في حوارات الرئيس بوش مع من يعتقد أنهم يعارضون ولو تلميحا لقراراته يميل دائما وفريقه المحافظ إلى تبرير أفعاله بأنها الحرب ، وبمعنى آخر أنه يجوز للرئيس في زمن الحرب ما لا يجوز له في زمن السلم وعليه فأمريكا ستعيش أيام بوش كلها في حرب لأنها وكما عبر أحد الكتاب البارزين ( إنها الحرب يا غبي It"s war stupid أما عندنا فالحال يبدو مشابه إلى حد كبير وإن اختلف السبب ولكن بقيت التصرفات كما هي والتبرير هو نفسه مع اختلاف طفيف فبدلا من أنها الحرب يا غبي صارت إنها السلطة يا غبي فالسلطة تبرر لأصحابها ما يفعلون ونحن بالفعل أغبياء إن تصورنا أن النظام غير مدرك لما يفعله وما يقوم به من أفعال ، بل النظام مدرك لكل ذلك وهو يراهن على يأس الشعب وتحطيم معنوياته ، وهو كما كان ينادي أمير الظلام الأمريكي ريشارد بيرل ( اضربه فسينتفض ، اضربه ثانية سيتظاهر ، اضربه من جديد سيضربك ، عندئذ : اقتله رغم تفاوت القوى ) وحين كان يسأل عن الكرامة وكيف أن الأمريكان قد يقتلون بلا رحمة فكان يقول ( لننس الكرامة .. إنها الحرب ) إنها السلطة إذن ; هذه الساحرة الماكرة التي تجذب إليها قلوب الضعفاء والباحثين عن الضوء السطة هي التي تغري بمالها أي إنسان ضعيف في أي موقع ، وهي التي ترهب بغلظتها من يفكر في أن يقول لها لا .. السلطة هي التي تدفع عامل التلفونات إلى التجسس والتصنت بهدف حماية السلطة وهي التي تدفع بموظف الأمن في أي مكان عام إلى ترقب ما يحدث و الإبلاغ عمن تكرهه أو يكره السلطة السلطة هي التي تدفع بصحافي من الدرجة الثالثة لكي يكون مستشارا إعلاميا فحلا لا لشيء إلا لقدرته الفائقة على الكذب والسلطة هي التي تدفع بمالها وبريقها أستاذا جامعيا فاشلا لكي يخصص له برنامجا تلفزيونيا له مخصصات مالية ضخمة لآ لشيء إلا أنه منافق وكذاب ويدافع عنها ليل نهار وهي ترد له الجميل مرتين مرة بالدفع مقدما ومرة ثانية بتبنيه وحمايته ولو عن طريق الحصانة البرلمانية في مجلس الشعب أو مجلس الشورى الذي منحت عضويته لقاتلي المصريين وسارقي المال العام مرات عدة إنها السلطة التي تدفع بالقيادة السياسية إلى الاعتذار والتبرير عن أفعال ارتكبتها أو قصرت فيها أجهزة الأمن ، وعلى سبيل المثال ما حدث مع النائب البريطاني جورج جالاوي وما حدث في الإسكندرية وما حدث من قبل مع سعد الدين إبراهيم وما حدث مع الصحفيات في مظاهرات كفاية ..كلها أحداث تسبب فيها الأمن وبدلا من أن يقال المسئول أو يعاقب يضطر الرئيس أو رئيس الوزراء ( للترقيع ) خلف الأمن ؟ لماذا ؟ إنها السلطة ؟ هل يستطيع مسئول أو يجرؤ أن ينال من رجل الأمن رغم علمه علم اليقين بممارسات الأمن التي تجاوزت العقل والمنطق ومن قبل قد تجاوزت القانون ؟ لا أحد يجرؤ والسبب أن السلطة والنفوذ والمال والجاه كلها أمور محروسة بالأمن ! تصوروا لو رفع الأمن يده وغطاءه عن كثير من المسئولين ما الذي سيحدث لهم ولنا ولمصر ؟ • لن يستطيعوا مغادرة مطار القاهرة أو الموانئ المصرية قبل أن يحاكموا • لن يتمتعوا بحصانة مدفوعة الأجر في المجالس التشريعية • سيتم سجن تسعين في المائة منهم بتهم النصب والاحتيال والفساد والتزوير والنصب • لن تجد صحفي ولا صحفية يكتب لحسابهم بعد تلك اللحظة • ستخلو الصحف والمحلات والفضائيات المصرية من اعلانات الشركات التابعة لهم • ستخلو نفس المجلات والصحف والقنوات من المقابلات التي تجرى معهم ومع أعوانهم بزعم أنهم رجال أعمال وقادة ووطنيون • سنكتشف أن مصر محكومة بمجموعة لا