كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن وثائق جديدة سربها المستشار السابق في الاستخبارات الأمريكية ادوارد سنودن مفادها أن وكالات الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تملك القدرة على اختراق القسم الأكبر من أنظمة التشفير الإلكترونية للأشخاص أو الدول، سواء لكشف الرسائل الإلكترونية أو المعاملات المصرفية. وكتبت "الجارديان", التي نقلت هذه المعلومات المسربة مع صحيفة "نيويورك تايمز" أن وكالة الأمن القومي الأمريكي و "مركز اتصالات الحكومة", وهي الوكالة البريطانية الموازية لها، أضرتا إلى حد بعيد بالضمانات, التي تعطيها شركات الانترنت لزبائنها حول أمن اتصالاتهم, وعلى رغم تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالشفافية بشأن برامج المراقبة، فإن كشف هذه المعلومات الجديدة عكس صورة منظمة واسعة النفوذ ذات قدرات غير محدودة على النفاذ الى الحياة الخاصة, حيث تخضع الاتصالات الالكترونية، سواء كانت رسائل بريدية أو دردشات أو معاملات مصرفية أو بيانات طبية، لتشفير تلقائي. وبحسب الوثائق الجديدة المسربة أيضا ، فإن "وكالة الأمن القومي" و "مركز اتصالات الحكومة" , تمكنتا من الحصول على "مفاتيح" مختلف أنظمة التشفير بواسطة أجهزة كمبيوتر فائقة التطور وتعاون شركات الانترنت, ولو بواسطة أوامر قضائية أحياناً. وأوردت "الجارديان" أيضا في تقرير لها في7 سبتمبر أن وكالتيّ الاستخبارات الأمريكية والبريطانية أقامتا "شراكات سرية" مع شركات التكنولوجيا ومزودي الانترنت أتاحت إدخال "نقاط خلل سرية تعرف بالأبواب الخلفية داخل برمجيات التشفير التجارية". وتابعت الصحيفة البريطانية أن وكالة الأمن القومي أنفقت 250 مليون دولار في السنة على برنامج يطبق بالتعاون مع شركات التكنولوجيا من أجل "التأثير بشكل خفي" على تصميم منتجاتها. ولم توضح المعلومات الجديدة ما إذا كانت شركات الإنترنت تعاونت مع وكالات الاستخبارات, لكنها أوحت بأن وكالة الاستخبارات البريطانية تمكنت من الوصول إلى حسابات المستخدمين على مواقع "هوتميل" و"جوجل" و "ياهو" و "فيسبوك". وبحسب المعلومات المسربة أيضا، فإن هذا البرنامج السري المعروف باسم "بولران" يسمح بفك رموز كل ما هو مشفر على الإنترنت، سواء الدردشات والرسائل الإلكترونية أو الاتصالات الهاتفية, مروراً بالأسرار التجارية أو حتى الملفات الطبية. ومن جانبها, ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مسئولين في الاستخبارات الأمريكية طلبوا منهما عدم نشر هذه المعلومات خشية أن تحمل كيانات مستهدفة بهذا البرنامج إلى تبديل أنظمة الترميز أو طرق اتصالاتهم. وكانت حكومتا البرازيل والمكسيك طلبتا في 3 سبتمبر توضيحات رسمية من الولاياتالمتحدة، بعدما تحدثت قناة التليفزيون البرازيلية "تي في غلوبو" في مطلع سبتمبر عن تجسس قامت به واشنطن على الرئيسين ديلما روسيف وإنريكي بينيا نييتو. ونقلت وكالة الأنباء الأوروبية عن وزير الخارجية البرازيلي لويس ألبرتو فيغويريدو قوله في 3 سبتمبر إنه إذا صح أن الولاياتالمتحدة اعترضت اتصالات للرئيسة روسيف, فإن هذا الأمر "يشكل انتهاكا مرفوضا للسيادة البرازيلية"، مطالبا ب"تفسيرات رسمية مكتوبة سريعة". واستدعي الوزير البرازيلي في 2 سبتمبر السفير الأميركي توماس شانون لإبلاغه أن "الحكومة البرازيلية تريد توضيحات رسمية مكتوبة سريعة وفي أسرع وقت هذا الأسبوع" من الإدارة