ان المجتمع السليم والصحيح والمعافى ينبغى أن يخضع لمبائ اجتماعية راسخة الجذور يتعارف عليها الناس جيلا بعد جيل ,تترسخ فى أفكارهم وتعاملاتهم فى يومهم وفى غدهم لينشأ الجميع على هدى من هذه التعاليم الراسخة التى تبث فى عقول الافراد والجماعات وولاة الامور, مما يمكننهم من الاستعانة بها والتحلى بها فى وقت اللزوم والاقتضاء فى تسيير مجتمعهم وشؤونهم الدينية والدنيوية,ليسلم المجتمع كل المجتمع من الافات والادران التى يمكن أن تعصف به, وبتاريخه فى حين من الدهر وفى برهة من الزمن وفى خضم الاحداث وتقلباتها . هذه القيم يمكن أن تشكل بداية الدواء لكل داء لو عقلت وتدبرت بعناية الباحث عن الدواء وما أنزل الله داء الا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله,خاصة اذا كان الامر يتعلق بالاوطان , وحفظ الاوطان مقدم على حفظ المصالح الانية والاتية . يستشف من قراءة ما بين سطور الاية الكريمة التى كانت موجهة فى الاساس الى خير البرية القائد "" ولو كنت فظا"" وبمحاولة اسبار الغور فيها ,و قراءة الحكمة من ورئاها, يتوصل المرؤ الى ان الهدف من هذا الخطاب لقائد الارض صلوات الله وسلامه وعليه محمد ابن عبد الله رسم سياسة حكيمة راشدة ورشيدة ومرشدة فى تدبير شؤون الرعية والشأن الاجتماعى , وحكم الشعوب والامم. هذه المبادئ تتمثل فى قيم ينبغى أن يتحلى بها الناس والزعماء,وولاة الامر,وقادة الامم والشعوب,أضف الى ذالك الاباء والامهات ,وأساتذة التعليم والتربية وقادة المؤسسات المدنية وكل فى مهنته ومجاله التخصصى. انها قيم اللين والرحمة والرأفة , وبدونها لا تستقيم حياة الناس,ولن تستقر على اثرها المجتمعات,والامر يتطلب الحنكة والسماحة والتسامح فيما لا يمس جوهر الاوطان .وصبر أولى العزم من الناس والقادة لان انتهاج أى مسلك اخر غير مسلك اللطف واللين والرفق والحزم فى موضوعه,سيؤدى حتما الى انفضاض الجمع الذى كان من الممكن أن يتجمع حوله الجموع وأبناء الوطن الواحد , وهذه طبيعة انسانية تغلب عليها النشوز والنفرة من كل ما هو مظهر من مظاهرمحاولة السيطرة والسلطان الامر الناهى فى جفوة التعالى والترف من أى كان فى الوطن ولاسيما فى أوقات الشدائد والمحن والازمات ومن يدرى وعلى االرغم من ذالك لعل محنة تولد منحة . ان الاية اشتملت على تلطف, وفى غمرة المحن ينبغى على المعنيين بالامر أن يتعاملوا بمعاملة المربى الحاذق الماهر الذى يكشف الامور فى أناة وتؤدة عن مزالق الاخطاء ,حتى يرى الطرف الاخر أو الخصم أن ما صدر منهم ما كان ينبغى أن يقع, ربما هذه الكيفية ستؤدى الى مراجعات من الخصوم نتيجة للموقف المتلطف بهم من قبل الممسكين بزمام الامور فى أى دولة ما . كما أن الامر فى غمرة الاحداث يحتاج الى الرأى واالراى الاخر,والنقاش الواسع واالبحث المجتمعى للبحث عن حلول ناجحة للمشاكل المستعصية قد يطول أمد حلها ,كما أن النقاش المجتمعى أصفى من رأى الفرد -أو جماعة ما مهما يكن هذا الفرد وهما تكن هذه الجماعة - قد أوتى من رجاحة العقل والفكر والتفكير والتدبير. والمناقشة التى تاتى من صفاء الصدور وان أمكن بعد صفاء الصدور لا بد أن تنتهى الى مصالحة بين أبناء الوطن الواحد فى أى مجتمع ما والشعوب عموما, ودرء الاخطار عن الاوطان وترسيخ دعائم البنيان ليعيش الجميع فى ظله مرفوع القامة والهامة وحفظ الاوطان . وتتخلص النفوس من النزعات السلبية وتتجه نحو الايجابية وبناء الاوطان,ما أروع استقامة الافكار وما أخطر اعوجاج الافهام,ما أسهل الهدم وما أصعب البناء , ما أصعب التنافس فى الخيرات , وما أسهل التسابق الى الشرور والاثام . فينبغى أن نطرح من وراء ظهورنا كل ما يؤدى الى الفرقة والاختلاف والشقاق و يتوجه الجميع بنفوس صافية الى المستقبل,لتجمع راية الوطن الجميع حولها اخوة متحابيين لا باس ان نذكر أن المجتمع الذى بناه سيد الانام كان أفضل ما يكون الترابط بين أفراده فى ظل الوحدة الايمانية بين الافراد ,و الترابط بين الجماعات وولاة الامور, لصناعة مجتمع واحد تربطه القيم الفاضلة وتوحده أهداف الوطن السامية. فطوبى لمن جعلهم الله مفاتيح للخير مغاليق للشر.