* الدكتور مصطفى محمود رحمه الله لم يكن عالما فى الطب فقط بل كان أديبا ومفكرا كبيرا . وكان له مؤلفات عظيمة فى شتى فروع العلم والمعرفة فى الطب والسياسة والأدب والفكر الانسانى. فإذا تحدث فى الطب فهو طبيب كبير وإذا تحدث في الأدب فهو أديب عظيم وإذا تحدث في السياسة فهو سياسي بارع وتلك الصفات لاتجتمع فى شخص واحد إلا نادرا . ولقد شن رحمه الله حربا لاهوادة فيها على الفكر اليساري والماركسي فى العالم العربي بل وفى العالم كله وأتهمهم بأنهم وراء كل الفتن والحروب الأهلية وإراقة الدماء فى كل العالم . لأنهم لايتنفسون إلا رائحة الدماء في أجواء الفوضى والحروب الأهلية والصراعات الطائفية . وأنهم لايصلون للحكم إلا على ظهور الدبابات . وأنهم يستفيدون دائما من أجواء الحرية التي يمنحها لهم أي نظام حاكم فإذا وصلوا هم للحكم قطعوا الألسنة وكمموا الأفواه وصادروا الحريات وعاملوا شعبهم وكأنهم عبيد لقمة . ومن يخرج منهم عن بيت الطاعة فإن السجن مصيره والقتل نهايته لأنه لاقيمة لحرمة الدماء ولاحرمة للإنسان ولا قدسية للأديان عندهم. كما استنكر القول بأن عمر بن الخطاب كان يساريا وأبو بكر كان يمينيا لان الإسلام لايوجد فيه يسار ويمين بل حق وباطل فقط . وما على يمين الحق فهو باطل وما على يسار الحق فهو باطل أيضا...!
* إن المتأمل في الشأن المصري اليوم يجد أن هناك انتعاشة لحظية وانتفاشه وقتية مفاجئة لأصحاب الفكر اليساري الذي يسيطر على وسائل الإعلام اليوم. وبنظرة بسيطة إلى مايسمى بلجنة تعديل الدستور اليوم تجدها معظمها من أصحاب الاتجاه اليساري والقومي واستبعاد كل أصحاب الاتجاه الاسلامى والثوري والوطني. . وكأنهم هم أصحاب الأرض والعرض وان الشعب قد انتخبهم فى انتخابات حرة نزيهة فهم أصحاب الكلمة الوحيدة فى هذا الوطن وعلى الجميع أن يصغى وينصت إليهم فى أدب وخشوع...! إن هولاء ليسوا إلا أصحاب أطماع شخصية وأهواء فردية لايعيشون إلا لأنفسهم ولا ينظرون إلا تحت أقدامهم فقط غير عابئين لمستقبل هذا الشعب ولا حاضره وقد أحسن الدكتور مصطفى محمود حين وصفهم قائلا عنهم :
* "إنما المساطيل حقا وأهل الغفلة الذين يعيشون في خدر الأوهام الباطلة هم أهل المذاهب المادية من يساريين شيوعيين وغيرهم ممن تصوروا انه لاشئ وراء هذه الحياة ولاشئ بعدها فان غنموها فقد غنموا كل شئ ولو بالقتل وسفك الدماء فلا حسيب من بعد ولا رقيب . هولاء هم الذين يعيشون فى خدر الأفيون حقا . هولاء هم الذين خدرتهم أطماعهم وأهواؤهم وشهواتهم . وهولاء هم الذين أعمتهم أضغانهم وأحقادهم فتصوروا انه لاوجود لأى شئ وراء هذه الأطماع والأحقاد حسب لحظتهم فليعشوها أو فليسرقوها ثم لايعباوا بشئ بعد ذلك وتلك هى طمأنينة الغفلة وراحة الأفيون وسكينة آكلي المخدرات وتلك هى حبوب الهيروين التي يروجونها. " هكذا وصفهم حرفيا....!
