في تطور مثير لحرب الملصقات المشتعلة التي يشهدها الشارع المصري، جاء الزج باسم اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات العامة المصرية في الحملة التي شهدها منطقة وسط القاهرة وشوارع المعادي نهاية الأسبوع الماضي، لتتجاوز على ما يبدو "الخطوط الحمراء"، بعد أن منعت الصحف من أية إشارة إلى تلك الحملة. وذكر تقريران لهيئة الإذاعة البريطانية ووكالة "رويترز"، أنه تم منع الصحف المصرية من نشر أي أنباء تتعلق بالحملة الإعلامية غير المسبوقة التي تبرز اسم مدير المخابرات العامة المصرية كرئيس محتمل لمصر في المستقبل. وأفادت "بي بي سي" نقلاً عن مصادرها بالقاهرة، أن آلاف النسخ من صحيفتي "المصري اليوم" و"الدستور" قد أتلفت يوم الخميس، بسبب تغطيتها لحملة الملصقات الداعمة لترشيح اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات العامة المصرية رئيسًا لمصر، ولم تتضمن الصحف الصادرة يوم الجمعة أي إشارة لهذه الحملة الإعلامية. وكان منطقة وسط القاهرة وحي المعادي شهدا ملصقات للواء عمر سليمان، وهو يرتدي نظارة ويوجه التحية بيده اليمنى، وكتب على الملصقات شعار "البديل الحقيقي عمر سليمان رئيسًا للجمهورية"، فيما يبدو أنها خطوة للتصدي للحملة المستمرة لجمال مبارك، أمين "السياسات" بالحزب "الوطني" ليكون الرئيس القادم لمصر. لكن خلال ساعات من وضع الملصقات على جسور وجدران في شوارع القاهرة سرعان ما تم وقف تغطية الحملة على الانترنت بدون تفسير وهو تحرك أرجعه ضياء رشون، الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام" إلى جهود رسمية لمنع انتشار الحملة، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز". ومن غير الواضح الجهة التي تقف وراء تلك الحملة غير المسبوقة، إلا أنها جاءت في إطار حرب بيانات يشهدها الشارع المصري لدعم مرشحين مفترضين لانتخابات الرئاسة المقررة في العام القادم. وفي بيان صدر على الإنترنت- سحب في وقت لاحق- ناشد ناشطون- لم تعرف هويتهم- "جيش مصر الشريف" إنقاذ البلاد من "عار ومهانة مشروع التوريث الذي يسعى إلى تحقيقه نجل الرئيس"، وقالوا إن السبيل الوحيد للتعامل مع مشروع التوريث لجمال مبارك وأعوانه من رجال الأعمال هو أن يتولى عمر سليمان حكومة انتقالية. واعتبر رشوان أن توقيت وضع هذه الملصقات له مغزى للدلالة على توجه جديد من الرأي العام بينما يكون مبارك خارج مصر، مضيفًا أن من المرجح أن تلفت الحملة انتباه واشنطن أثناء وجود سليمان هناك. وكانت صحيفة "المصري اليوم" نشرت تقريرًا على موقعها على الإنترنت عن الحملة، لكن التقرير رفع بعد ذلك من الموقع بدون تفسير، فيما أعدمت آلاف النسخ من الجريدة التي تشير إلى تلك الحملة. وقال هشام قاسم الناشر السابق ل "لمصري اليوم" ل "رويترز" "فيه حظر نشر على كل الجرائد لمنع نشر أي شيء عن الحملة لعمر سليمان. "المصري اليوم طبعت 30 ألف نسخة وأعدموهم.. والجرائد الأخرى ممنوعة أيضًا من النشر"، بينما لم يصدر تعليق من جهات أمنية. وفي الوقت الذي لم يحدد فيه الرئيس مبارك (82 عامًا) حتى الآن إذا ما كان سيخوض الانتخابات القادمة أم لا، اعتبر قاسم أن عمر سليمان هو الرئيس القادم لمصر في جميع الاحتمالات، وأضاف إنه الشخصية المناسبة للحكم من الجيش. وخدم سليمان وهو من مواليد 1936 في الجيش قبل أن يصبح رئيسًا لجهاز المخابرات المصري عام 1993 ويتمتع سليمان بتأثير كبير في الشئون الداخلية للبلاد، كما أنه يتولى مسئولية الملف الفلسطيني منذ سنوات. وينظر البعض إلى سليمان منذ فترة طويلة باعتباره الخليفة المحتمل للرئيس مبارك، الذي يحكم مصر منذ نحو 30 عامًا، لكنها المرة الأولى التي يقدم فيها مناصروه على دعم ترشيحه للمنصب بصورة علنية. وقال الكاتب فهمي هويدي، إنه لا يوجد تنافس بين سليمان ونجل مبارك، وأضاف إن الأول سيتولى السلطة فقط نزولا على رغبة مبارك، مضيفًا أن سليمان ينظر إليه على انه واحد من أكثر المسئولين الذين يحظون بثقة الرئيس. وسليمان ليس عضوًا بالحزب "الوطني" الحاكم، وينسب إليه الفضل في إنقاذ حياة الرئيس مبارك من محاولة اغتيال نفذها عام 1995 في أديس أبابا، حيث تقول تقارير إنه من قام بتوصية الرئيس بتشديد الإجراءات الأمنية المصاحبة له إبان تلك الزيارة. ولم تغب وسائل الإعلام الإسرائيلية عن متابعتها للجدل الدائر حول حملة الملصقات لدعم اللواء عمر سليمان مرشحًا لرئاسة مصر في خضم حرب البيانات الداعمة للمرشحين المحتملين للرئاسة. فتحت عنوان "حملة جديدة بمصر"، قال موقع "عنيان مركازي" الإخباري الإسرائيلي إن السلطات المصرية أصدرت تعليمات بإزالة ملصقات الدعاية الانتخابية الداعمة لمدير المخابرات مرشحًا لرئاسة الجمهورية والتي تم لصقها في شوارع القاهرة. وقال إن السلطات المصرية أصدرت تعليمات يوم الخميس بإزالة الملصقات الخاصة بسليمان الذي وصفته بأنه يعد "رجل الظل" الذي يستعين به الرئيس حسني مبارك للتعامل مع الشئون الخارجية، موضحا أن داعمي الحملة المجهولين وضعوا صورة له على الملصقات وهو يضع على عينيه نظارة شمسية بينما يلوح بيده اليمنى، وكتبوا على الملصقات عبارة "البديل الحقيقي". وأضاف التقرير إنه في مقابل ذلك أصدرت السلطات المصرية تعليمات لصحيفة "المصري اليوم" بعدم تغطية حملة الملصقات الداعمة لسليمان، موضحة أنه أصبح من المعروف خلال الفترة الأخيرة قيام رؤساء تحرير الصحف الحكومية المصرية بتبني حملة لترشيح جمال مبارك نجل الرئيس خليفة لوالده. وقال التقرير إن سليمان البالغ من العمر 74 عاما يعد من أكثر المقربين للرئيس مبارك، كما انه مسئول عن "ملفات بالغة الحساسية" تتعلق بالسياسة الخارجية المصرية مع كل من إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" والسودان، وأشار إلى أنه معروف لشخصيات إسرائيلية أكثر مما يعرفه الجمهور المصري علاوة على انه مقل في مقابلاته ولا يظهر كثيرا على الملأ.