وزير المالية: ملتزمون بتحسين بيئة الأعمال وتنفيذ خطط إصلاح حقيقية وملموسة    بعد تعرضها للقذف الإسرائيلى :وصول وفد كنسي من القدس إلى كنيسة دير اللاتين (كنيسة العائلة المقدسة) في مدينة غزة    مورينيو: سأعود للتدريب في البرتغال وأنا بقمة عطائي    انهيار عقارين في ساعة واحدة في مصر القديمة وساحل شبرا    حزب مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    القائمة النهائية للمرشحين على النظام الفردي لمجلس الشيوخ بالمنيا    الهيئة الوطنية تعلن القائمة النهائية لمرشحي الفردي ب"الشيوخ" 2025 عن دائرة الإسكندرية    ننشر أسماء 7 مترشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن محافظة شمال سيناء    بعد 19 عامًا.. مصطفى الآغا يودع برنامج «الحلم»    التفاصيل الكاملة للحالة الصحية للبنانية رزان مغربي    التفاصيل الكاملة لأزمة «الوفد في القرآن».. و«كريمة» يطالب بمحاكمة عبدالسند يمامة    توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي المنصورة ومانشستر في الصيدلة الإكلينيكية    إنفوجراف| مصر ووزراء خارجية 10 دول يؤكدون دعم وحدة سوريا وسيادتها    حوار| سامية الطرابلسي: أم كلثوم وعبد الحليم وأسمهان رموز يجب الاحتفاء بها    ذا أثليتك: مانشستر يونايتد حصل على الضوء الأخضر من برينتفورد لضم مبيومو    مانشستر يونايتد ينهي ثالث صفقاته الصيفية    محافظ الأقصر يؤدي صلاة الجمعة بمسجد أحمد النجم ويتابع أعمال تطويره.. صور    مصرع عامل في حريق اندلع داخل 3 مطاعم بمدينة الخصوص    ضبط 118.3 آلف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    مصرع شخص وإصابة آخر في انقلاب سيارة ملاكي بالشرقية    فتح طريق الأوتوستراد بعد انتهاء أعمال الإصلاح وعودة المرور لطبيعته    معهد الخدمات المالية يوقع مذكرة تفاهم مع كلية Bayes للأعمال بلندن لتأهيل كوادر قطاع التأمين    جهاز تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لتطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    وسط أجواء احتفالية وإقبال كبير.. انطلاق الموسم الخامس من مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    فيلم "ريستارت" يحافظ على المركز الرابع في شباك التذاكر    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفر الشيخ يفتتحون المرحلة الأولى من تطوير مسجد إبراهيم الدسوقي    أعراض ضربة الشمس وأسبابها وطرق علاجها    إيطاليا: كنائس القدس قدمت 500 طن من المساعدات إلى غزة    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    مصر تكثف اتصالاتها لخفض التصعيد بالمنطقة    نانسي عجرم تتصدر لوحة سبوتيفاي في تايمز سكوير بعد اختيارها سفيرة ل EQUAL Arabia    نجمهم خفيف.. مواليد 3 أبراج معرضون للحسد دائما    صافي أرباح 24 مليون يورو.. ريال مدريد يكشف تفاصيل ميزانيته ل 2024-2025    زلزال بقوة 4 درجات يضرب مدينة نابولي    دراسة تربط بين نظافة الفم وخطر الإصابة بالسرطان.. نصائح للوقاية    المشاط تعقد اجتماعًا موسعًا مع منظمات الأمم المتحدة و التمويل الدولية لبحث تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    أسرار فيلمي صراع في النيل وحبي الوحيد    عاشور وناجي في القائمة النهائي لحكام أمم إفريقيا للمحليين    ما الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة في جماعة؟.. الإفتاء توضح    مجلس الوزراء: إعلانات طرح وحدات سكنية بالإيجار التمليكي مزيفة ووهمية    استقرار أسعار النفط وسط هجمات كردستان ومخاوف الرسوم الجمركية    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    الكشف المجاني على 480 مواطنا بقافلة قريتي الروضة ببئر العبد والميدان بالعريش    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    خان يونس تحت النار.. مجازر جديدة بحق النازحين في غزة وسط تصعيد إسرائيلي    "كل ابن آدم خطاء".. مروان حمدي يعتذر لجماهير الإسماعيلي    «أمن المنافذ» يضبط قضيتي تهريب ويحرر 2460 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    مانديلا العرب ينال حريته.. فرنسا تفرج عن جورج عبد الله.. اعرف قصته    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن اعتماد وحدة السكتة الدماغية كمركز دولي من "WSO" العالمية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    الأهلي بين جنة إيفونا ونار أزارو وتمرد وسام أبو علي.. ما القصة؟    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    حان وقت الانتهاء من المهام المؤجلة.. برج العقرب اليوم 18 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحولات.. تركيا تتبادل الرسائل مع الغرب!..
