منذ يومين قررت السلطات السورية طرد نحوو 1200 معلمة من وزارة التربية والتعليم بسبب "نقابهن"! وذلك وبحسب ما نقلته صحيفة الوطن السورية عن وزير التربية والتعليم البعثي كأجراء " يهدف إلى وقف نمو التيار الديني المتشدد في سورية، والحفاظ على العمل 'العلماني الممنهج'، على أن تتبعها خطوات مماثلة في وزارات أخرى"! وكالات الأنباء التي نقلت الخبر، قالت إن القرار لاقى "ترحيبا" من غالبية الرأي العام السوري! وكأنها أجرت خلال سويعات قليلة من نشر الخبر استطلاعا شمل السوريين جميعا! فيما لا لم تنقل إلا رأي موقع "نساء سوريا الالكتروني" ومقاله الافتتاحي الذي جاء فيه:" 'نعم لتوجه وزارة التربية بإخراج 'العاريات' من التدريس'. وجاء في المقال إنه و'منذ سنوات بدأ غزو الظلاميين/ات (الإسلاميين المتشددين والإسلاميات) إلى المجتمع السوري تحت تأثيرات مختلفة (...) ووصل الغزو فعليا إلى مواقع مهمة، منها وزارة التربية حيث دخلت العاريات المسميات بالمنقبات ليبثثن أفكارهن ومظهرهن المتطرف أمام الطلاب والطالبات بأعمار مختلفة، خاصة الصغار منهم'. لا نريد أن ننتظم هنا في جدل فقهي بشأن "النقاب".. لأن المسألة في مضمونها الحقيقي هنا في العالم العربي يختلف عن فحواه في الدول الغربية التي تصطف نخبها السياسية في صفوف القوى الاجتماعية المناهضة لظاهرة الحجاب. ففي الدول العربية تظل مكافحة التعبير الرمزي للإسلام، جزءا اصيلا من "التسوية" و"الصفقات" بين النخب السياسية العربية والغرب بشأن مستقبل ومصالح هذه النخبة وشروط الحفاظ عليها وبقائها على عروشها إلى أجل غير مسمى. فوجود قوى سياسية علمانية متطرفة على رأس السلطة، يبقي على العلاقات "دافئة" بين العواصم العربية المناهضة للأسلمة والعواصمالغربية التي تظل رقما حاسما في أية تغييرات سياسية داخلية كبيرة في العالم العربي.. وبالتالي فإن التضييق على أنشطة الإسلاميين الدعوية والاجتماعية والخيرية وتقليص تجليات الإسلام الحضاري في الشارع، يظل "خبرة" مهمة في "السيرة الذاتية" للأنظمة العربية "القلقة" على مستقبلها السياسي والمتطلعة إلى "مساندة" عواصم القوة بالخارج لها حال تعرضت لأية اضطرابات سياسية خطيرة قد تطيح بأحلامها ووجودها في السلطة. هذه "الأحلام" التي تظل معلقة بأحبال "رضا" الخارج أو "سخطه".. تجد بطبيعة الحال حلفاء لها بالداخل، من القوى العلمانية "الأهلية" المتطرفة والتي تتلقى ايضا تمويلا ماليا من الخارج، للقيام بدور "الشرطي" في الحفاظ على "التقاليد" العلمانية بالمجتمع المسلم وتعزيزها بنشر ودعم جهود تغريبه باعتبارها البيئة المواتية للتبعية الثقافية والاقتصادية والسياسية للغرب.. ولذا فمن المتوقع أن تتواطؤ كل منظمات حقوق الإنسان مع النظام السوري في مصادرته الحريات المدنية للنساء السوريات وعلى ذات المنحى الذي نحته منظمات حقوق الإنسان في مصر، حين تحالفت مع الفساد الرسمي وديكتاتورية النظام طالما اجتمعا معا على محاربة عدوهما المشترك "الإسلام الحضاري". [email protected]