جدي كان دائما يردد أن الدنيا اذا اقبلت باض الحمام على الوتد واذا ادبرت بال الحمار على الاسد , تذكرت جدي وترحمت عليه مرتين الأولى لأنه علمني ذلك والثانية لأن الدنيا أكدت لي هذا , في كل مكان من أول شعبان عبد الرحيم في السياسة وحتى زاهي حواس في الآثار وسبحان العاطي الوهاب , وملك الملوك اذا وهب لا تسألن عن السبب وبعد أن طبعت وزارة الثقافة رواية السوري حيدر حيدر وليمة لأعشاب البحر من تعب وكد الشعب الغلبان المغلوب على أمرة مفجرة مظاهرات واحتجاجات اسفرت عن اغلاق جريدة الشعب وتمزيق حزب العمل وبعد أن لهف المزور سيد القمني جائزة الدولة التقديرية وال 200 ألف جنية من شقاء وكدح الشعب المصري في فضيحة استهلكت أطناناً من الورق والسجال والرد المتهافت من العلمانيين , ها هو آخر العنقود السكر المعقود طارق امام يفجر ازمة جديدة تعيد إلى الذاكرة مشوار فشل وزارة الثقافة ووزيرها المتشبث بمقعده رغم هزيمته في انتخابات اليونسكو, كما أنها تحيى المطالبات بارساء معايير مهنية ونزيهة لجوائز الدولة وأصل الحكاية أن طارق إمام وهو روائي شاب تم الاعلان عن فوزة بجائزة الدولة التشجيعية عن روايته "هدوء القتلة" وبعد اعلانها مباشرة تقدم بعض الكتاب بمذكرة يحتجون فيها على ذلك باعتبار أن ذلك يتنافى مع قواعد الجائزة التي تشترط ألا يكون العمل قد فاز عنه صاحبه بجائزة مسبقا، وبالفعل فإن الرواية فازت منذ عامين بجائزة "ساويرس" الأدبية, ليتقرر سحب الجائزة من طارق وفي المقابل ملأ طارق الدنيا صراخا وصخبا وضجيجا محتجا على سحب الجائزة منه مؤكدا خلالها أنه عندما تقدم برواية "هدوء القتلة" لنيل الجائزة، لم تكن ترشحت لنيل جائزة أخرى, و انضم إلى طارق اكثر من مائة مثقف يعلنون عن تضامنهم معه بل واحتفل طارق برفقه زمرة من اصدقائه بحصولة على الجائزة , وكان واضحا أن طارق مهتما بالجائزة وبشيك الجائزة ايضا البالغ 50 ألف جنية لأن الرجل مقهور ويردد دائما في جميع حواراته التي ملأ بها الدنيا وشغل بها الناس"وعندما ذهبت لتسلم شيك الجائزة لم اتسلمه ولا ادرى لماذا؟" ما لفت انتباهي في الأمر برمته ليس الفساد الذي يحيط بجوائز الدولة ويتكرر سنويا ولكن الشللية وهي ايضا احد مظاهر الفساد التي زادت اواصرها وتشابكت وشائجها في الوسط الثقافي المصري حتى أن قضية طارق امام تحولت إلى حدث قومي وتم اعداد ملف كامل عنه وعن ادبه ولطفه وذوقه في احد المواقع الأدبية المتخصصة , واذا سنحت لك الفرصة لزيارة مدونته لا تتوقف كثيرا امام صورة مع الدباديب وكأنه كاظم الساهر وتصفحها وستجد معظم ما نشر عن هذه القضية جيل طارق امام من الادباء كان دائما يردد انه يعاني من الشللية فلما اصبح في الواجهة صنع شللية اخرى موازية تماما مثل احزاب المعارضة التي تنتقد الحكومة لكنها في الوقت نفسه تهرول اذا اشارت اليها بطرف عينها في الانترنت واذا كنت تبحث عن ها الموضوع ستتعثر عيناك بتعليق من شخص يدعي سعيد عبد الواحد - وهو ليس انا بالتأكيد- يقول فيه نصا " المشكلة أن الذين وقعوا على بيان دعم طارق إمام غابت عنهم عدة أشياء، منها أن طارق إمام تقدم إلى الجائزة بناء على طلب مباشر من الكاتب خيري شلبي والناقد د. محمد بدوي، وقبل طارق التقدم إلى الجائزة وهو يعرف أنه لا يجوز له أن يفوز بها بنص القانون الخاص بجائزة الدولة التشجيعية. كما أن الدكتور محمد بدوي كان عضواً في اللجنة الخاصة بجائزة ساويرس التي منحت طارق المركز الثاني عن نفس الرواية (هدوء القتلة). أيضاً من المهم أن نعرف أن هذه اللجنة مشكلة منذ عهد الدكتور جابر عصفور، وهي لجنة يمكن أن نسميها "لجنة بابا" لأن والد طارق إمام المترجم الأستاذ السيد إمام صديق شخصي لكل أعضاء اللجنة وهم: خيري شلبي، الدكتور محمد بدوي، الدكتور محمد بريري، والكُتاب أبو المعاطي أبو النجا (صديق بابا)، وفؤاد قنديل (صديق بابا). إذن مطلوب من المثقفين أن يلعنوا التواطؤ والفساد بدلاً من أن يصنعوا من طارق إمام شهيداً بالأونطة" عن نفسي لا أعرف طارق امام وسواء نال الجائزة ام لا لن يصبني من الحب جانب لكن ما يهمني في هذا كله سؤال ملتبس : إلى متى سيسيطر الفساد على وزارة الثقافة؟ وكيف لم ينتبه اعضاء لجنة التقييم والتحكيم إلى أن الرواية المتقدمة حصلت قبل ذلك على المركز الوصيف في جائزة ساويرس؟ وهل يكون الحل باستيراد لجان تحكيم من الخارج أسوة بالحكام الأجانب؟ ..ويبقي السؤال معلقا هكذا بلا اجابة * صحفي مصري مقيم في الكويت [email protected]