نشر في المصريون يوم 25 - 07 - 2010

تصريحات ومواقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان فيها دوماً ما يؤشر على بعض مناحي التحولات الإستراتيجية التركية، وتظل عينها دائماً على الداخل التركي. الرأي العام، وبقايا قلاع الأتاتوركية المتآكلة، وتلك الفئات والنخب، أو الأقليات السياسية، التي قطعت شوطاً من الصعوبة عليها العودة عنه في تغريبتها الأقرب إلى الاستلاب. لكنما تصريحات وزير خارجيته أحمد داود أوغلو، مهندس سياسة صفر مشاكل مع الجوار، والمنفذ الحاذق لمسيرة الانفتاح شرقاً، أو شرق هذا الجوار، هي البارومتر الدقيق لتكتيكات التصاعد والتراجع في الخطى التركية المتحولة هذه، تلك التي يبدو أن الشارع التركي هو الأكثر حماسة لها وأشد حرصاً على مواصلتها، وربما، حتى أكثر من مهندسيها أنفسهم، أي حكامه.
هؤلاء الحكام، أو حزب العدالة، أو الأردوغانية التركية، تدرس خطواتها هذه بحكمة وتعقل وحذر، وفي اختيارات اتخاذها تتسلح بذكاء لا ينقصها، وحيث لا يفوتها فهم التعقيدات التركية وعلاقات تركيا التليدة مع الغرب وإسرائيله، إلا أن المسار العام لخطواتها الحذرة، حتى الآن على الأقل، يبدي عناداً هادئاً في مواصلة خطى هذا التحول.
وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، تتخذ تصريحاته المتتالية شكل الرسائل الموجهة لشتى الأطراف المعنية خارج تركيا، وأحياناً حتى داخلها. وفي الفترة الأخيرة شهدنا نوعاً من التجاذب بين الطرف التركي وسائر الاتجاهات الأخرى المعنية برسائله المدروسة والمحكمة دقيقة الإيحاءات. وأهمها ثلاثة. الإسرائيلي والأميركي والأوروبي. وهذه الجبهات الثلاث المفتوحة الآن أكثر استعداداً لاستيعاب ما أمكن مثل هذا التحول التركي غير المرغوب فيه، أو بهدف التخفيف من غلوائه في نظر أطرافها، أو بالنسبة لرؤيتها هي لتداعياته الإستراتيجية.
الحوار بين الأتراك وهذه الأطراف الثلاثة اتخذ ويتخذ أشكالاً عديدة ومختلفة. إسرائيلياً، كان له، ومنذ البداية، الصفة الدموية لمذبحة سفينة مرمرة في عرض المتوسط، والتي لم يجف دم شهداء نشاطاتها لكسر الحصار عن غزة المحاصرة عبر أسطول الحرية بعد، وصولاً، إلى عقدة، وجوب الاعتذار والرد ب"لن نعتذر"... إلى آخر تجليات الأزمة التركية الإسرائيلية الناجمة عن هذه المذبحة القرصنة.