ضمير لغالبيتهم ولا وطنية لمعظمهم • سنكتشف أن مصر لديها القدرة على ملء الفراغ وبسرعة مذهلة في أعقاب زوال هؤلاء • ستعود للأمن مكانته ومهابته ومحبته في قلوب الشعب • سيصفق الناس لرجال أمن الدولة على شجاعتهم ووطنيتهم وقدرتهم على وقف الزيف والخداع • سيتم تطهير القناة الأولى المصرية وأخوتها من عبد السميع والجوقة • سيقوم فصيل من العلمانيين والليبراليين ( النفعيين ) بالبحث عن مجلات خليجية أ، أمريكية للكتابة عن ذكرياتهم مع الأمن وكيفية تلقيهم الأوامر ، تماما كما كانوا يفعلون حين كانوا يتجسسون على الطلبة والدارسين المصريين في الخارج ( التجسس الوطني ) • سيختفي السيد رفعت السعيد من على الخارطة السياسية ليتفرغ لكتابة مقالات عن الرئيس بعد أن انتهى من كتابة كل شيء عن الإخوان • سوف يتم الكشف عن العشرة مليارات إياها التي اختفت من الحسابات في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات • سيختفي رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام المعينون بالكليات والجامعات المصرية • ربما يتم اغلاق الصحف القومية أو على الأقل ترحيل رؤساء مجالس إدارتها ورؤساء التحرير وابرز الكتاب الى الدول العربية الشقيقة التي لا تزال تنعم بالسيطرة الأمنية • سيعود العمد إلى ما كانوا عليه قبل تعيينهم في هذه المناصب وربما يتم تهجيرهم الى قرى ومحافظات مجاورة لضمان عدم تحرش المواطنين بهم • سوف يتم التعرف على ميزانية كل مؤسسة من مؤسسات الدولة وسفو تنتشر المعلومات ونعرف على وجه الدقة أوجه التداخل بين الحزب والدولة والأسرة والمجتمع والناس • سيتم استضافة معظمهم في برامج من نوعية ( حديث الذكريات ) لمحطات فضائية عربية تدفعها بالدينار والدرهم والريال مقابل كشف بعض الأوراق الخاصة بعلاقتهم مع الأمن • ستخلو السجون من المعتقلين السياسيين و الإسلاميين الذين طال بقاؤهم عشرات السنين خلف القضبان • سوف لا يجد بعض المسئولين ممن رفع عنهم غطاء الأمن عملا يعملونه لأنهم بساطة لا يجيدون شيئا سوى نشر تقارير الأمن أو ترويجها عبر مؤسساتهم • سيتمكن المواطن العادي من الاقتراب من بيوت المسئولين وقصورهم دون أن يرغب في دخولها لأن ما فيها سيكون مكشوفا ومعروفا وليس مستورا ومحجوبا • ستحدث انفراجة في أزمة المساكن لأن معظم هؤلاء الذين يحتفظون لأنفسهم و لأبنائهم ولأحفادهم وأحفاد أحفادهم بمساكن وشقق وفيلات سيضطرون لتسليمها فلا حاجة لهم بها فأوربا أو أمريكا أوسع وأرحب • سوف تقل معدلات الجريمة الاجتماعية • سوف لن يتوب بعض الكتاب من جوقة المنافقين عن نفاقهم وسيحاولون ركوب الموجة والحديث عن العصر الجديد والفكر الجديد ، وعن جمال المرحلة الراهنة وبؤس السابقة وعن براعة الشرطة وقدرتها الفائقة على التصدي وكشف المستور ، كل هؤلاء سوف لن يتمتعوا كثيرا لأنهم سيحاكمون بتهمة الكذب والتزييف والسب والشتم العلني وكل ما يمكنهم فعله ساعتها هو اللجوء للسفارة الفرنسية بحجة أنهم مرفوع عنهم الحجاب ( الأمني ) وفرنسا معروفة بحماية غير المحجبين .. • لأول مرة في تاريخ مصر ستجرى انتخابات نزيهة وحرة وجادة لانتخاب أول رئيس منتخب وأول برلمان منتخب وأول مجلس شورى منتخب • ستحدث أشياء أخرى كثيرة ، اتركها لخيالك عزيزي القارئ إن كانت السلطة قد أبقت على شيئ من عقولنا لنتخيل . تحت السطور السلطة هي كلمة السر ، وبدونها سوف يذهب كل هؤلاء إما إلي الشارع أو إلى السجون .. هل يرضيك يا عزيزي المواطن ( بهدلة ) أولاد السلطة !!