يتبادر الى الذهن عند أول وهلة سماع كلمة المخابرات أو الاستخبارات أو الامن العام او أمن الدولة فى بعض الدول الكثير من التساؤلات والكثير من الاتهامات التى قد تصيب أحيانا الحقيقة نظرا لبعض التجاوزات فى بعض الدول وهذا استثناء من الاصل وليس أصلا فى العمل الاستخباراتى , وفى أغلبها ظنون خاصة من الذين لايريدون الاستقرار ويصطادون فى الماء العكر, ولا اعتقد أن شخصا ما سويا سجله ناصع البياض يمارس حياته الطبيعية ترجفه أو تخيفه هذه الكلمات الامنية او الاستخباراتية بل على العكس من ذالك يستشعر الامن والامان على نفسه وأسرته الصغيرة والكبيرة .لان القصد من الاستخبارات تثبيت الامن ووترسيخ الاطمئنان وتوفير الامن للفرد والمجتمع وحراسة الدولة ممن يودون تحويل المجتمعات الى فوضى وجعلها مستباحة , وفى غياب الامن سيعيثون فى الارض فسادا وافسادا . والبلد الآمن هو البلد الذى يطمئن فيه مواطنوه على أنفسهم وأورواحهم وأموالهم وأرزاقهم وتستشعر نفوسهم السكينة والثقة بالنفس ,فضلا عن انتفاء الخوف عن نفوسهم مما يجعلهم يقبلون على الحياة دون أن ينتابهم خوف او يختلجهم الخوف على أنفسهم أو مستقبلهم او تكدر حياتهم. والقران الحكيم من أحكم الحاكمين يشير الى أهمية الامن حيث يقول "" ولبيدلنهم من بعد خوفهم أمنا "" . وقوله تعالى "" وهذا البد الامين"" اشارة الى أهمية استقرار الوطن والبلد لان استقرار الوطن من استقرار مواطنيه وزعزعة أمن الوطن يستتبعه زعزعة أمن مواطنيه واشاعة الفوضى التى لا أول ولا اخر لها . والامن فى أى بلد يتوقف على رجال الامن والمخابرات الذين يتحملون مسؤوليات جساما نحو الوطن والشعب ويجندون كل امكاناتهم من أجل السهر والعمل على حماية الوطن وحفظ سلامته من أن ينتابه مكروه سواء من الداخل أو من الخارج., ان مسؤولية الامن مسؤولية المجتمع والجميع وليس عملا تقوم به فئات متخصصة أو أجهزة معينة يسند اليها مهمة حراسة المجتمع والاوطان,خاصة اذا تعلق الامر بالاضرار بالوطن والمجتمع وتعريض سلامته للخطر يصبح كل مواطن يتحمل قدرا أو جزءا من المسؤولية , لان ذالك لا قدر الله سيمتد اثاره الى الجميع والمجتمع بأسره ,وحفظ مصلحة الوطن وعدم الاضرار به وصونه وحمايته مقدم على حفظ مصلحة الافراد الذين يغامرون بأنفسهم ويعرضون أمن انفسهم أولا وأمن البلاد ثانيا للمخاطر والمهالك. فى حالة عدم قيام أجهزة المخابرات بدورها المنوط بها فى اى بلد من البلادان فى الحفاظ على سلامة المجتمع والوطن والدولة سيؤدى حتما الى نفوذ وتغلغل قوى داخيلة او خارجية فى شؤون الوطن مما ينتج عن ذالك استباحة كل ما هو محرم ومقدس للافراد والمجتمع والدولة , وهنا تأتى اهمية الاستخبارات ورجال الامن فى درء الاخطار التى تهدد أمن الوطن والمواطنين, وبهذا العمل الشاق المتواصل الذى لا يعرف الكلل والملل,يتوج رجال الاستخبرات والامن ضمن ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم "عينان لن تمسهما النار يوم القيامة ,عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله "" وهذا شرف ما بعده شرف ومكرمة ما بعدها مكرمة .