أصبحت الصورة أو الظهور الإعلامي للفريق عبد الفتاح السيسي معضلة في الأيام الأخيرة ، بعد تسريبات عن حالته الصحية أو عن تعمد الاختفاء والانسحاب من المشهد حتى لا يتحمل عبء الفاتورة السياسية السيئة التي بدأ عموم الشعب يشعر بها بعد أن ساءت الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية أكثر من ذي قبل ، وكان كثيرون قد علقوا على عدم ظهور السيسي في أي مشاهد تليفزيونية أو حتى صور بعد أن كان ملئ السمع والبصر بعد الإطاحة بحكم الرئيس المعزول محمد مرسي ، وفي زيارة كيري وزير الخارجية الأمريكي قالوا أنه قابل ضمن من قابل الفريق السيسي وزير الدفاع ، غير أننا لم نر أي دليل على هذه المقابلة ، لا في التليفزيون الرسمي أو الصحف القومية ، ثم أتت زيارة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أمس ، فقام المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد أحمد علي بنشر صورة على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي يقول أنها تمثل لقاء الفريق السيسي بأبو مازن ، وهي طريقة في النشر تثير البلبلة أكثر من إزالتها ، لأن حدثا سياسيا مثل ذلك لا يعقل أن يكون بمعزل عن أي تغطية إعلامية ، سواء من المراسلين الصحفيين أو مندوبي التليفزيون ، فكيف تختفي الصور والمشاهد الحية من منابرها الطبيعية لكي تطرح صورة فوتوغرافية على صفحة الفيس بوك ، ويمكن بسهولة التشكيك فيها بالتركيب أو خلافه ، أيضا نشرت وسائل الإعلام المختلفة قبل يوم خبرا عن استقبال الفريق السيسي للسيدة التي قيل أن متظاهرا من أنصار الإخوان تعدى عليها بلطمة على الوجه يوم المحاكمة ، وأن وزير الدفاع استقبل السيدة بحرارة وأكد لها أنه سيعيد لها حقها ، غير أن تلك المقابلة التي لها طابع شعبوي ودعائي كبير في العرف السياسي ، كانت جديرة أن تغمر صفحات الصحف الموالية والتليفزيون الرسمي والقنوات الخاصة بتلك المشاهد المؤثرة والشاعرية ، غير أن شيئا من هذا كله لم يحدث ، وكل ما نشرته الصحف صورة للسيدة وهي بمعية المتحدث الإعلامي للجيش العقيد أحمد علي ، وهو موقف يضيف المزيد من الغرابة والدهشة على هذا الغياب . غير أن موضوع استقبال المواطنة التي رفعت صورة الفريق السيسي وأعلنت تأييده للترشح أمام محاكمة مرسي ، والتي قيل أنها تعرضت للاعتداء من قبل متظاهر إخواني ، رغم نفي الآخرين للواقعة ونشرهم ما يفيد أنها مفبركة حسب كلامهم ، هذا الموضوع في الحقيقة فيه مشكلة أبعد من الصورة ذاتها ، لأن الواقعة قيد التحقيق أولا لمعرفة ملابساتها وحقيقتها ، وثانيا أن الحادثة تأتي في إطار انقسام وطني واسع ، حول الفريق السيسي تحديدا ، بين مؤيد له ومعارض له ، وأن مثل هذه الاشتباكات تكررت من قبل وستتكرر مستقبلا ، وهو ما يجعل الجيش وقائده أمام اختبار قاس في مسؤوليته عن وحدة الوطن وسلامه الاجتماعي ، لأنه لن يتسامح أحد مع هذا الحنو والتضامن الذي يصل إلى حد تخصيص وقت من جدول أعماله لمقابلة سيدة من أنصاره ، عندما يتجاهل قائد الجيش نفس هذه الوقائع وأبشع منها مما وقع ويقع مع مواطنات وسيدات وفتيات من معارضيه ، وبعضهن سيدات أو فتيات في عمر الزهور لم يلطمن على وجوههن فقط ، بل ضربن بالرصاص الحي وبعضهن ودعن الحياة ، فلماذا لم يحنو الجيش على هؤلاء المواطنين المعارضين للفريق السيسي ، وهل يتم تعامل الجيش مع الوطن الآن باعتباره قبيلتين ، قبيلة معه وقبيلة ضده ، وأنه جيش للقبيلة الأولى وليس للوطن كل الوطن ، أعتقد أن مثل هذه الرسائل السلبية ، وإن لم يعلن عنها تضر بسمعة الجيش وقائده ، وتفرض عليه مستقبلا أن يراعي بقدر كبير من الحساسية مثل هذه المفارقات ، لأن قيمة الجيش في حياة الوطن تعلو على الأشخاص ، وتعلو على السياسة وحساباتها ، وبناء عليه ، ومع كامل احترامي لدوافع مقابلته لتلك السيدة ، إن كان قد قابلها فعلا ، فإن تلك المقابلة كانت خطأ سياسيا فادحا ، سيحرج السيسي كثيرا في المستقبل القريب .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter: @GamalSultan1