عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ.. ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ.. فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً" أخرجه البخاري وابن ماجه وأحمد. وقوله: "إن في أحد جناحي الذباب سم والآخر شفاء.. فإذا وقع في الطعام فامقلوه.. فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء" رواه أحمد وابن ماجه ،وهو حديث صحيح. والحديث من معجزاته الطبية (صلى الله عليه وسلم) التي يجب أن يسجلها له تاريخ الطب بأحرف ذهبية.. فذكره لعامل المرض وعامل الشفاء محمولين على جناحي الذبابة قبل اكتشافهما بأربعة عشر قرنا.. وذكره لتطهير الماء إذا وقع الذباب فيه وتلوثه بالجراثيم المرضية الموجودة في أحد جناحيه.. نغمس الذبابة في الماء لإدخال عامل الشفاء الذي يوجد في الجناح الآخر.. الأمر الذي يؤدي إلى إبادة الجراثيم المرضية الموجودة بالماء. وقد أثبت التجارب العلمية الحديثة الأسرار الغامضة التي في هذا الحديث.. أن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب هي أنه يحول البكتريا إلى ناحية.. وعلى هذا فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب أو الطعام.. فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم وأول واحد منها هو مبيد البكتريا يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد جناحيه.. فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه.. ولذا فإن غمس الذباب كله وطرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة به وكاف في إبطال عملها. كما أنه قد ثبت علميا أن الذباب يفرز جسيمات صغيرة من نوع الإنزيم تسمى "باكتريوفاج" أي مفترسة الجراثيم.. وهذه المفترسة للجراثيم الباكتريوفاج أو عامل الشفاء صغيرة الحجم يقدر طولها ب 20 : 25 ميلي ميكرون. فإذا وقعت الذبابة في الطعام أو الشراب وجب أن تغمس فيه كي تخرج تلك الأجسام الضدية فتبيد الجراثيم التي تنقلها من هنا.. فالعلم قد حقق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بصورة أعجازية لمن يرفض الحديث. وقد كتب الدكتور أمين رضا أستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة الإسكندرية بحثا عن حديث الذبابة أكد فيه أن المراجع الطبية القديمة فيها وصفات طبية لأمراض مختلفة باستعمال الذباب. وفي العصر الحديث صرح الجراحون الذين عاشوا في السنوات العشر التي سبقت اكتشاف مركبات السلفا.. أي في الثلاثينيات من القرن الحالي بأنهم قد رأوا بأعينهم علاج الكسور المضاعفة والقرحات المزمنة بالذباب. ومن هنا يتجلى أن العلم في تطوره قد أثبت في نظرياته العلمية موافقته وتأكيده على مضمون الحديث الشريف مما يعد إعجازا علميا قد سبق به العلماء الآن.. راجع "الإعجاز العلمي في الإسلام والسنة النبوية" محمد كامل عبد الصمد وفي هذا الحديث رد على الذين يردون أحاديث كثيرة ويستهزئون بمن يقول بها، منها حديث الذبابة السابق، ويطعنون في هذا الحديث، ويقولون: "لا يمكن أن يقبله العقل، وهذه قذارة ووساخة.. الخ كلامهم". وقد ظهر قبل بضع سنوات نتائج التحاليل المخبرية من مستشفيات متقدمة، وفيه أن تحت الجناح الأيمن للذبابة كيس صغير ينفجر بمجرد أن تبتل الذبابة فيخرج منه مادة مضادة.. لما تحمله الذبابة من جراثيم فيتحول السائل الذي غمست فيه الذبابة إلى مضاد حيوي أو مادة تطعيم ضد هذه الجراثيم، فمن تناول هذا السائل أصبح عنده مناعة ضد الجراثيم التي تحملها الذبابة. حينما ظهر هذا الأمر ونشر في المجلات آمنوا وصدقوا وأخذوا بالحديث أو على الأقل سكتوا عن الطعن فيه، وللأسف الشديد إن أصحاب هذا الفكر يحملون كثيراً من العلوم الشرعية فيغتر بهم الناس لأنهم يتصدرون للفتيا والتفسير. فنراهم في فتواهم ودروسهم وكلامهم يقدمون المنطق والعقل لدرجة أنهم يحللون بعض المحرمات كالموسيقى والدخان والمعاملات الربوية.. وحلق اللحية والاختلاط والخلوة بالمرأة الأجنبية ولا يعادون ويوالون في الله حيث لا يظهر عندهم عقيدة الولاء والبراء ويظهر أيضاً عندهم إنكار وتأويل صفات الله عز وجل أسأل الله لنا ولهم الهداية. ومن هؤلاء د/ حسن الترابي الذي لا يرى عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في البلاغ،ويطعن في الصحابة ، ويتهمهم بعدم العدالة فإنه عمد إلى جملة من الأحاديث الصحيحة فردها بمحض الهوى منها: حديث الذبابة. فقد تعرض الترابي لهذا الحديث في محاضرة له بجامعة الخرطوم بتاريخ 12/8/1982، فكان مما قاله – ويا بئس ما قال -: "في الأمور العلمية يمكن أن آخذ برأي الكافر، وأترك رأي النبي، ولا أجد في ذلك حرجاً البتة، ولا أسأل فيه أيضاً عالم الدين". ومن من ذلك أيضا: ما ورد في صحيفة "الشرق الأوسط" على لسان أحد المحدَثين؛ حيث يقول: "أبو هريرة يروى أحاديث تنافي الذوق السليم مثل حديث الذبابة". وحديث الذبابة الذي عناه د/ الترابي من كلام المعصوم - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى؛ إن هو إلا وحي يوحى، وهو حديث ثابت في الصحيح، ولكن ذلك الرجل إنما يريد بقوله ذلك الطعن في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم - ومن ثم الطعن في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتشكيك في الدين الذي جاء به، والتهجم على هذا الصحابي الجليل الذي هو من أفضل الصحابة علماً، وورعاً، ونقلاً للسنة النبوية الشريفة. وقد قال عن نفسه - رضي الله عنه - عندما اتهم بالوضع في الحديث؛ لإكثاره من الرواية: "يقول الناس أكثر أبو هريرة، والله الموعد، إني كنت امرأً مُلصَقاً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخذ عنه العلم والدين، وكان الناس يشغلهم الصفق في الأسواق". والحقيقة المرة: إن من المسلمين – وللأسف - من يصدق تماماً كلام الغربيين.. ووالله! لست مبالغاً إن قلت: إن منهم من يصدق الغرب أكثر من تصديقه لكلام سيد المرسلين، فإذا جاء الكلام من الغرب مدعماً بكلام العلماء وأهل العلم تراه يقول: هذا هو الكلام العلمي الذي يقبله العقل. ومن هؤلاء من كانوا ينكرون حديث الذبابة مع أنه حديث صحيح. ويقولون: كيف تحمل الذبابة الداء في جناح وتحمل الدواء في جناح آخر؟!! كيف ذلك؟! هذا كلام لا يصدقه العقل! بل ومنهم من قال كلاماً شديداً لاذعاً وهو من أهل العلم ممن يشار إليهم بالبنان! فلما صدر هذا البحث العلمي من أكثر من جامعة غربية أوروبية وألمانية وأمريكية وبريطانية، وتبين للعلماء في أواخر القرن العشرين أن الذبابة بالفعل تحمل فيروساً معيناً في أحد جناحيها وفي الجناح الآخر الدواء، الذي يفسد الفيروس في الجناح الأول، فلما أثبت العلم ذلك أذعن الجميع بعد ذلك لقول الصادق الذي لا ينطق عن الهوى. وإنا لله وإنا إليه راجعون