جدد الكاتب المثير للجدل جمال البنا، رفضه لقيام نظام إسلامي، انطلاقا من دعوته لعزل الدين عن الدولة، زاعما أن أي دولة تقوم على نظام ديني تفسد الدين، وقال إنه لهذه الأسباب يرفض كلية فكر جماعة "الإخوان المسلمين" التي أسسها شقيقه حسن البنا، داعيا إياها إلى الابتعاد عن السياسة وتركيز نشاطها كما كان في بداية تأسيسها عام 1928 على العمل الدعوي والتربوي. وساق البنا في مقابلة مع فضائية "دريم"ما اعتبرها أدلة على كلامه، مشيرا إلى الخلافة الإسلامية "فبعد أن كانت خلافة وتدعو للدين أصبحت صراعات على الملك وعداوة وكل محاولات بعد ذلك لإقامة دولة إسلامية فشلت وجنت على الشعوب". كما استشهد بنظام الحكم القائم في السودان منذ أواخر الثماننيات، قائلاً إنه وبعد أن جاء تيار يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية وقاموا – في إشارة إلى الإسلاميين- بمساعدة بعض الضباط على الانقلاب على الحكم المدني، تسببوا في تدمير السودان وحدثت خلافات لا حصر لها بين الجنوب والشمال. ونصح البنا جماعة "الإخوان" التي ينظر إليها على أنها أكبر جماعة معارضة في مصر بأن "يتركوا السياسة لأصحابها وأن يتجهوا للقرية حيث العمل الاجتماعي الذي في حاجة إلى جهدهم"، وقال: "لابد على الإخوان أن يرجعوا للقرية ويتركوا السياسة للسياسيين"، على حد قوله. وحث "الإخوان" على تركيز نشاطهم في المجال الاجتماعي، خاصة في القرى حيث توجد مشاكل، مثل انتشار الأمية والجهل، وعادة الثأر، وحرمان البنات من الميراث، وقال إن "كلها عادات في حاجة ليد المساعدة، فلما لا يكون هذا العمل العظيم مسئولية الإخوان لو حقًا يريدون إصلاحًا حقيقيًا يهدف إلى التنمية، لأن الأمم لا تنهض إلا بمثل هذه القاعدة من الإصلاحات والقرى المصرية مغلقة على نفسها وبها عادات فاشية ولا أعتقد أن الحكومة ستعترض على هذه الأنشطة الاجتماعية". وهاجم البنا فكر "الإخوان" واتهمهم بأنهم غير مواكبين للعصر ولا يسايرون التطورات الراهنة، وقال إنهم يريدون أن يعيشوا في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، و"هذا مستحيل". ويرى أن "أسوأ ما بلي به الإخوان أنهم لا يقرءون ولا يتثقفون، بل من يفكر فيهم ويناقشهم يطردونه من الجماعة، لأنهم لا يريدون أحدًا أن يفكر بل يسيرون على فكر واحد غير قابل للتغيير وغير متجدد، وبالتالي كل من تثقف وفكر خرج من الجماعة، لأنهم لا يريدون المناقشة وأي فكر مخالف يعارضهم فتفكيرهم قاصر يرفضون الرأي الآخر ويحتكمون لعقول متأخرة"، على حد تعبيره. وحول الكتب التي أثرت في "الإخوان" من وجهة نظره، قال: مصادرهم الأولى تعود لحسن البنا حتى عام 1952 وبعد ذلك سيد قطب، ومن هنا ظهر "مناخ الإرهاب"، إذ قال إن هناك تيارًا منهم يقول "عليك أن توالى المسلم حتى لو أساء إليك وأن تعادي غير المسلم حتى لو أحسن إليك"، وهي نظرية عكس ما جاء في القرآن تمامًا وهذه القاعدة أسست الجهاد وكونت هذه الفرق الضالة المعادية"، حسب تعبيره. وقال البنا إن الإسلام يريد أن تتثقف الناس وتعيش في أحوال جيدة وحرية وعدالة أما العبادات فهي بين الفرد وربه، وبالعلم والمعرفة تبنى الحضارات وتقوى لا بالعنف والبلطجة، ولابد من وجود جيش مسلح قوي على أسس حديثة لا أن يستورد السلاح من أعدائنا، لأنهم بالتأكيد لن يعطونا أسلحة أكفأ من التي معهم بالعكس قد تضرنا. ونصح البنا "الإخوان" أن يهتموا بالعدالة، وقال إن "كلمة العدل أفضل من أن يقولوا الشريعة، والتنمية هي القوة لا العنف"، فعليهم أن ينتقوا ألفاظهم لا أن يكونوا عبيد لألفاظ بعينها، فكلمة "تطبيق العدل والتنمية" أفضل من قولهم "تطبيق الشريعة"على غرار تركيا وكي لا يكونوا دائمًا موضع انتقاد".