حذر أعضاء مجلس الشورى أمس من تفاوت معدلات الأجور وعدم عدالة التوزيع بين العاملين بالجهاز الإداري وقطاع الأعمال العام، مشددين على أنه ليس من المقبول أن يكون هناك موظف يحصل على راتب شهري لا يتجاوز 400 جنيه بينما هناك آخر يتقاضى 80 ألف جنيه شهريًا. واتهم النواب خلال اجتماع لجنة الشئون المالية والاقتصادية أمس- برئاسة الدكتور محمد عبد اللاه وبحضور الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية- الحكومة بالتباطؤ في إصدار قانون الوظيفة العامة، وعدم إبصاره النور منذ الإعلان عنه في عام 2006م، وانتقدوا غياب الشفافية وعجز الأجهزة الرقابية عن مواجهة الفساد والرشوة، وقالوا: "للأسف حديث الحكومة عن الاستراتيجيات والخطط عبارة عن يفط". وشن النائب الدكتور صبري الشبراوي هجومًا عنيفًا على الحكومة، وقال: للأسف الخدمات في مصر سيئة، والميزانية المخصصة للتدريب والتي تقدر بنحو 12 مليون جنيه "ما هي إلا تهريج وكلام فارغ". ومضى قائلا في هجومه: "للأسف الحكومات لا تسمع كلامنا نحن النواب منذ عام 1982م وحتى الآن"، مضيفًا: "للأسف حكومات لا تسمع والغباء التصق بآذانها"، وقال موجها حديثه لوزير التنمية الإدارية: "اشرب حاجة علشان تبلع كلامي"، وقال إن "الفساد الموجود بسبب قفلة مخ الحكومة والقوانين الحالية"، وتساءل: "كيف يحصل موظف على 3 مليار جنيه وآخر على مليون جنيه هذا كلام فارغ"؟. وأيده في هجومه الحاد النائب الدكتور محمد عبد اللاه رئيس اللجنة، فيما تساءلت النائبة الدكتورة يمن الحماقي عن آليات الحكومة لمواجهة الفساد؟، بينما اعتبر النائب مجدي عفيفي أن قانون العمل الحالي يحمي الموظف الفاسد، بعد أن "شل يد المحافظ والوزير عن فصل العامل المرتشي". بدوره، وجه النائب الدكتور جلال غراب انتقادات حادة إلى الحكومة وسياستها الخاصة بالأجور بعد أن فتحت الباب على مصراعيه للتعاقد مع من يسمون بأصحاب الخبرات بعد إحالتهم إلى المعاش. وقال: للأسف نجد أحد رؤساء الشركات يخرج على المعاش وراتبه الأساسي 1500 جنيه، ثم نجد من يعين بعده يحصل على 60 أو 100 ألف جنيه في الشهر وفي إحدى الشركات القابضة تم تعيين 40 مستشارًا يحصل كل منهم على 80 ألف جنيه في الشهر. وطالب بوقف ما دعاها ب "الظاهرة الخطيرة"، وقال في سخرية: "لا يوجد لدينا الموظف العبقري من يجيب الديل من ديله علشان يأخذ هذه المرتبات المرتفعة، ونجد من يحصل على راتب شهري 400 جنيه". وأعرب النائب اللواء علي سامح عن أسفه لعدم التزام كافة الوزارات بما تصدره وزارة التنمية الإدارية من قرارات وشروط وضوابط، وقال إن هناك خللاً في التعيين والرسوب والوظيفي والحوافظ والتعامل مع العاملين الموسميين. من جانبه، اعترف الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية بأن هناك عدم عدالة في توزيع الأجور بين العاملين في الدولة، وقال: هناك من هم على درجة واحدة وتختلف رواتبهم بصورة كبيرة. واعترف بأن القانون المعمول به حاليًا يحمي الموظف المرتشي والمختلس على الرغم من اعترافه، وأضاف: في النهاية لا أستطيع عقابه إلا بخصم 3 أيام، وقال: للأسف الجهاز الإداري للدولة استخدم للتكافل. كما اعترف بعدم التزام العديد من الجهات الإدارية بما تصدره وزارة التنمية الإدارية، وقال إن نسبة الالتزام تتراوح صل ما بين 15% و20%. ونفي درويش تحمل موازنة الدولة رواتب المستشارين، وقال إن هؤلاء يحصلون على مرتباتهم المرتفعة من خلال الدول المانحة، لكنه عاد وأكد أن ما يحدث بوزارة المالية يرجع إلى استناد الوزير إلى قانون خاص يسمح له بتعيين المستشارين. ورأى درويش أن القانون الجديد سوف يزيل العديد من المشاكل المعقدة، منها السلم الوظيفي وهياكل الأجور والترقيات وحوافز الإثابة. وقال درويش، إن الحكومة تقدم للمواطن ما يقرب من 100 