لم يتوقع أكثر المناهضين لاستزراع المادة 76 في الدستور المصري أن يأتي إعلان سقوط هذه المادة الفضيحة بهذه السرعة على يد الحزب الوطني نفسه أو على يد أهم لجانه المسماة لجنة السياسات من خلال حملتين إحداهما تدعي ائتلاف دعم ترشيح جمال مبارك للرئاسة وقيامها بجمع توقيعات شعبية لدعم والثانية تدعى اللجنة العليا لتأييد إعادة ترشيح مبارك الأب للمنصب الرئاسة للمرة السادسة في الانتخابات القادمة. فماذا يعني ذلك ؟ وهل ينكر منصف أن هاتين الحملتين دقتا أكبر خابورين في الدستور المصري المهلهل كما أعنتا رسميا سقوط ترزية المادة 76 في أول اختبار حقيقي وعملي، وهذا ما سنعود له بالتفصيل لاحقا. وبالعودة إلى أصل الموضوع نجد أن حزب الوطني يعيش هذه الأيام مع حالة الخضة المزمنة التي تهاجمه بين حين وآخر خصوصا بعد دخول الدكتور البرادعي مع الجمعية الوطنية للتغيير على خط المطالب السبعة فتنتاب أعضاء الحزب وقياداته حالة اضطراب مقرونة باصفرار الوجه تعبها هلوسة التصريحات المتناقضة وتتطور الحالة المرضية كل يوم فالقوم لايعرفون طريقة لنهب مقدرات الشعب وبيع ثرواته للمحاسيب سوى بارتكاب عمليات التزوير، ولا يجدون وسيلة لإخراس أصحاب الحق سوى عصا الأمن الغليظة ووصلات الردح الإعلامية للنيل من كل من تسول له نفسه الدفاع عن حقه في الحرية والعدالة. عندما تخطت التوقيعات على بيان التغيير حاجز 600 ألف توقيع أصيبت مراكز التفكير في النظام بحالة شلل تعبر عن واقع الفشل في إدارة شئون الشعب المصري فكان القرار العبقري الذي يعبر عن حالة تفسخ بادية للعيان تمثلت في عرض مسرحيتين هزليتين إحداهما تدعو للتوريث والثانية تدعو للتمديد، رغم فشل تسويق مخطط التوريث أكثر من مرة. ومن عجائب الحملة الشعبية لتأييد توريث دولة مصر بالجدك أنها تتعامل مع شعب قوامه 80 مليونا كأنهم قطعان من الأغنام السائمة وليس بينهم شخص واحد لديه قدرة التمييز بين الحق والباطل ولا بين الخير والشر، ولا بين الثمين والغث ولا بين العقل والجنون. ودليل إفلاس فريق تعجيل التوريث وفرضه كأمر واقع ليس اختيار أحد الأفاقين لقيادة حملة الترويج الشعبية من المقعدين والمفصولين من الأحزاب الأخرى، بل اتباع أسلوب جمع التوقيعات التي تستخدمة الجمعية الوطنية لاكتساب الشرعية الشعبية لمطالبها العادلة، فعلى أساس أي إنجاز تنطلق الدعوة لتوريث مقدرات الشعب المصري ؟ وكيف يصدق الفقراء محترفي الكذب على مدى 30 عاما من الوعود الكاذبة ؟ وكيف يصدق الناس من ادعى في بداية الحملة أنه يقود حركة شعبية ويجمع الأموال من الفقراء للإنفاق على الملصقات ثم ظهرت الحقيقة الفاضحة أن هذ الحملة الشعبية دعمت من جيب الدكتور محمد إبراهيم كامل عضو لجنة السياسات ب 2 مليون جنيه ( المصري اليوم ) لم تكف شركاء الحملة المشبوهة فاستعانوا بصديق للحزب من الجمعية الشرعية بمنحة لاترد مقدارها 33 ألف جنية ؟!!! وكيف يؤكد أحد أقطاب الحزب الحاكم أن هذه الحملة الشعبية لدعم ترشيج جمال للرئاسة لاتنتمي إلى الحزب الوطني ولا يعرفون عنها شيئا بينما تسخر كل أجهزة الدولة لرعايتها ؟!! أليس فيهم رجل رشيد ؟ إن انطلاق حملة الكردي وشركاه لبذر الملصقات الدعائية في المحافظات المختلفة وفي شوارع القاهرة وأحيائها الشعبية ثم انطلاق حملة أخرى لدعم التمديد لمبارك الأب يعني بداهة أن الإحساس بالضعف والوهن الشديد تمكن من العمود الفقري للنظام وأدرك كل من الأب والابن ومن لف لفهما أنهما يفتقدان للشرعية الشعبية، وإلا فما الضرورة التي تدعو أحدهما أو كلاهما لخطب ود الشعب بجمع توقيعات في ظل خصحصة شروط الترشح دستوريا لصالح شخصين فقط هما الرئيس وولده سوى الإحساس انتهاء مشوار التمديد لأسباب صحية وفشل التوريث لأسباب موضوعية ؟. ياسادة، النظام يمر اليوم بأضعف مراحل وجوده لحدوث قطيعة وكراهية كاملة بينه وبين الشعب وخصوصا الفقراء منه، وأن انقطاع الكهرباء ومياه الشرب ونقص الخبز دلالات على انعدام أهلية هذا النظام لحكم هذا البلد، وعلى قوى المعارضة المخلصة – وحدها-أن تضم الأيدي لخع النظام الكريه وألا تشارك في المساومة الانتخابية على جواد خسر الرهان مع نفسه مليون مرة دون أن يتعلم فضيلة واحدة. [email protected]