د. أحمد داود أوغلو لم يزل يؤكد على اشتراطاته إياها في كل إطلالاته وتصريحاته المتلاحقة المتعلقة بالأزمة... الاعتذار، وتشكيل لجنة تحقيق دولية (شكلت مؤخراً لجنة أممية قالت إسرائيل إنها لا تعنيها ولا تعترف بها)، والتعويض على الضحايا واستعادة السفن المصادرة (قررت إسرائيل لاحقاً الإفراج عنها)، وفك الحصار عن غزة... وإلا "سنقطع علاقاتنا الدبلوماسية بإسرائيل". مع تحذير: "لن ننتظر القرار الإسرائيلي إلى مالا نهاية"، وإذا لم تلب إسرائيل مطالبنا "فسنتحدث عن عقوبات من جانب واحد"، ونحن لدينا خارطة طريق تشمل إجراءات ستُتخذ ضدها، ومن الآن "المجال الجوي التركي مغلق بالكامل أمام الطائرات العسكرية الإسرائيلية"...
الجواب الإسرائيلي على تأكيدات أوغلو كان سريعاً وواضحاً ومتغطرساً، قال له نتنياهو بصريح العبارة لن نعتذر ولن نعوّض على الضحايا. وبالتالي جاء الرد التركي أيضاً سريعاً وقاطعاً، قال أوغلو: "في هذه الحالة لن تصلح العلاقات أبداً".
الأتراك وهم يكررون اشتراطاتهم لا يتعاملون معها بنفس الصرامة، أو هذا ما تعكسه أولويات طرحها عند أوغلو... مثلاً، مسألة الاعتذار و التعويض لها الأفضلية دائماً، حيث ليس من السهل على الأتراك التراجع عنها، وإلا انتقلت الأزمة لتغدو بينهم وبين شارعهم، وأصبحت قيد المزايدات من قبل خصومهم المتحفزين في المعارضة.
أما مسألة فك الحصار عن غزة فلا يبدو أنها تأخذ ذات الأولوية، أو على الأقل لا تعكس التصريحات التي تأتي عليها إلا لماماً ما قد يشي بالإصرار عليها. وربما في آخر تصريحات وزير الخارجية أوغلو، كان نوع من التراجع الشكلي عكسه القول بالاعتذار بعد تشكيل لجنة التحقيق الدولية... هذه اللجنة التي إن لم تشكل فلسوف "تتخذ تركيا التدابير الضرورية"... لكن الموقف الإسرائيلي هو الثابت الذي لم يتغير، ونحن هنا نتحدث عن ما يصدر في العلن، أما المباحثات التي قد تجري تحت الطاولة، والوساطات التي يقوم بها الغرب بأجمعه، فمسألة أخرى... الأتراك لا يسمعون من الجانب الإسرائيلي ما هو معلن بأكثر مما قاله ليبرمان: "لا نية لدينا أبداً للاعتذار من تركيا"، والأكثر ليونة منهم ما كان منهم مثل موقف باراك، الذي عارض لقاء بين إليعازر وأوغلو، لأنه كما يقول، "قد كان واضحاً أن اللقاءات غدت لإثارة مزاعم وشكاوى تركية من المس برجالهم ومن قتلى الأسطول، وكذلك مطلبهم بتعويض عائلات الجرحى والقتلى، ولذلك لم أر من الصواب اللقاء معهم في هذا الوقت".
الردود الإسرائيلية لم تكتف بإبداء الصلف والعنجهية والإصرار بوقاحة على روايتها للمذبحة، بل تصل إلى نوع من الاتهامات والتهديد، من مثل رد اتسم بالغضب من بعض تصريحات أوغلو عبّر عنه مصدر سياسي إسرائيلي وصف بأنه رفيع المستوى، يقول: "من ينتهج أسلوب الإنذار والتهديد لا يبحث عن التجاوب مع مطالبة، وإنما عن ذرائع لتنفيذ التهديدات"! هذا هو الاتهام، أما التهديد فهو الذي يقول على لسان المصدر ذاته: إنه في حال لجأت تركيا إلى قطع علاقاتها معنا "فإن الأمر سيرتد عليها بالضرر، وعلاقاتها مع الغرب سوف تضرر بشكل يصعب إصلاحه"...
