ، وهي التي تحدد بشكل حاسم شكل الدولة ، وتوازن القوى فيها ، وتوازن السلطات ، والضمانات الحقيقية لمولد دولة حديثة ، وليس إعادة إنتاج للفرعونية بثياب جديدة خادعة ، وهذا ما نعالجه في المقالة التالية بأمانة وتجرد وإخلاص النصيحة للوطن والثورة ...

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
twitter: @GamalSultan1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.