في كتابه الجديد ٬ " لم يكن هناك يسوع , لايوجد إله" "رافائيل لاتستر" يدعو إلى الإلحاد منذ القرن الثامن عشر ٬ ومع التطور العلمي والتقني الذي بدأ يجتاح العالم الغربي٬ بدا أن العلم ذلك الشخص الوسيم والوافد الجديد على العالم , بدا أنه قد أصابه بعض الغرور المشروع أحيانا والمتوحش أحيانا أخرى ! ٬ فلم يكتف بالسير والانطلاق في فضائه الرحب ٬ وعالمه الواسع ٬ بل أخذ يزاحم الدين أيضا في كل مجالاته ٬لكن المؤسف أنه لم تكن كل تلك الدراسات العلمية نزيهة وموضوعية كما قد يتبادر إلى الذهن ٬ وكما كان ينبغي أن يكون ٬ باعتبار أنها تنطلق وتتحرك في إطارها العلمي ٬ فقد كان بعضها تحركه خلافات مذهبية وأيدلوجية ودينية ٬ جعلت العبث الشخصي والأهواء البشرية تتسلل أيضا إلى القضايا العلمية ذاتها . لم يعد العلم يعترف بالمسلمات إذن ومنها الدين بطبيعة الحال ٬ فبدأ التشكيك يتوغل إلى كل شيء سواء فيما يسمى الكتب المقدسة أو أو الأنبياء ٬ وامتد العبث الغربي ليشمل وجود الله ذاته . كانت هذه مقدمة ضرورية لكي نقرأ السياق التاريخي والعلمي الذي صدر خلاله هذا الكتاب ٬ للباحث الأسترالي "رافائيل لاتستار" "Raphael Lataster" والمعنون ب : "ليس هناك يسوع , لا يوجد إله " أو There was no Jesus, There is no god . لقد كانت شخصية المسيح الإنجيلي محل نقد كثير من الدارسين ٬ فثار حوله وحولها الكثير من الجدل وبخاصة فيما يتعلق بطبيعة مهمته ودوره , ما بين نبي من الأنبياء أو أحد الفلاسفة أو مصلح اجتماعي ٬هذا بالإضافة إلى الاعتقاد السائد بألوهيته لدى الكثيرين في المجتمعات الغربية . لكن العجيب أن الموجات الدراسية والبحثية قد بدأت تتخذ منعطفا جديدا وهو التشكيك ليس فقط في ألوهية المسيح بل وفي وجوده أيضا , فباتت هناك قناعات لدى البعض بأنه لم يكن هناك شخص اسمه المسيح !!و يعتبر" رفائيل لاتستر واحدا من هؤلاء الباحثين الذين توصلوا إلى تلك النتيجة. لقد آثرنا اختيار كتاب لاتستر ليس لأنه يحمل فكرة جديدة , بل كما أشرنا من قبل , إلى أنه ليس أول من يصرح بذلك لكننا اخترناه , دون غيره لسببين ٬ الأول : أنه وللمرة الأولى في تاريخ الجامعات في أستراليا بل وكما يؤكد البعض في تاريخ جامعات العالم المسيحي , يتم قبول مناقشة رسالة ماجستير تنكر وجود ليس فقط شخصية المسيح بل ٬وشخصه أيضا .السبب الثاني لاختيارنا لهذا الكتاب هو الجزء الصادم من عنوانه وهو : "لا يوجد إله ". إن هذه النتيجة الخطيرة (لا يوجد إله ) لتلك المقدمة المثيرة : "لم يكن هناك يسوع " أمر يستدعي من الجميع الوقوف أمام تلك النظرة الاستعلائية والإلحادية في وقت واحد , فما زال العالم الغربي يصر على احتكار العلم والدين معا ٬ فما دام ليس هناك المسيح الإله ٬ فلا إله على الإطلاق ! لقد كان من نتيجة غياب أو على الأقل ضعف التواجد العلمي والحضاري للمسلمين هو حالة التيه تلك التي يعيشها العالم الغربي المتعطش للإله الحقيقي الذي لم يكن أمامه غير المسيح ليؤلهه ٬ فلما عجز القلب والعقل والعلم عن تحمل فكرة تأليه الإنسان ٬ لم يكن أمامه من طريق بديل سوى الإلحاد الذي لم يعد قاصرا على الاعتقاد الشخصي فقط ٬ بل أصبح تيارا جارفا الآن ٬ يقوده بعض العلماء المشهورين من خلال إصدار الكتب وعقد المناظرات ٬ ويأتي على رأس هؤلاء العلماء الملاحدة atheists " ريتشارد دوكنج " Richard Dawkings أحد أكبر المدافعين عن نظرية داروين ٬ ومعه كل من "كريستوفر هيتشن" Christopher Hitchens و "سام هاريس Sam Harris " , الذين أصبحوا يلقبون في العالم الغربي ب" الثالوث غير المقدس أو Unholy Trinity " صحيح أن هناك علماء آخرين ينتمون إلى معسكر المؤمنين قاموا بالرد عليهم , ومنهم "فوكس داي " Vox Day في كتابه الجديد "الملحد غير العقلاني أوirrational aetheist " لكن المشكلة أن العالم الإسلامي مازال غائبا عن قضيته الكبرى أيضا ٬وأعني بها : قضية التوحيد .