الأمريكية. كما تمت دعوة وزير العدل البرازيلي لويس إدواردو كاردوزو لعقد اجتماع مع روسيف، حيث أكد أن هذه الادعاءات "خطيرة للغاية وتصل إلى حد انتهاك السيادة الوطنية". وسئل الوزير عن إمكان إلغاء زيارة الدولة لواشنطن التي ستقوم بها روسيف في أكتوبر القادم تلبية لدعوة الرئيس باراك أوباما، فأوضح أنه لن يتحدث عن هذه الزيارة حاليا. ووفق ما بثته قناة "غلوبو"، تجسست وكالة الأمن القومي الأمريكية في نهاية 2012 على اتصالات الرئيسة البرازيلية الهاتفية واتصالاتها عبر البريد الإلكتروني مع مستشاريها وكذلك على اتصالات الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو حين كان لا يزال مرشحا للرئاسة. وبدورها، أعلنت وزارة الخارجية المكسيكية في 2 سبتمبر أنها استدعت سفير الولاياتالمتحدة في مكسيكو ووجهت برقية دبلوماسية إلى واشنطن "تطالب فيها بتحقيق مفصل" حول هذه المزاعم. وللحصول على معلوماتها، تعاونت القناة البرازيلية مع الصحفي في "الجارديان" البريطانية غلين غرينوالد المقيم في البرازيل, الذي كشف وثيقة كانت لدى المستشار السابق في الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن. وسنودن متهم بالتجسس في الولاياتالمتحدة ولجأ إلى روسيا. وأعلن غرينوالد أنه التقى سنودن في يونيو الماضي في هونغ كونغ وتسلم منه المعلومات يومها. وفي 27 أغسطس الماضي, أعلنت الأممالمتحدة أنها ستطلب توضيحات من السلطات الأمريكية بشأن معلومات نشرتها مجلة "دير شبيغل" الألمانية، مفادها أن وكالة الأمن القومي الأمريكية (إن.إس.أيه) تجسست على نظام المنظمة الدولية الداخلي للدائرة التليفزيونية المغلقة. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة فرحان حق :"لقد اطلعنا على هذه المعلومات، ونحن عازمون على التحدث عنها مع السلطات المعنية". وأوضح المتحدث الأممي أن "القانون الدولي ينص بوضوح على وجوب عدم انتهاك البعثات الدبلوماسية، وبينها الأممالمتحدة ومنظمات دولية أخرى، وهذا الأمر يكفله خصوصا اتفاق فيينا". وأضاف "نتوقع إذن من الدول الأعضاء أن تتحرك لحماية حصانة البعثات الدبلوماسية". وذكرت "دير شبيغل" أن وكالة الأمن القومي الأمريكية -التي تشكل منذ أشهر محور التسريبات التي قام بها المتعاقد السابق إدوارد سنودن، دخلت نظام الأممالمتحدة في صيف 2012. وفي ثلاثة أسابيع، ازداد عدد الاتصالات التي قامت بتفكيك رموزها من 12 إلى 458. وأضافت المجلة -استنادا إلى الوثائق المسربة من سنودن- أن الوكالة نجحت كذلك في فك التشفير الخاص بالفيديو، والولوج إلى بيانات المؤتمرات الأممية عبر الفيديو. كما أشارت إلى أن الوكالة تجسست على بعثات الاتحاد الأوروبي لدى الأممالمتحدة، حتى بعد نقل تلك البعثات إلى مقرات جديدة في سبتمبر/أيلول عام 2012. وتابعت "دير شبيغل" أن الوكالة تستخدم برنامجا داخليا للتجسس، تطلق عليه "سبيشال كولكشن سيرفيس" في أكثر من ثمانين سفارة وقنصلية على مستوى العالم "بدون علم البلد المضيف". وكشفت عن وجود مركز للتنصت تابع للوكالة في مدينة فرانكفورت الألمانية، وآخر في مدينة فيينا النمساوية. وطبقا للمجلة الألمانية أيضا، فإن إحدى الوثائق تقول إن الوكالة تبقي على وضع هذه المراكز في طي السرية الكاملة، مخافة أن يؤدي ذلك إلى "أضرار شديدة في العلاقات مع البلد المضيف". وتحاول إدارة باراك أوباما منذ أسابيع الدفاع عن برامج مراقبة الاتصالات لدى وكالة الأمن القومى