النيابة الإدارية تُهنئ الرئيس والشعب المصري بمناسبة ذكرى ثورة يوليو    «حماة الوطن» يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    من قلب برلين.. «المتحف المصري الكبير» يضيء أوروبا بنموذج مصغر ورسالة حضارية    "يوليو.. أيام الثورة" على "الوثائقية" في الذكرى ال 73 لثورة 1952    وزير الإسكان: دفع العمل بمشروعات البنية الأساسية وتطوير المرافق بمدينة السويس الجديدة    محافظ أسوان: صرف مكافأة تشجيعية بنسبة 10% للعاملين بالمحليات    معلومات الوزراء: نمو سوق التقنيات المتقدمة ل16.4 تريليون دولار بحلول 2033    وزير قطاع الأعمال وسفير الهند يبحثان تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية    «المشاط» تبحث دفع التعاون متعدد الأطراف مع البنك الدولي    البحوث الإسلامية يطلق حملة دولية لمواجهة سياسة التجويع الصهيونية لأهل غزة    مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة: أهالي القطاع يعتمدون على الماء والملح للبقاء على قيد الحياة    الأردن: لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة    تقرير: معلول يخضع للفحوصات الطبية تمهيدا لعودته ل الصفاقسي    شيكابالا مديراً رياضيا لنادي نيو جيزة    خبر في الجول - عرض إماراتي لرئيس لجنة الحكام المصرية    «عرضان لضم الجفالي».. تطورات صفقات الزمالك للموسم الجديد (تفاصيل)    نتيجة الثانوية العامة 2025 محافظة أسوان.. احصل عليها فور اعتمادها    غلق 148 محلًا مخالفًا لقرارات ترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    ب الترويج لأعمال منافية.. ضبط ربة منزل بتهمة النصب على المواطنين بالمرج    5 مخاطر تهدد المواطنين نتيجة التعامل مع عيادات التجميل غير المرخصة    قرار بمنع راغب علامة من الغناء في مصر بسبب قبلة مُعجبة    «ظروف صحية».. عايدة فهمي تكشف السبب وراء غيابها عن افتتاح «القومي للمسرح»    كتالوج الأعلى مشاهدة في مصر والدول العربية على «نتفليكس» ومواقع التواصل الاجتماعي    ظاهرة ألبومات ال15 أغنية .. مغامرة فنية فى زمن ال «السينجل»    تفاصيل تجربة يوسف معاطي مع الزعيم عادل إمام في الدراما    وزير الصحة: مستشفيات مصر تحقّق نقلة حقيقية نحو العالمية    الحكومة: «الأنسولين» متوفر بشكل طبيعي.. ومخزونه الاستراتيجي آمن    بوتياس تثق بقدرة إسبانيا على إنهاء سلسلة عدم الفوز على ألمانيا قبل لقائهما بأمم أوروبا للسيدات    بيت الزكاة: توزيع مساعدات على 4500 طفل من حفظة القرآن بالمنوفية    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل 3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: يجب على كل مسلم تعلم القدر الضروري من الأحكام لضمان صحة عباداته    لحقت بأخواتها.. وفاة فرحة الطفلة السادسة من أسرة واقعة دلجا في المنيا    فتح باب التقديم الإلكتروني لمدارس STEM والمتفوقين بعين شمس    للأطباء.. تفاصيل برنامج الزمالة المصرية بمعهد تيودور بلهارس    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    عرض فني لفرقة إنشاد ديني ضمن فعاليات معرض بورسعيد للكتاب    محمد أوتاكا: مفيش عمل مضمونه النجاح.. وفيلم "فار ب7 أرواح" نصيبه كده |خاص    المرور اليوم.. زحام ملحوظ بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    رئيس مجلس الوزراء الكويتي يستقبل وزير الصناعة والنقل لبحث تدعيم التعاون المشترك    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات معهد فني صحي 2024 بالدرجات    أسعار مواد البناء اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    وزير البترول يبحث خطط بريتش بتروليوم لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي في مصر    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة دولية لمواجهة سياسة التجويع الصهيونية ضد أهالي غزة (تفاصيل)    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 146 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    عراقجي: غير مستعدين للمفاوضات المباشرة مع واشنطن حاليا    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    لا مجال للتردد.. 