تعتمد نهضة أى أمة على عدة عوامل لابد من توافرها على رأسها التعليم والبحث العلمى والتنمية البشرية فالامة التى تسعى الى الرقى والتقدم لابد ان يكون لديها صفوة من العلماء والباحثين الذين لايدخرون جهدا من أجل تحقيق الاهداف السامية لنهضة امتهم. كما يستغلون الامكانيات المتاحة الاستغلال الامثل لتحقيق عائد اكبر لاحداث التنمية الشاملة . فاصحاب العقول هم عصب الامة وتقدمها كما انهم مطالبون بالعمل على ابتكار افكار غير تقليدية لتعبيد الطريق امام الراغبين فى المساهمة فى نهضة الامة و العمل على ايجاد الحلول للمشكلات الراهنة لها باستخدام الطرق العلمية الحديثة . أن التعليم والبحث العلمي هما قاطرة التنمية والطريق الأمثل لتقدم الأمم في المجالات العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وهما عماد النهضة والتقدم. وان التجارب العالمية تؤكد ان التعليم والبحث العلمى هما اهم اركان النهضة والتقدم . أن الإصلاح الحقيقي لاى امة يبدأ بالتعليم والبحث العلمي لان العلم هو صانع الإنسان والأمم فهو الذي جعل دولا كانت متخلفة فى مصاف الدول المتقدمة. كانت الثورة الثقافية في الصين هى اساس البناء والتنمية وأولى لبنات تنشئة إنسان جديد ينتهج ثقافة البناء لا التدمير والتخريب فأصبح الإنسان الصيني المتعلم يقود قاطرة الوطن إلى الأمام وحقق أعظم نهضة يشهد بها العالم . لو نظرنا إلى ماليزيا نرى انها حققت نهضة انتاجية واقتصادية جعلتها فى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا وذلك بسبب اعتمادها على العلم وسعى علمائها الى توطين التكنولوجيا بدلا من استيرادها. وكذلك الهند كانت اكبر مستورد للحبوب فى العالم فاستطاعت بالتكنولوجيا الزراعية الحديثة فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الحبوب واصبحت الان من الدول الرائدة فى البرامجيات لتطويرها الانظمة التعليمية بفضل جهود علمائها سواء المقيمون فيها او المغتربون فى دول العالم المتقدم . أما اسرائيل التى اغتصبت فلسطين من اصحابها الاصليين تنفق على البحث العلمى 4,7 من الناتج القومى اى مايعادل ماتنفقة الدول العربية جميعا فالتعليم مسألة حياة او موت للامم والحضارات وهو بوابتها للمستقبل والتنمية والحضاره والنهضة .و تباهى العالم بانجازاتها العلمية فقدمت 57 انجازا علميا منها الهاتف المحمول الذى تم ابتكاره فى معمل شركة موتورولا باسرائيل كما ان اغلب نظم تشغيل الحاسب الالى من شركة مايكروسوفت ماركة ويندوز XP ,NT تمت فى اسرائيل وان شريحة الحاسب الالى بنتيوم MMX وبنتيوم 4 وتقنيه سنترينوا CENTRINO الشائعة الان فى الحاسبات المتطورة قد انتجت فى اسرائيل وكذلك تم ابتكار تقنيه البريد الصوتى .وأول برنامج لمكافحة فيروسات الحاسب الالى قد تم ابتكاره بواسطة علماء اسرائيل فى السبعينيات من القرن الماضى كما تفاخر اسرئيل بمنتجاتها العلمية والتقنيه فى مجالات الدواء والسلاح والزراعة . وكذلك كوريا تمتلك ارضا معظمها جبال وعرة وأمكانيات ضئيلة فليس لديها ثروات طبيعية ولكن لديها انسان متعلم بفضل الانظمة التعليمية المتطورة تحولت من افقر دولة فى العالم الى قوة اقتصادية رائدة . وكذلك ايرلندا جعلت التعليم والبحث العلمى فى مقدمة اهتمامها فخطت خطوات جادة فى مجال الاقتصاد و سر النقلة التى حققتها ايرلندا فى عهد روبنسون كانت كلمة واحدة كررتها ثلاثا " التعليم " بفضل التعليم والبحث العلمى يقف الخريجون فى الجامعات الايرلندية على احدث ماوصل اليه العلم الحديث هذه الدول تقدمت لانها اهتمت بالتعليم والبحث العلمى والتنمية البشرية اللذين يمثلان العمود الفقرى للتقدم 0ان التنمية الحقيقية تتطلب بحثا علميا متقدما وانظمة تعليمية عصرية تنمي ألية التفكير النقدى. حيث اكدت الدراسات ان منظومة البحث العلمى فى مصر تعانى من تدهور فى العملية التعليمية بالمدارس والجامعات التى تضم قاعات للدروس مكتظة بأعداد هائلة من الطلاب اضافة الى ان المناهج المتبعة هو المنهج المباشر دون تنمية قدرات التحليل أو النقد فى المناهج التعليمية ولا ترقى للمستوى المطلوب لتخريج كوادر بشرية قادرة على التنافس على المستوى العالمى . وان الوضع الحالى فى مصر يشهد انخفاضا واضحا فى معدل الانفاق على البحث العلمى كما لا يوجد استراتيجية علمية ورؤية واضحة المعالم ومحددة الاهداف . وعدم ربط الخطط والمشروعات البحثية بخطط الدولة كما ان السياسة التى طبقتها الحكومة بدءا من عام 1975 وتحديدا مايسمى حماية الصناعة ولكنها قتلتها باستيراد المصانع الجاهزة (التسليم بالمفتاح ) دون اعطاء فرصة للمشاركة بنقل وتوطين التكنولوجيا. هكذا قضينا على صناعات كانت واعدة مثل صناعة السيارات والسلع المعمرة وغيرها الى أن جاءت الخصخصة فى عهد الرئيس المخلوع فأجهزت على كل شىء بالاضافة الى هجرة الكفاءات العلمية والخبرات الفنية الملقى عليها عبء التخطيط للتنمية واجراء البحوث العلمية وضاعف هذه المشكلة أمية التطوير التقنى وسيطرة الفكر الحكومى وأليات ونظم العمل الحكومى على مؤسسات العلم والتكنولوجيا . لذا يجب على الرئيس والحكومة الحالية ان تعيد النظر فى هذا الملف الخطير وتناقش مشكلاته باستفاضة ووضع الحلول الجذرية له . كل ما اتمناه ان تحقق مصر نهضة علمية وتكنولوجية يقودها علماؤنا الافذاذ ليس من اجل عقد المؤتمرات والندوات والانشغال فى مشروعات بحثية تنتهى باعداد تقارير علمية وانما من اجل توظيف البحث العلمى والتطوير التكنولوجى فى مشروعات وبرامج انتاجية لتحقيق طفرة جذرية فى الانتاج الوطنى .