لعلكم شاهدتم معنا " خيبة " التليفزيون المصرى ، وفشله في تغطية الأحداث التي يمر بها الوطن .. وفيما يلي مقارنة سريعة بينه وبين الفضائيات الأخرى في يوم تفجيرات دهب ، مما يجعلنا نيأس تماما من إمكانية إصلاحه: • فتحت التليفزيون في حوالي الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الإثنين 24 أبريل 2006 لأجد الفضائيات المحيطة " مقلوبة ".. وقد ألغت برامجها العادية ، وراحت تقدم تغطية وافية للأحداث المؤسفة التي وقعت في منتجع دهب السياحي ، تضمنت اتصالات بالأقمار الصناعية مع المراسلين والصحفيين والخبراء ، وعرض خرائط تفصيلية للموقع ، وتقديم تحليلات سياسية وأمنية واستراتيجية، وربط بين الحدث والتفجيرات السابقة ، إلي أن نجحت في إجراء أول اتصال بموقع الحادث مباشرة في وقت وجيز ، عن طريق مهاتفة بعض المصابين وأصحاب المحلات الذين بداوا يصفون المشهد علي الطبيعة ، وعبروا عن الحزن الشديد مما رأوه أمامهم من دماء وأشلاء وذعر واندفاع..إلخ . وبعد ذلك بدأت تظهر علي الشاشات الصور والأماكن التي تعرضت للتفجير ، وآثار الدمار والزجاج المتناثر..إلخ.. • عندما وجهت الريموت إلي القنوات المصرية الثلاث: النيل للأخبار ، الأولي ، الفضائية ، فوجئت بأنها تبث برامجها العادية ، حتي نشرة الأخبار الرئيسية التي تقدمها القناة الأولي ، وهي نشرة الساعة التاسعة كانت عادية جدا من بدايتها إلي نهايتها ، واكتفت بالإشارة بإيجاز شديد إلي الحدث في جملة واحدة مطابقة لما جاء بالشريط المتحرك أسفل الشاشة ، ولم تستغن حتي عن الفقرات الاقتصادية والرياضية والنشرة الجوية ، وكأن شيئا جديدا لم يحدث. • بعد الزخم المكثف الذى قدمته الفضائيات طوال ساعات الليلة بشكل متواصل ، بدأ التليفزيون المصرى يتدارك الأمر ، ويصحو من غيبوبته ، فأجرى بعض الاتصالات التليفونية ، كان أولها مع " م. حسن عبد ربه سكرتير مجلس مدينة دهب " الذى بالغ في التهوين من الحادث قائلا : " دى حاجة بسيطة خالص..واحد ماشي قام رمي قنبلة في أول الكوبرى اللي هو مجرد مشاية عملناها فوق مجرى السيل، ورمي واحدة ثانية في آخر الكوبرى ، وبس! يعني هم انفجارين اثنين موش ثلاثة." ثم أجرى المذيع بصيلة اتصالا مع مراسل التليفزيون في رام الله ليسأله عن رد فعل الشارع الإسرائيلي بعدما أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن رد الفعل الرسمي! • لعدة ساعات فشلت جميع الفضائيات في الوصول بالكاميرات لموقع الحادث ، في الوقت الذى ظهر فيه ميناء إيلات الإسرائيلي ومعبر طابا وهما يعجان بالحركة وأجهزة الأمن والإسعاف والإنقاذ ، تحسبا لوجود ضحايا إسرائيليين في الحادث ، بعدما أعلن عن رفع حالة الاستعداد في صفوف قوات الأمن الإسرائيلي ، ووضع أجهزة الانقاذ في حالة استنفار ، وأذيع عرض وزير الدفاع الإسرائيلي موفاز علي مصر إرسال فرق إغاثة إلي دهب ، وتصريح السفير الإسرائيلي بالقاهرة عن عدم وجود إسرائيليين بين الضحايا ، وإعلان الخارجية الإسرائيلية عن تواجد خمسة آلاف إسرائيلي داخل سيناء ، في هذا الوقت بدأت عملية سحبهم إلي المعبر علي الفور. • تضاربت أرقام الضحايا بتضارب المصادر ، وراحت تتصاعد حتي بلغت أكثر من 30 قتيلا و160 جريحا ، وذلك في غيبة صدور بيان رسمي من الجهات الرسمية إلي وقت متأخر من وقوع الحادث.. إلي أن جاء تصريج د. عبد الرحمن شاهين المتحدث الصحفي باسم وزارة الصحة عن قيام الوزارة بدفع 70 سيارة إسعاف بالإضافة إلي إسعاف طائر يحمل ثلاث فرق طبية ، ووصول كميات ضخمة من الدم والأجهزة والمستلزمات الطبية ، مع إمكانية نقل بعض المصابين إلي القاهرة..إلخ. مما أعطي انطباعا بفداحة الخسائر.. وعندما سألته المذيعة عن حقيقة الأرقام التي أذاعتها بعض وكالات الأنباء كان رده : أن السيد وكيل وزارة الصحة بمحافظة جنوبسيناء يقوم حاليا بحصر الأعداد. • برنامج العاشرة مساء الذى تقدمه الإعلامية مني الشاذلي علي قناة دريم الفضائية الثانية ساهم مساهمة كبيرة في تقديم التغطية الإخبارية التي تتناسب مع الحدث ، لا تقل بأى حال عما شاهدناه في الفضائيات العربية ، مما لا يقارن مطلقا بالغيبوبة التي كانت تعاني منها قنوات التليفزيون الرسمي. • أما برنامج "البيت بيتك" الذى كانت تبثه الفضائية المصرية من مدينة شرم الشيخ ، حيث كان يغطي الحفل الساهر المقام هناك بمناسبة أعياد الربيع وتحرير سيناء ، فكان "آخر روقان".. حيث كان مقدما البرنامج يتمشيان "في الطراوة" تحت الأضواء المبهرة ، ليقولا كلاما إنشائيا ، ويستطلعان آراء المواطنين حول التفجيرات ، والتي لم تتجاوز بطبيعة الحال عبارات الشجب والاستنكار المحفوظة عن ظهر قلب! ولكم تحياتي. [email protected]