مما لا شك فيه أن الثورة المصرية امتازت بنتائج كثيرة لا مجال لسردها الآن.. ولكن من أسوأ نتائجها أنها قسمت الشعب المصري إلى فصيلين متضادين متناحرين يتربص كل منهما بالآخر، وينتمي كل واحد إلى قائد مصري. فالجيش المصري عريق، وأنا أقل من أن أسرد نقاط عراقته، رغم أني خدمت فيه تحت قيادة اثنين ممن حفروا في الصخر حتى ظهرا على السطح: العقيد (حينها) سامي عنان، والمقدم (حينها) طارق عبد التواب المهدي، محافظ الإسكندرية الحالي. هذا الجيش العريق قوام أفراده وعدته من أصل ودم الشعب المصري. وجماعة الإخوان المسلمين قوة لا يستهان بها أيضاً، ذات جذور ضاربة في المجتمع المصري، أبناؤها مصريون من كل طوائف الشعب وفي مختلف دوائر العمل والمصالح الحكومية وغير الحكومية. فلا نشكك في وطنية كل من الفريق السيسي والرئيس مرسي، لأن كلاً منهما أقسم يميناً ووضع نصب عينيه مصر ومصلحتها أولاً، وحرص كل منهما على السير في الدرب الصحيح من وجهة نظره. ولكن هناك من هو من مصلحته جر مصر وشعبها إلى نفق مظلم يتناحر فيه أبناؤها بين مؤيد لهذا ومنافح لذاك، وفي النهاية ضحايا من هنا وشهداء من هناك، في حين أنهما مسلمان. (والحديث معروف ومشهور). فإذا تناحر هذان الفصيلان القويان فالمنتصر والمستفيد واحد لا غيره، وهو الآن في أعلى درجات النشوة والفرح بتلك الحرب الدائرة بين الطرفين، والتي لا يعلم مداها إلا الله. سينتصر عدو الفصيلين وليس أحدهما. لذا، يجب على العقلاء من قادة الفصيلين والشعب التدخل لنزع فتيل حرب أهلية تدمر الشعب المصري وقواه.