كثُر الجدلُ هذه الأيام واشتد النقاش والحديث حول ترشُح الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع للرئاسة, وبلغت المُبالغات وأساليبُ النفاقِ والتزلفِ حداً مُحزِناً وفاضِحاً, لدرجةِ قيامِ أحدِ نافخي الكيرِ, ومُشعِلي الفِتنهِ, وطامِحي القُربِ مِن أي سلطه, فينحني لجمال مبارك, ويتزلف لطنطاوي وعنان, ثم يريد أن يُضرِبَ عن الطعام حتى الموت لكي يترشح السيسي للرئاسة, في وصلة نفاق غير مسبوقة لِطُرقِ الابتذال وضياعِ الكرامة, والرغبة في تحقيقِ شهوةِ أن يكونَ الصحفي الأوحد لحاكم البلادِ, آمِلاً أن يُعيدَ تاريخَ هيكل مع ناصر, وكم أتمني أن يُحقِقَ السيسي له أُمنيَّته وتضحيتَه الكاذبة الخاطئة, فيُحجِم عن الترشح حتى نري مدي قدرتهِ علي تحقيقِ وعدهِ باختيار الموتِ في مقابلِ رفضِ السيسي للترشح, ونِفاقُ أهلِ السلطةِ ليس جديداً فهو قديم قِدْم ضَعفِ النفسِ الإنسانية, واستجابتها لِنزعاتِها وشهواتِها في القُربِ مِن أهلِ السلطة, فقديماً قال أحدُهُم لِلحاكمِ:ما شئت لا ما شاءتُ الأقدارُ....فاحكُمْ فأنتَ الواحدُ القهارُ, فأنزلَ صِفاتِ الإله علي الحاكمِ في كُفرٍ صريحٍ واضحٍ ,وقال أحدُهُم عن الساداتِ (لو كانَ ألأمرُ بيدي لرفعتُه إلي منزلةِ ألَّا يُسئَلُ عمَّا يفعلْ,وعندما إستهجنَ أحدُ الغيورينَ علي دينِ اللهِ ذلِكَ وقالَ لهُ (إتق ِ الله) رد عليه بقوله (أنَا أعلم ُ باللهِ مِنكَ ),فعصيَ اللهَ مَرتين ,واحدهٌ بإنزالِ صِفةِ اللهِ عزَ وجلَ علي بشرٍ, لِقولهِ تعالي (لا يُسئلُ عما يفعل ُ وهم يُسئَلون),والأخرى بالكِبْرِ عن قبولِ الحقِ والتوبة إلي الله من هذا القول الشائن,ووقف أحدُهم ليمدحَ مباركَ بأيةٍ قرآنية فيها كلمةُ مبارك (وهذا ذِكرٌ أَنزلناه مباركٌ ليدَّبروا آياته),وآخرٌ قال إنه رأي مرسي ومعه رسول الله صلي الله عليه وسلم ,وحان وقت الصلاة فأمر الرسولُ مرسي أن يصلي به إماماً!, إذن النفاق والرياء والتزلف ليس من شيم ألأحرار ولا المجاهدين والمجاهرين بكلمة الحق, ولذا وتشبهاً بأهل الفضل هؤلاء, فإنني أقولُ بملءِ فِي أنني ضد ترشيح الفريق عبد الفتاح السيسي لرئاسة جمهورية مصر العربية, والذي أنا أحد مواطنيها وأتمتع بكامل قواي العقلية, وحقوقي الدستورية, لِعدة أسباب منها أنني أرفض رفضاً باتاً عودة الحكم العسكري لِمصر مرة أخري بعد 60 عاما من حكم ناصر والسادات ومبارك وطنطاوي وعنان, ونريد العودة للنظام المدني والتخلص من سيطرة العسكر علي الحياة المدنية, فالعسكر مكانهم الثغور والحدود والدفاع عن البلاد وليس الإغراق في دهاليز السياسة, وكذلك لأن في تولي رجل عسكري السلطة سيجعله دائماً في حاله من الإستقواء علي الشعب بقوة الجيش, فيجعل استجابته لطلبات وإرادة الشعب متأخرة وقد تكون مستحيلة, وكذلك لأن تجاربنا مع الحكم العسكري لم تؤدِ بالبلاد إلي أي نوع من التقدم الإقتصادي أو التحسن في المجال الاجتماعي أو الحريات وحقوق الإنسان أو العدالة الاجتماعية, بل تأخرت البلاد كثيرا بممارسات ناصر والسادات ومبارك فلا نريد إعادة التجربة مرة أخري, ثم إن الممارسات الموجودة الآن من توسيع آلة القتل وعدم التحرز والاحتياط في استخدام القوه تجاه المتظاهرين وخاصة طريقة فض اعتصام رابعة والنهضة, والذي نتج عنه إزهاق الكثير من الأرواح التي كان من الممكن تجنبها بقليل من الصبر وبعض الحكمة في التعامل, وهو ما نصحهم به الدكتور البرادعي ولم يستجيبوا له, واستنكرته المنظمات الحقوقية الدولية, مما يعطي مؤشرا خطيرا لطريقة التعامل فيما بعد عند الخلاف, علماً أن السلطات نفسها أثبتت أنها كان من الممكن أن تتبع أسلوباً أخف وأجدي وأحفظ للأرواح عندما قامت بفض إعتصامات كرداسة ودلجا بتخطيطٍ محكم وأقل في سفك الدماء, بالرغم من مقتل لواء شرطه في بداية اقتحام كرداسة, ولا نستطيع إعفاء الفريق السيسي من المسئولية عن الدماء التي أُريقت في رابعة والنهضة ومعه محمد إبراهيم وزير الداخلية ناهيك عن رئيس البلاد المؤقت عدلي منصور ورئيس الوزراء حازم الببلاوي, ولابد أن يتم التحقيق في هذا الأمر وتحديد المسئولية الجنائية لينال المُذنِب جزاءه أياً كان, ثم إن ملف حقوق الإنسان في هذه الفترة والتي يُعتبر الفريق السيسي فيها لاعباً أساسيا لا تُنبئ بخير, حيث تتم الاعتقالات بتهم فضفاضة أحياناً مثل التحريض علي العنف, أو مضحكه مبكيه أخري مثل ‘مل إشارة رابعة أو طبع تيشرتات مرسوم عليها العلامة لدرجة إغلاق المصنع الذي أنتجها, في نوع من الهزل السخيف, الذي لا يليق بدولة قانون, وكذلك اقتحام البيوت ليلاً وترويع الآمنين دون جريرة مما يعيدنا لعصر الدولة البوليسية القمعية التي قامت ثورة يناير لوأدها والتحرر من سلطان أدواتها وأهمها جهاز أمن الدولة المُنحل والذي سُمي فيما بعد بالأمن الوطني دون تغيير المضمون, ثم إن بقاء السيسي خارج مؤسسة الرئاسة وكوزير للدفاع, وبعد تجربته مع مرسي تجعل أي رئيس جديد مدني يعمل ألف حساب له وللجيش كقوة حاكمه مُراقبِه للوضع السياسي فيدفعه ذلك للاستجابة لمتطلبات الشعب, والتعاون مع كل القوي السياسية دون إقصاء, مما يعود بالنفع والمصلحة لهذا الشعب المسكين, الذي يقع بين مطرقة القوي القديمة والدولة العميقة, وسندان الخوف من المجهول والقوي الجديدة الحزبية المُفضِلة لتنظيماتها, والمُهمِلة لتطلعاته, فيندفع مرةً أخري بعد 60 عاماً للعودة لحكم الجيش!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.