قالت السيدة فوقية حسين حسنى، الابنة الصغرى للدكتور حسين حسني، السكرتير الشخصي لملك مصر المخلوع فاروق، إن الملك الذي أطاح به "الضباط الأحرار" من الحكم في ثورة 23 يوليو 1952 كان يحب مصر بحق، ولديه خطط لتنفيذ مشروعات كان قد شاهدها خلال رحلاته إلى الخارج. وأضافت في تصريحات ل "المصريون"، إن من تلك المشاريع التي كان يخطط لها فاروق إقامة متحف كبير للحضارة المصرية منذ فجر التاريخ، وقد أعد والدها مذكرة بناء على رغبة الملك وتكونت لجنة عامة لدراسة الموضوع من مختلف نواحيه. وتابعت: كان حريصا على استعادة كنوز مصر الأثرية التي نهبت منها حيث كان يقوم بشرائها وعندما أبدى والدي يوما له أن ذلك يكلفه الكثير، رد علية قائلا: لا يا حسني ليس كثيرا على مصر فأني أود لو استطعت إن أعيد إليها تحفها وكنوزها. وأشارت إلى أن الملك كلف والدها بإعداد تقارير عن الجمعيات العلمية وأنشطتها لتحديد ما إذا كانت في حاجة إلى العون وأصدر الملك مرسوما بإنشاء الجمعية التاريخية وإنشاء معهد الصحراء. واستدركت: والدي كان بعيدا عن دائرة الضوء في القصر الملكي فلم تكن لديه رغبات شخصية من مساندته للملك، كما أن الحاشية الجديدة التي أحاطت بالملك كانت حريصة على إبعاد كل المخلصين والشرفاء عنه، ومنهم كريم ثابت الذي يعلم أن والدي كان يرفض دخوله القصر، لقد كان أبى رجلا وطنيا وقد ربانا على ذلك، كما كان حريصا على جلب مدرس يعلمنا قواعد الدين الإسلامي واللغة العربية حيث لم نكن ندرس في مدارسنا الفرنسية الدين واللغة العربية. وتابعت: والدي وضع نصب عينيه توجيه الملك فاروق إلى الناحية الدينية حتى يتخذ من الدين نبراسا له في حياته وأعماله وهو الذي اقترح على أحمد حسنين باشا فور تولي فاروق الحكم أن ينبه الملك إلى وجوب المحافظة على أداء صلاة الجمعة أسبوعيا في أحد المساجد وأن تكون أول جمعة بعد وصوله إلى الحكم بمسجد الرفاعي. وأضافت: والدي هو صاحب فكرة برنامج شهر رمضان المبارك الذي كان يقوم أساسا على إحياء تقاليد السلف الصالح، باستدعاء بعض المقريين لتلاوة القران الكريم في ساحة القصر وفتح الأبواب لمن يشاء من أفراد الشعب لسماع التلاوة، وذكرت أن فاروق كان ميالا بطبعة إلى عمل الخير حتى أنه كان يساعد كل محتاج يبعث له برسالة. واتهمت الثورة بأنها شوهت صورة الملك، وكان والدها يرى أن تشويهها للملك ذنبًا لا يغتفر والملك فاروق نفسه كان يعلم أن هذا سيحدث له بعد خلعه، لذلك أوصى والدي قائلا: أنا اعرف أنه سيقال عني الكثير فأرجو أن تبلغ عني الحقيقة ولذا بدأ والدي كتابة مذكراته في مطلع الستينات إلا أنه لم يكن يستطيع نشرها إبان عصر جمال عبد الناصر حتى لا يذهب وراء الشمس. واستطردت: والدي شأنه شأن كل رجال الحاشية الملكية وضعتهم الثورة تحت الميكروسكوب خشية أن تكون لهم أية صلة بالملك، وقد أثبتت التحريات أمانة والدي وعدم وجود أي شبهة حوله، وقد اعتقل لمدة ثلاثة شهور بعد الثورة، وعندما حضر الضابط إلى منزلنا وأخذ يفتش في أوراق أبي وقرا ما احتوته من صور المذكرات التي كان يرفعها للملك وتتضمن إصلاحات في شتى المجالات أبدى الضابط تعجبه، "فطالما أن حول الملك حاشية يتقدمون بمثل هذه المشروعات لماذا انصرف عنهم إلى غيرهم". ونفت أن يكون حدث اتصال بين والدها والملك فاروق بعد نفيه، لكنها أشارت إلى أن والدها كان يقابل الملكة فريدة أثناء إقامتها معرضها الفني السنوي بالقاهرة، وذكرت أن والدها كان حزينا للغاية من مسلك الملك فاروق الشخصي وكان دائم النصح له، وحاول إثناءه عن اختيار كريم ثابت مستشارا صحفيا له ابن جريدة "المقطم" التي تدين للاحتلال بوجودها، وكانت بوقا للإنجليز، وكان والدي كثيرا ما يعبر عن شعوره بالأسى لما وصلت إليه أحوال الملك الشخصية إلى ذوي الثقة، ومنهم طه حسين وجلاد باشا، وكان أبي في أواخر عهد الملك يشعر بالأسى عندما يحول بينه وبين لقاء الملك أحد رجال الحاشية غير الرسمية التي تتصدر مائدة الملك في الكباريهات.