إذن هم يهددون تركيا بالغرب، بطرفيه، الأميركان، والأوروبيين، وهنا، ندلف إلى ما وصفناه بالحوار، أو تبادل الرسائل بين الأتراك وهذين الطرفين... مع الطرف الأوروبي، ليس هناك الكثير أو الجديد لقوله، ما خلا ما يتعلق بالملف النووي الإيراني المعروف، وبعض الإيحاءات البريطانية المتذاكية التي بلا رصيد اتحادي أوروبي تصرف منه، حول مسألة جزرة قبول تركيا في الاتحاد. أي لا جديد فيما يتعلق بهذه المسألة الاتحادية ولا مستجد في القضايا العالقة الأخرى كالأزمة القبرصية مثلاً، أما ما يتعلق بإسرائيل، أو الموقف الأوروبي من مذبحة أسطول الحرية، فقد عكس تبرم الأتراك منه قول أحمد داود أوغلو في جولته الأوروبية الأخيرة: "نحن جزء من الغرب، وإذا كان الغرب ينظر إلى تركيا على أنها قوة خارجية أو كمشروع تكسبه أو تخسره فإن منطقهم خاطئ"، ويعود ليُسمع هذا الغرب ما لا يريد سماعه، وهو أن إسرائيله تشكل "تهديداً للسلام في المنطقة، ومثل هذه السياسات المعادية للسلام لا يمكن قبولها بذريعة مواصفة تصغير المشكلات من قبلنا"... ويضيف، و"إذا كانت ازدواجية المعايير قيمة غربية فنحن ضدها"... ليخلص إلى القول: على الاتحاد الأوروبي "أن يحسم خياراته الإستراتيجية"....
الأميركان ليسوا بعيدين عن كل هذا الأخذ والرد بين الأتراك والأوروبيين، ومن جهتهم يجهدون لاحتواء أزمة سفينة مرمرة ما استطاعوا وللصالح الإسرائيلي طبعاً، وتقلقهم أيما قلق توجهات تركيا الأردوغانية، وقلقهم هذا يأخذ تعبيرات شتى، منها طلب السيدة كلينتون من أنقرة الابتعاد، بل الانسحاب، من الملف النووي الإيراني... وكصدى لهذا الطلب، ربما جاء الموقف الروسي البراغماتي، حيث استبعد لافروف ضم تركيا والبرازيل لمجموعة 5+1، المحتكرة لمسألة الحوار النووي الإيراني الغربي... أوغلو رد على كلنتون: إن "حوار تركيا مع إيران لن يتوقف وسنقوم بكل ما تتطلبه علاقات الجوار"، ورغم أنه اتخذ خطوة إلى الخلف حيال هذا الأمر، بقوله: لقد صوتنا ضد العقوبات على إيران لكننا سنطبقها "طبعاً"، فقد أوضح لكلينتون: "إن أحداً لا يمكن أن يقول لنا ابقوا خارج هذه العملية نحن داخل عملية تؤثر علينا... نحن نتدخل في كل ما يتصل بمصالحنا الوطنية".
إذن هو حوار رسائل على أشده بين غرب يريد استعادة تركيا لبيت طاعته وأتراك جدد قطعوا شوطاً في عثورهم على هويتهم الضائعة لقرابة قرن، ودروهم المفقود خلاله، ويغريهم ويشجعهم ما رافق هذا العثور من وفير ما جنته مصالحهم بانفتاحهم على فضائهم الحضاري والجغرافي وفي زمن قياسي أدهش حتى طورانييهم... حوار يحتدم ببطء، وقد يتطور إلى التراشق حتى الانقطاع!
المصدر: عرب 48


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.