جامعة بنها تسدد مصروفات 1218 طالبًا غير قادرين    أثناء لقاء محافظ أسوان بوزيرة التنمية المحلية: متابعة مشروع رفع كفاءة النظافة العامة    قناة السويس توقع اتفاق بناء أول سفينة دعم غوص بمنحة يابانية مليار جنيه    النيابة العامة تُجرى تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل دمنهور (2)    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    تكثيف حملات النظافة حول الكنائس بالشرقية    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نائب محافظ الدقهلية يتفقد مشروعات الخطة الاستثمارية بمركز ومدينة شربين    أمين عام حزب الله: نزع السلاح مشروع إسرائيلي أمريكي    "القاهرة الإخبارية": خلافات عميقة تسبق زيلينسكي إلى واشنطن    وزيرا خارجية تايلاند وكمبوديا يصلان إلى الصين لإجراء محادثات    تشكيل أمم إفريقيا - مهاجم ريال مدريد أساسي مع غينيا الاستوائية.. وثلاثي في وسط السودان    ميلان يرتقي لصدارة الدوري الإيطالي بثلاثية في شباك فيرونا    انطلاق أعمال لجنة اختيار قيادات الإدارات التعليمية بالقليوبية    وزارة الداخلية تضبط سيدة وجهت الناخبين بمحيط لجان قفط    وداع هادئ للمخرج داوود عبد السيد.. علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية    رحيل «دقدق» مؤدي المهرجانات الشعبية.. صاحب الأغنية الشهيرة «إخواتي»    تأجيل تصوير مسلسل «قتل اختياري» بعد موسم رمضان 2026    أكرم القصاص للأحزاب الجديدة: البناء يبدأ من القاعدة ووسائل التواصل نافذة التغيير    من مستشفيات ألمانيا إلى الوفاة، تفاصيل رحلة علاج مطرب المهرجانات "دقدق"    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    بابا لعمرو دياب تضرب رقما قياسيا وتتخطى ال 200 مليون مشاهدة    عاجل- هزة أرضية عنيفة تهز تايوان وتؤدي لانقطاع الكهرباء دون خسائر بشرية    وليد الركراكي: أشرف حكيمي مثل محمد صلاح لا أحد يمكنه الاستغناء عنهما    الزمالك يصل ملعب مباراته أمام بلدية المحلة    وزارة الصحة: غلق مصحة غير مرخصة بالمريوطية وإحالة القائمين عليها للنيابة    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حينما نزل الغيث ؟!    رئيس جامعة بورسعيد يكشف تفاصيل استعدادات الجامعة لامتحانات الفصل الدراسي الأول    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    وصول جثمان المخرج داوود عبدالسيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    البنك الأهلي وبنك مصر يخفضان الفائدة على الشهادات متغيرة العائد المرتبطة بالمركزي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    انتظام حركة المرور بدمياط رغم سوء الأحوال الجوية    الداخلية تقضي على بؤر إجرامية بالمنوفية وتضبط مخدرات بقيمة 54 مليون جنيه    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    «ليمتلس ناتشورالز» تعزز ريادتها في مجال صحة العظام ببروتوكول تعاون مع «الجمعية المصرية لمناظير المفاصل»    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    أحمد سامي: تعرضت لضغوطات كبيرة في الاتحاد بسبب الظروف الصعبة    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحولات.. تركيا تتبادل الرسائل مع الغرب!..
نشر في المصريون يوم 25 - 07 - 2010

تصريحات ومواقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان فيها دوماً ما يؤشر على بعض مناحي التحولات الإستراتيجية التركية، وتظل عينها دائماً على الداخل التركي. الرأي العام، وبقايا قلاع الأتاتوركية المتآكلة، وتلك الفئات والنخب، أو الأقليات السياسية، التي قطعت شوطاً من الصعوبة عليها العودة عنه في تغريبتها الأقرب إلى الاستلاب. لكنما تصريحات وزير خارجيته أحمد داود أوغلو، مهندس سياسة صفر مشاكل مع الجوار، والمنفذ الحاذق لمسيرة الانفتاح شرقاً، أو شرق هذا الجوار، هي البارومتر الدقيق لتكتيكات التصاعد والتراجع في الخطى التركية المتحولة هذه، تلك التي يبدو أن الشارع التركي هو الأكثر حماسة لها وأشد حرصاً على مواصلتها، وربما، حتى أكثر من مهندسيها أنفسهم، أي حكامه.
هؤلاء الحكام، أو حزب العدالة، أو الأردوغانية التركية، تدرس خطواتها هذه بحكمة وتعقل وحذر، وفي اختيارات اتخاذها تتسلح بذكاء لا ينقصها، وحيث لا يفوتها فهم التعقيدات التركية وعلاقات تركيا التليدة مع الغرب وإسرائيله، إلا أن المسار العام لخطواتها الحذرة، حتى الآن على الأقل، يبدي عناداً هادئاً في مواصلة خطى هذا التحول.
وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، تتخذ تصريحاته المتتالية شكل الرسائل الموجهة لشتى الأطراف المعنية خارج تركيا، وأحياناً حتى داخلها. وفي الفترة الأخيرة شهدنا نوعاً من التجاذب بين الطرف التركي وسائر الاتجاهات الأخرى المعنية برسائله المدروسة والمحكمة دقيقة الإيحاءات. وأهمها ثلاثة. الإسرائيلي والأميركي والأوروبي. وهذه الجبهات الثلاث المفتوحة الآن أكثر استعداداً لاستيعاب ما أمكن مثل هذا التحول التركي غير المرغوب فيه، أو بهدف التخفيف من غلوائه في نظر أطرافها، أو بالنسبة لرؤيتها هي لتداعياته الإستراتيجية.
الحوار بين الأتراك وهذه الأطراف الثلاثة اتخذ ويتخذ أشكالاً عديدة ومختلفة. إسرائيلياً، كان له، ومنذ البداية، الصفة الدموية لمذبحة سفينة مرمرة في عرض المتوسط، والتي لم يجف دم شهداء نشاطاتها لكسر الحصار عن غزة المحاصرة عبر أسطول الحرية بعد، وصولاً، إلى عقدة، وجوب الاعتذار والرد ب"لن نعتذر"... إلى آخر تجليات الأزمة التركية الإسرائيلية الناجمة عن هذه المذبحة القرصنة.
د. أحمد داود أوغلو لم يزل يؤكد على اشتراطاته إياها في كل إطلالاته وتصريحاته المتلاحقة المتعلقة بالأزمة... الاعتذار، وتشكيل لجنة تحقيق دولية (شكلت مؤخراً لجنة أممية قالت إسرائيل إنها لا تعنيها ولا تعترف بها)، والتعويض على الضحايا واستعادة السفن المصادرة (قررت إسرائيل لاحقاً الإفراج عنها)، وفك الحصار عن غزة... وإلا "سنقطع علاقاتنا الدبلوماسية بإسرائيل". مع تحذير: "لن ننتظر القرار الإسرائيلي إلى مالا نهاية"، وإذا لم تلب إسرائيل مطالبنا "فسنتحدث عن عقوبات من جانب واحد"، ونحن لدينا خارطة طريق تشمل إجراءات ستُتخذ ضدها، ومن الآن "المجال الجوي التركي مغلق بالكامل أمام الطائرات العسكرية الإسرائيلية"...
الجواب الإسرائيلي على تأكيدات أوغلو كان سريعاً وواضحاً ومتغطرساً، قال له نتنياهو بصريح العبارة لن نعتذر ولن نعوّض على الضحايا. وبالتالي جاء الرد التركي أيضاً سريعاً وقاطعاً، قال أوغلو: "في هذه الحالة لن تصلح العلاقات أبداً".
الأتراك وهم يكررون اشتراطاتهم لا يتعاملون معها بنفس الصرامة، أو هذا ما تعكسه أولويات طرحها عند أوغلو... مثلاً، مسألة الاعتذار و التعويض لها الأفضلية دائماً، حيث ليس من السهل على الأتراك التراجع عنها، وإلا انتقلت الأزمة لتغدو بينهم وبين شارعهم، وأصبحت قيد المزايدات من قبل خصومهم المتحفزين في المعارضة.
أما مسألة فك الحصار عن غزة فلا يبدو أنها تأخذ ذات الأولوية، أو على الأقل لا تعكس التصريحات التي تأتي عليها إلا لماماً ما قد يشي بالإصرار عليها. وربما في آخر تصريحات وزير الخارجية أوغلو، كان نوع من التراجع الشكلي عكسه القول بالاعتذار بعد تشكيل لجنة التحقيق الدولية... هذه اللجنة التي إن لم تشكل فلسوف "تتخذ تركيا التدابير الضرورية"... لكن الموقف الإسرائيلي هو الثابت الذي لم يتغير، ونحن هنا نتحدث عن ما يصدر في العلن، أما المباحثات التي قد تجري تحت الطاولة، والوساطات التي يقوم بها الغرب بأجمعه، فمسألة أخرى... الأتراك لا يسمعون من الجانب الإسرائيلي ما هو معلن بأكثر مما قاله ليبرمان: "لا نية لدينا أبداً للاعتذار من تركيا"، والأكثر ليونة منهم ما كان منهم مثل موقف باراك، الذي عارض لقاء بين إليعازر وأوغلو، لأنه كما يقول، "قد كان واضحاً أن اللقاءات غدت لإثارة مزاعم وشكاوى تركية من المس برجالهم ومن قتلى الأسطول، وكذلك مطلبهم بتعويض عائلات الجرحى والقتلى، ولذلك لم أر من الصواب اللقاء معهم في هذا الوقت".