انه السهر المتواصل من أجل الوطن والمجتمع من أن يمسهما سوء أو تخترق كرامته أو سيادته , يحرسون البلاد والعباد والناس نيام يتحملون المشاق ليستريح المجتمع والمواطن والوطن . ان هناك تهديدات متنوعة تأخذ اشكالا شتى منها التهديد الاجتماعى, والسياسى, والمعلوماتى ,والاقتصادى, والامنى والعسكرى , والدول تتخذ فى حال الشعورباوضاع ما غير سوية ما يناسبها وما يتراى لها من اتخذا تدابير وسائل وقائية وأمنية واستخباراتية لمواجهة ومجابهة هذه الاخطار التى يمكن أن تخلل أركان الدولة والمجتمع وهو حق مشروع عقلا ودينا وقانونا ومنطقا وأخلاقا . فجهاز الامن فى التصور الاسلامى لا يكافح المشاكل بمفرده ,ولكن المجتمع المسلم كله بلا استثناء يصير حارسا أمينا وناصحا ومعينا له حينما يتعلق الامر بالاوطان أو تهديد سلامتها من المتهورين والمغامرين بحياتهم وحياة مواطنيهم يصبج لزاما مجابهة هؤلاء بكل وسيلة تردعهم عن غيهم وتوقفهم عند حدودهم . ليسلم المجتمع من شرورهم من غير تجاوز وتعد .وهذا يعد من التعاون على البر والتقوى ودفع الاثام والعدوان "" مصداقا لقوله تعالى:: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان "" . ان حماية الامن والصالح العام صحيح من اختصاص الجهاز الامنى, ولكن هذا لا يمنع الغاء دور الجمهور من الناس لانه أوسع انتشارا فى القيام بدوره المحدود فى الاسهام فى حراسة بلده, خاصة اذا تعلق الامر بتهديد أركان الوطن واثارة الرعب فى المجتمع والتخطيط للاضرار به, لان الاثار المترتبة على الاضرار بالدولة والوطن سيصيب حتما المواطنين ويمس سلامتهم ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح , وعلى الجميع أن يتحمل نصيبا من التبعات .والمسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين وذالك يتجلى فى اعمال مبدأ الشورى ""وشاورهم فى الامر فاذا عزمت فتوكل على الله "" وهنا تتحد علاقة المواطنين بالسلطة فى اتخاذ القرار ,فالمناصحة والحوار يتقاسمهما الجميع من أجل مصلحة الوطن لكن الكلمة فى التنفيذ تبقى للسلطة المعنية بالامر وليس للافراد او الجماعات . جرت العادة أن يتوجس الناس خيفة ورهبة من رجل الامن وذالك لما يروج من الشائعات وبعض الحقائق بخصوص رجال حفظ الامن العام , ولا يمكن أن ينسحب ذالك على الجميع بل هو استثناء من الاصل ولكل قاعدة استثناء والاستثناء لا يقاس عليه ,ولنتصور جميعا لو أن اى دولة ما خلت من رجال الامن والمخابرات ماذا سيكون عليه حال المجتمعات أفراد أوجماعات ومواطنين ,وهذه حقيقة ماثلة للعيان ولا تحتاج الى شرح وتفصيل لان المواطن يفهم بما فيه الكفاية واللبيب بالاشارة يفهم, وأن ذالك يعرفه الجميع القاصى والدانى. وبما أن رجل المخابرات يتحمل مسؤوليات جساما وهى وظيفة تكليف لا تشريف على صدره وخدمة الصالح العام والتفانى فى خدمة أهداف هذه الوظيفة التى تعود بالنفع على الوطن والمواطنين والمجتمع ,فيفترض أن يتصف بمواصفات تليق بهذه المهام الجسام وفى مقدمة هذه المواصفات التحلى بالدين والخلق,والامانة ,والتحلى بروح المسؤولية والتفانى فى العمل وحفظ الاسرار,لان الامر يتعلق بمستقبل الوطن والامة على السواء ,وتقديم مصلحة الوطن العليا على المصالح الشخصية والآنية والمستقبلية .