حادثة اختفاء السيدة "كاميليا شحاتة" زوجة كاهن كنيسة مار جرجس بدير مواس بالمنيا "تداوس سمعان" أعادت إلى ذاكرة الوطن قصة السيدة وفاء قسطنطين زوجة راعي كنيسة أبو المطامير التي اختفت أيضا بعد إعلان إسلامها ثم تدخل السيد زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية الذي أمر الجهاز الأمني باحتجازها وتسليمها إلى الكنيسة ، وهي الواقعة التي تثير توترا شديدا حتى الآن ، وبعض المواقع القبطية المتطرفة في المهجر تنشر قصصا عن شابات أو سيدات قبطيات مختفيات منذ مدة وتتهم أصدقاءهم المسلمين وأحيانا جماعات إسلامية لا تسميها بأنها قامت باختطافهن ، في حين تؤكد الجهات الأمنية أن عمليات الاختفاء في غالبها تكون نتيجة لعملية تحول ديني وأحيانا تكون مرتبطة بعلاقات عاطفية تنتهي بالزواج ، ويستمر الزواج لسنوات طويلة ويثمر أبناء وحياة مستقرة ، في الوقت الذي يصر الجانب القبطي على أنهن مختطفات ، والدولة المصابة بالهزال السياسي تحاول أن تنهي أي مشكلة سريعا بإحالتها إلى الجهاز الأمني للتصرف ، والجهاز الأمني يقع تحت ضغط نفوذ بعض الشخصيات التي لا تملك أي قيادة أمنية مخالفة رغباتها ، على النحو الذي حدث مع وفاء قسطنطين ، كما أن المؤسسة الأمنية مطالبة بفرض السيطرة الأمنية وإزالة أسباب التوتر بأي ثمن ، وهو ما ينتهي عادة بالقبض على السيدة القبطية واحتجازها وتسليمها إلى الكنيسة للتصرف ، وهو سلوك بح صوتنا من الحديث عن أنه غير قانوني وغير مشروع ويجعل من الكنيسة أمام الرأي العام دولة داخل الدولة ، لها سلطتها الدنيوية ولها قانونها ولها سجونها ومعتقلاتها ولها سيادتها على "الشعب" القبطي ، وفي الواقعة الأخيرة لكاميليا تم احتجازها من قبل أجهزة أمنية ثم قاموا بتسليمها إلى الكنيسة رغم أن الجهاز الأمني والقيادات الكنسية أكدت أن المشكلة عائلية بينها وبين زوجها ولا صلة لها بالطائفية أو الاختطاف ، وهو ما يطرح السؤال البديهي ، هل كلما غضبت امرأة من زوجها تقوم الجهات الأمنية باعتقالها وتسليمها إلى الأزهر أو الكنيسة ، من سيصدق هذا الكلام السخيف ، ، لكن الأخطر أن توالي مثل هذا السلوك قد يدفع الطرف المقابل لاستخدام نفس أدوات الكنيسة للضغط ويصبح الجهاز الأمني بين شقي الرحى ، بتظاهرات وتظاهرات مضادة ، كما أن مثل هذا الأسلوب الذي يرسخ معنى ضعف وجود الدولة وانحسار سيادتها على مواطنيها ، سيجعل المحاولات المستقبلية للتحول الديني تتسم بحرص أكبر وخفاء واستخدام أدوات بديلة لإحراج الجميع مثل التسجيلات الصوتية والمرئية واللجوء إلى المنظمات الدولية لبسط حمايتها على مواطن أو مواطنة انحسرت عنه حماية دولته داخل وطنه ، وأمور أخرى ، وحتى لا تصل الأوضاع لمثل هذا التعقيد والخطورة ، أتصور أنه من الممكن أن تتشكل برعاية رسمية وإطار قانوني مناسب ، لجان تسوية مثل هذه المنازعات الأسرية والدينية ، تتشكل من مندوبين عن الأزهر ومندوبين عن الكنيسة الأرثوذكسية وكذلك بقية الكنائس وممثلين عن المجلس القومي لحقوق الإنسان وممثلين عن وزارة العدل ، تكون هذه اللجنة دائمة وتوكل إليها مهمة التحقيق في أي واقعة مستقبلية ، بحيث يقوم الجهاز الأمني بإحالة ملف كل حالة مستجدة إلى اللجنة للنظر واستدعاء الأطراف جميعا وسماع أقوالهم وشهادات الشهود ، والأهم من ذلك سماع ومناقشة الطرف الأصيل في الموضوع وهو المواطن أو المواطنة التي تتمحور حولها المشكلة ، وما إذا كان التحول بإرادتها الكاملة وحريتها واختيارها أم لأسباب أخرى غير مشروعة ، وتنتهي لجنة الحكماء هذه إلى قرار يلزم الجميع ويحترم الخصوصية ويحترم حق المواطن في الاختيار الحر ، ويتم إعلان قرارات اللجنة بالتفصيل في منابر إعلامية رسمية ، وأظن أن مثل هذه اللجنة سوف تزيل الالتباس عند كل الأطراف ، الجانب المسلم الذي يرى الحكومة وجهازها الأمني يتواطؤ مع الكنيسة لترهيب كل من يفكر في التحول إلى الإسلام والجانب القبطي الذي يقع أسير عمليات شحن أسطورية عن عمليات اختطاف مزعومة لفتيات وسيدات قبطيات ، كما يقطع وجود هذه اللجنة الطريق على عمليات المزايدة الطائفية من أي طرف ، داخل الوطن أو خارجه ، وأعتقد أنه بدون وجود استراتيجية جديدة للتعامل مع هذه الحالات المتجددة والمستمرة بشكل أسبوعي الآن أخشى أن نصل إلى نقطة قد يكون من الصعب عندها احتواء الحريق ، رغم أن المشكلة في بداياتها تكون بسيطة وأحيانا تافهة . [email protected]