بات علي الرئيس مبارك الآن تحديد موقفه النهائي بشأن خوضه الانتخابات الرئاسية القادمة من عدمها..لايهمني هنا أن يعلن هذا أو ذاك من قيادات الحزب الوطني أو الحكومة أن مبارك هو مرشح الحزب الوطني في الانتخابات الرئاسية..فهذا حديث لايعتد به والأصل أن يعلن مبارك بنفسه موقفه النهائي. وعندما نطالب الرئيس بذلك فهذا لايعني الدعوة الي إعادة ترشيحه لفترة سادسة..بل لأن مانراه علي الساحة السياسية الآن يكاد ينذر بالخطر..وقد يعرض البلاد لما لاتحمد عقباه..فالرئيس-لايزال- في نظام الحكم المصري هو الحاكم الآمر وهو كل شييء..وكل أجهزة الدولة تدور في فلكه..فلا يتحرك كرسي في بلادنا الا بأمر الرئيس..لذا يبدو بديهيا أن تكون جميع أجهزة الدولة في حالة ترقب –وشلل أيضا- لمعرفة اسم مرشح الحزب الوطني القادم للانتخابات الرئاسية..ويجب ألا يتأخر الإعلان عن هذا المرشح كثيرا. تأجيل الرئيس في إعلان قراره دفع البعض الي طرح أسماء محسوبة علي النظام..مما قد يؤدي الي انقسام الدولة.. ثم ندخل الي مرحلة استقطاب حاد قد تتطور الي الأسوأ..لانتحدث هنا عن مرشحي المعارضة للانتخابات الرئاسية أمثال البرادعي وحمدين صباحي وربما رئيس حزب الوفد أو آخرون..فهؤلاء لايملكون ما يملكه مرشح الحكم..فإن جل أمانيهم هو كسب تأييد الشارع ولايطمعون في كسب تأييد أجهزة الدولة..لأنه ضرب من الخيال..أما مرشح الحكم أو الحزب الوطني فإنه يستهدف بشكل أساسي كسب ولاء الدولة وأجهزتها..وإذا تحقق له ذلك فالباقي –وهو تأييد الشعب- يصبح هينا. لكل ماسبق فإن من الخطورة أن تنقسم الدولة وتتفتت حول مرشحي الحزب الوطني..لأن الطبيعي أن يكون مرشح النظام والحزب الحاكم شخص واحد فقط..إما مبارك أو مرشح آخر سيختاره الرئيس بنفسه ولايمكن أن يفرض أحد علي مبارك من سيخلفه..لذا فإن تأخير الرئيس لقراره سوف يزيد الموقف تعقيدا. الدولة الآن بساستها وأجهزتها باتت تتداول في إفطارها وسحورها أخبارا وشائعات تتناول تسمية الوزارة القادمة وأعضاءها والبرلمان القادم ورئيسه..ويبدأ محدثك بجملته الافتتاحية..قل لي من هو الرئيس القادم..جمال أم مبارك..سأقول لك من هم الوزراء ورئيسهم والبرلمان ورئيسه..فالثابت في أذهان العاملين بالدولة وفي مستوياتها العليا أن رؤساء الأجهزة التنفيذية والتشريعية والمؤسسة الأمنية والحزب وبعض المناصب الحساسة بالدولة لن يتم تغيير قادتها ورؤسائها حال استمرار الرئيس مبارك في الحكم واعلانه خوض الانتخابات الرئاسية القادمة..وأن التغيير الكبير سوف يجري بشكل مرحلي حال تولي مرشح آخر منصب الرئيس (تحديدا إذا كان جمال مبارك) حيث يري كثيرون بالحكم أن وجوها كثيرة وقديمة سوف يطالها التغيير. حرب الملصقات الدائرة الآن بشوارع القاهرة وكل ملصق يطرح اسم مرشح للرئاسة..هي كارثة بكل المقاييس..فالنار تأتي من مستصغر الشرر.. لذا فإن الرئيس مبارك أصبح مطالبا لصالح هذا الوطن بإعلان موقفه الآن وليس منتصف العام القادم..فقد يفلت زمام الأمور..بعد أن أصبح الجميع في حالة تحفز لمعرفة موقف الرئيس..وهل سيخوض الإنتخابات الرئاسية أم لا..والبعض داخل الحكم أصبح متعجلا لذا بدأ في طرح اسم جمال مبارك مباشرة..وآخرون رأوا في طرح اسم الابن تقليلا من قامة مصر..فطرحوا اسما اخر لأحدي قيادات الدولة..وغدا قد نفاجيء بجهة ما تطرح اسما رابعا وخامسا وسادسا..وفجاة يتفتت كيان الدولة. من الحكمة أن يحدد مبارك موقفه من الانتخابات الرئاسية الآن وليس غدا.