* إن أصحاب الاتجاه اليساري والشيوعي لايحلو لهم العيش ولا تهنأ لهم الحياة إلا إذا حولوا البلاد إلى قبائل متناحرة وأحزاب متصارعة وتلك هى قمة الجاهلية الحديثة لكنها جاهلية على مستوى عال تقوم على تحريض طوائف المجتمع بعضها ضد بعض ويحولون البلاد إلى قبائل متناحرة كتلك التي كانت فى الجاهلية الأولى تتقاتل على العشب والكلأ عدد سنين فيقول رحمه الله :
" إنها جاهلية على مستوى عال عقلها الكتروني وأسنانها ذرية ودماؤها بترولية وأقمارها صناعية ويدها بلغت المريخ . إنهم يحرضون الطوائف بعضها على بعض والأديان بعضها على بعض ويقسمون الناس إلى يمين ويسار والى فقراء وأغنياء . إنهم يستثمرون الأزمة الاقتصادية ويثيرون السخط والحقد بين الناس ويلوحون أمام الجياع بان لديهم الدواء الناجع ولكن الشيوعية هى الداء وليست الدواء "
* ثم يصف أهل اليسار إذا وصلوا للحكم أنهم يحولون الشعب إلى عبيد لقمة حيث لاحرية ولا مدنية ولا ديمقراطية ولاشئ من هذا لان الحرية عندهم شعار أجوف لايتعدى حناجرهم فإذا خالفهم احد أشهروا خناجرهم في وجه الجميع وانتهكوا حرمة الإنسان وحياة الإنسان والغاية عندهم تبرر الوسيلة حتى لوكانت الوسيلة هى سياسة الإبادة الجماعية الممنهجة فيقول رحمه الله :
" إن كلمة يسار في بلادنا تعنى أن يحول الحاكم شعبه بأسره وبجرة قلم إلى عبيد لقمة . لقمتهم جميعا في يده ورزقهم في يده وحريتهم فى يده وبذلك يحول الجميع إلى قطيع بلا رأى وبلا حول ولا طول وبلا جراة فى شئ وبلا حافز إلى شئ "
* ثم يتحدث عن الخراب والدمار والفتن الطائفية وإباحة الدماء والقتل إذا تحركوا فى بلد ما حيث تتحرك معهم فيروسات الفوضى فى كل مكان فيقول :
" إذا تحرك اليسار فى بلد ما تحرك معه الخراب والدمار وسال الدم . واليسار في اى بلد يعيش على ماينتجه النظام من حريات فإذا تسلم هو زمام الحكم صادر الحريات وقطع الألسن وملا المعتقلات وأعطى جميع الأبواق لصوت الحزب وحده . واليسار يحارب الحرية فى بلده كما يحاربها خارج بلده فالدبابات الروسية دكت صوت الحرية فى المجر لأنه لاشئ يفضح كذبة اليسار مثل حرية الفكر والفكر الحر والنقاش الحر " هكذا حكم عليهم...!
* أريد أن أقول أن المجتمع المصري له مواصفات خاصة ترفض سيطرة الاتجاه اليساري والماركسي على مكونات الدولة المصرية وإعلامها وصحفها وتحديد لون ثقافتها لان هذا الشعب يتنفس الإسلام الوسطى المعتدل . وان أى محاولة لإقصاء التيار الاسلامى من المعادلة السياسية سيحكم عليها بالفشل السريع والسقوط الذريع ولست مدعيا فى ذلك أنهم معصومون من الخطأ بل إذا كانت لهم أخطاء فى الممارسات السياسية فان غيرهم لهم خطايا وجرائم حين فرحوا لجريمة القتل الجماعي والإبادة الجماعية مع فصيل هم يختلفون معهم سياسيا .
* إن " تأميم " العمل السياسي والاعلامى لصالح الاتجاه اليساري المتطرف فى مصر لن يزيد النار إلا اشتعالا ولن يزيد حالة الاحتقان السياسي الا ضيقا وهما وغما على كل الأصعدة . إن سيطرة هولاء على الصحافة وعلى الإعلام وعلى القنوات الفضائية وعلى لجنة مايسمى بتعديل الدستور الذي أقره الشعب لمحوه أو تعديله لن يحل الأزمة السياسية المعقدة في مصر . إن الرخاء الاقتصادي عند هولاء ماهو إلا منشورات فارغة وان التوافق السياسي عندهم ماهو إلا حوارات ساقطة وان شعارات لم الشمل عندهم ماهو إلا خطة فارغة من مضمونها لأنهم وصلوا للسلطة على ظهر دبابة ومن يفعل ذلك ويرضى به لايمكن أن يحترم شعبه لان الشعب لم يخترهم من الأصل. إنهم لايملكون فى مواجهة الشعب غير الحديد والنار والقمع والسجن والقتل وسيأتي اليوم الذي سيصدأ فيه هذا الحديد وستخبو فيه تلك النار بقوة هذا الشعب الذي ارتضى الكرامة والحرية ورفض الإذلال والمهانة فى أى صورة وفى اى شكل وتحت اى مسمى .
* إن الأحزاب السياسية لن توحد المصريين وان منظمات حقوق الإنسان لن تضمن حقوق المصريين وان القوانين والدساتير لن تقضى على الخلافات بين المصريين. وان حوارات القنوات الفضائية لن تجمع كلمة المصريين وان يد الأمن الباطشة لن تدخل المصريين إلى جحور النمل من جديد . وأن اليساريين والماركسيين لن يؤلفوا بين قلوب المصريين . وان لغة التهديد والوعيد لن ترهب المصريين . وان لغة الكراهية والبغضاء السائدة اليوم فى وسائل الإعلام هى لغة مستوردة لايفهم مفرداتها معظم المصريين . وان قنابل الملوتوف وطلقات الرصاص وجحافل البلطجية لن يحددوا مصير الشعب اليوم . وإنما الذي سيوحد كلمة المصريين اليوم فقط ويجمعهم على كلمة سواء هى لغة التسامح والحب والأخوة . ولن يتحقق ذلك أبدا مادام الإسلام غريبا يحارب فى بلده ويحاصر فى بلده وتحرق مساجده فى بلده ويقتل علماؤه فى بلده . ويسب ويشتم دعاته من فوق المنابر السياسية فى بلده . إن الإسلام يسع الجميع والوطن يسع الجميع . ولا ننسى أن الإسلام حول العرب من رعاة غنم إلى قادم أمم. فهل نحن اليوم قادة أمم أم رعاة غنم...؟ الله أسال أن يوحد الأمة المصرية على كلمة سواء وان يولى علينا من يخشى الله ويتقه ولا يخشى في الحق لومة لائم .