الردود الإسرائيلية لم تكتف بإبداء الصلف والعنجهية والإصرار بوقاحة على روايتها للمذبحة، بل تصل إلى نوع من الاتهامات والتهديد، من مثل رد اتسم بالغضب من بعض تصريحات أوغلو عبّر عنه مصدر سياسي إسرائيلي وصف بأنه رفيع المستوى، يقول: "من ينتهج أسلوب الإنذار والتهديد لا يبحث عن التجاوب مع مطالبة، وإنما عن ذرائع لتنفيذ التهديدات"! هذا هو الاتهام، أما التهديد فهو الذي يقول على لسان المصدر ذاته: إنه في حال لجأت تركيا إلى قطع علاقاتها معنا "فإن الأمر سيرتد عليها بالضرر، وعلاقاتها مع الغرب سوف تضرر بشكل يصعب إصلاحه"...
إذن هم يهددون تركيا بالغرب، بطرفيه، الأميركان، والأوروبيين، وهنا، ندلف إلى ما وصفناه بالحوار، أو تبادل الرسائل بين الأتراك وهذين الطرفين... مع الطرف الأوروبي، ليس هناك الكثير أو الجديد لقوله، ما خلا ما يتعلق بالملف النووي الإيراني المعروف، وبعض الإيحاءات البريطانية المتذاكية التي بلا رصيد اتحادي أوروبي تصرف منه، حول مسألة جزرة قبول تركيا في الاتحاد. أي لا جديد فيما يتعلق بهذه المسألة الاتحادية ولا مستجد في القضايا العالقة الأخرى كالأزمة القبرصية مثلاً، أما ما يتعلق بإسرائيل، أو الموقف الأوروبي من مذبحة أسطول الحرية، فقد عكس تبرم الأتراك منه قول أحمد داود أوغلو في جولته الأوروبية الأخيرة: "نحن جزء من الغرب، وإذا كان الغرب ينظر إلى تركيا على أنها قوة خارجية أو كمشروع تكسبه أو تخسره فإن منطقهم خاطئ"، ويعود ليُسمع هذا الغرب ما لا يريد سماعه، وهو أن إسرائيله تشكل "تهديداً للسلام في المنطقة، ومثل هذه السياسات المعادية للسلام لا يمكن قبولها بذريعة مواصفة تصغير المشكلات من قبلنا"... ويضيف، و"إذا كانت ازدواجية المعايير قيمة غربية فنحن ضدها"... ليخلص إلى القول: على الاتحاد الأوروبي "أن يحسم خياراته الإستراتيجية"....
الأميركان ليسوا بعيدين عن كل هذا الأخذ والرد بين الأتراك والأوروبيين، ومن جهتهم يجهدون لاحتواء أزمة سفينة مرمرة ما استطاعوا وللصالح الإسرائيلي طبعاً، وتقلقهم أيما قلق توجهات تركيا الأردوغانية، وقلقهم هذا يأخذ تعبيرات شتى، منها طلب السيدة كلينتون من أنقرة الابتعاد، بل الانسحاب، من الملف النووي الإيراني... وكصدى لهذا الطلب، ربما جاء الموقف الروسي البراغماتي، حيث استبعد لافروف ضم تركيا والبرازيل لمجموعة 5+1، المحتكرة لمسألة الحوار النووي الإيراني الغربي... أوغلو رد على كلنتون: إن "حوار تركيا مع إيران لن يتوقف وسنقوم بكل ما تتطلبه علاقات الجوار"، ورغم أنه اتخذ خطوة إلى الخلف حيال هذا الأمر، بقوله: لقد صوتنا ضد العقوبات على إيران لكننا سنطبقها "طبعاً"، فقد أوضح لكلينتون: "إن أحداً لا يمكن أن يقول لنا ابقوا خارج هذه العملية نحن داخل عملية تؤثر علينا... نحن نتدخل في كل ما يتصل بمصالحنا الوطنية".
إذن هو حوار رسائل على أشده بين غرب يريد استعادة تركيا لبيت طاعته وأتراك جدد قطعوا شوطاً في عثورهم على هويتهم الضائعة لقرابة قرن، ودروهم المفقود خلاله، ويغريهم ويشجعهم ما رافق هذا العثور من وفير ما جنته مصالحهم بانفتاحهم على فضائهم الحضاري والجغرافي وفي زمن قياسي أدهش حتى طورانييهم... حوار يحتدم ببطء، وقد يتطور إلى التراشق حتى الانقطاع!
المصدر: عرب 48


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.