خدمة لها علاقة بالتنظيم والتوثيق والمراقبة كما يدير الجهاز الإداري للدولة موارد الدولة من ضرائب بأنواعها. وأوضح أن الحكومة نجحت خلال السنوات العشرة الأخيرة في تقليل أعداد المواطنين على الشبابيك الحكومية "6 من كل 10 كانوا يقفون علي الشباك أصبحوا يحصلون علي الخدمة بطريقة مختلفة إما عن طريق الانترنت أو التليفون أو عن طريق المحمول". وأشار إلى أن 20% من المواطنين أصبحوا يستخدمون الانترنت غالبيتهم تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 25 سنة، كما أن عدد مستخدمي المحمول يصل إلى 62 مليون شخص علي مستوى مصر. وقال درويش إن الحكومة تفكر في الاستعانة ببعض الأشخاص علي مستوي القرى والأحياء للعمل كمقدمي خدمة للمواطنين بدلا من "العرض حالجي" الذي كان يقف أمام المحاكم، حيث يقوم هؤلاء الأشخاص بمجلس والاستمارات وتقديم المشورة للمواطنين مقابل جنيهات في نظير تقديم الخدمة. وأكد الوزير أن الحكومة نجحت خلال السنوات العشرة الماضية في تحقيق إنجازات بالخدمة الإلكترونية، مشيرا إلى أن مصر كانت تحتل المرتبة رقم 162 بين 192 دولة في تقديم الخدمات الإلكترونية، واحتلت المرتبة 23 في عام 2010 لتصبح في مقدمة الدول العربية والعديد من دول المنطقة. وأوضح أن قانون الوظيفة العامة الجديد الذي ستطرحه الحكومة على البرلمان في الدورة المقبلة سيعمل في اتجاه تنمية الموارد البشرية والتركيز علي القيادات، وذلك "لأن الحل بالنسبة للجهاز الإداري يجب أن يأتي من القمة إلى القاع". وصنف القيادات في مصر إلى 3 مستويات، وهم عبارة عن مستشاري ونواب الوزراء أو المحافظين ويبلغ عددهم 8 آلاف قيادة بكل الوزارات والهيئات 55%، منهم أعمارهم فوق 55 سنة، وهذه فرصة جيدة لأن نصف الذين سيديرون الحكومة في المرحلة القادمة سيكون من الوجوه الجديدة. وقال درويش إن القانون المنظم للموظفين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة لم يتغير منذ 32 سنة على الرغم من التغييرات التي شهدها المجتمع من تعديل الدستور واستخدام شعار المواطنة بدلا من شعار الاشتراكية. وأوضح أن عدد العاملين في الدولة يبلغ 6.2 مليون عامل، منهم مليون مدرس و582 ألف عامل خدمات معاونة و900 ألف حرفي ما بين كهربائي وسباك ونجار وغيرهم. في حين أشار إلى أن عدد الموظفين يصل إلى 2.1 مليون موظف، مشددا على ضرورة تطوير أدائهم، لأن القانون الحالي مبني على فكرة نظم شئون العاملين، وهذه مسألة انتهت من العالم كله، لأن الفكر الحالي مبني علي فكرة الموارد البشرية وإدارتها. وقال أيضا إن دور الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة سوف يتغير وفقًا للقانون الجديد، بحيث يكون منتظمًا ومراقبًا، أسوة بدور الجهاز المركزي للمحاسبات. وأشار إلى أن الباب الأول من قانون الوظيفة العامة الجديد يتعلق بموضوع التعيين، كما سيتم إلغاء الندب في القانون الجديد ويكتفي بالإعارة، وقال: "القانون هيجي هيهيص ناس كتير فسوف يستفيد منه المتقاعدون، كما سيحصل الموظفون على غطاء إداري لكن في المقابل نحتاج إلى أداء منضبط". وأوضح أن القانون الجديد سيفصل بين العقوبة الإدارية والعقوبة الجنائية، حيث تم اختيار بعض المخالفات التي وضعت أمامها عقوبات محددة، كما تم إلغاء المعاش المبكر واستبداله بالمعاش الطوعي. وشرح قائلا: "لو واحد طلع عند 55 سنة سيحصل على ثلاثة أرباع المعاش، وأننا ندرس السماح للموظف بالحصول على كامل معاشه حتى لو خرج من الخدمة قبل 5 سنوات من سن المعاش". وانتقد الوزير نظام المرتبات المعمول له في القانون الحالي، قائلا إنه "غير موجود في أي دولة في العالم حيث يتم احتساب أجور 6.2 مليون مرتب مختلفة عن بعضها، خصوصا بعد ما تم عمل نظام علاوات مقعد، جعل بعض الموظفين يحصلون على مزايا لم يحصل عليها غيرهم".