10 خطوات قد تنقذ حياتك عند اندلاع حريق مفاجئ    رسالة نيدفيد لجماهير الأهلي بعد انتقاله لسيراميكا    زيلينسكي: الجولة الجديدة من المحادثات مع روسيا تنعقد في إسطنبول الأربعاء    لاعب مفاجأة يخطف أنظار ريبيرو في معسكر الأهلي بتونس (تفاصيل)    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    برلمانيون: نائب رئيس "مستقبل وطن" يحظى بشعبية كبيرة في الشرقية (صور)    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض الهند وقبة حرارية في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حُكم النقاب أم التعري..؟
نشر في المصريون يوم 22 - 06 - 2010

في احدى خطب الجمعة الماضية تحدّث سماحة الإمام الوالد العلامة القرضاوي عن لقاءه مع السفير الفرنسي في منزل الإمام بالدوحة بناءً على طلب السفير لشرح موقف الحكومة الفرنسية من إجراءات التضييق على المنقبات والذي اتخذ سلسلة من القرارات تصل إلى حجبهم عن الحياة خارج المنزل وليس فقط منع العمل والتعليم , وبعد أن شرح الإمام وبيّن للسفير الفرنسي موقفه من أن النقاب وارد في فقه الشريعة وهو من حق من يعتقد بوجوبه ولا يجوز أن يُجبر على خلعه رغم أنّ الإمام يرى أن الحجاب الشامل الذي لا يشف ولا يجسد ولا تعتريه زينة وفتنة ويكشف فيه الوجه والكفين هو الراجح , إلا انّه شدد على أن ما بُدء في سلسلة من البلاد الأوروبية ضد المسلمات المنقبات هو تعدّي على حريتهم الشخصية , وقال الإمام إنني حين ذَكَرت للسفير بأننا إذن سندعوا المسئولين العرب أن يًُشددوا على نساء الغرب في التستر والاحتشام ولو كان ذلك نسبياً قفز السفير مردداً أمام الإمام لا أرجوك لا تفعل ذلك !!
هنا يبرز لنا حجم الموقف المنافق في الحضارة الغربية في تعديها المستمر على الكرامة الإنسانية للشعوب المسلمة وما سخّرت له إعلامياً وأدبياً وثقافياً من حركة ضخمة بُسطت على المشهد الفكري لدى الغرب تجاوزت على قيم الفضيلة والسخرية منها في الفكر الإسلامي الأصيل وليس فقط صور التطرف والانحراف الذي قد يرتكبه البعض , ثم أُعقب الأمر بتداول منظّم ومحموم لإقرار مشاريع قوانين تستهدف حرية الإنسان المسلم والتضييق عليه في عبادته وشعائره و باحتجاج مستمر بالحفاظ على الهوية المسيحية الغربية من جهة ومن جهة الحفاظ على قيم العلمانية المطلقة التي لم تُكن تُفسّر في العهد الجديد لأوروبا بعد الثورة الفرنسية أبداً بأنها موجهة ضد شعائر الإنسان وحريته الفردية الخاصة بل على العكس من ذلك , كانت تقدم هذه القيم على أنها تحمي الإنسان وتحترم حريته الشخصية , وهنا يبرز هذا النفاق حين تقلب معايير التفسير لذات المبادئ لتُحوّل إلى قاعدة تشريع تنتهك كرامة دين معين ومنتسبيه .
مع ملاحظة مهمة جدا للغاية أن أياً من الديانات السماوية والأرضية لم تتعرض لأيٍ من الضغوط ولا القرارات المتخذة في أوروبا بل كانت تترك فجوات في ذات المشاريع تَفسح للآخرين وتستهدف المسلمين تحديداً , مع سيلٍ من التصريحات من الأحزاب اليمينة ومن غيرها تؤكّد أن المقصود هو حصار المسلمين ذاتهم وتضييق الخناق عليهم , خشيةً من تكاثر يؤدي إلى زيادة حظوظهم وحقوقهم كمواطنين أوروبيين يشاركون باقي أبناء الشعب حقوقهم الدستورية , وإنّما توضع سلسلة الإجراءات لكي تَخلُص إلى أنّ الحق الدستوري في النهاية يجب أن يُفضي إلى الإلزام الاضطراري بان المواطن دستوريا يجب أن يتخلى عن إسلامه , ولذلك بدئت جهات أخرى تنشط في الدعوة لتضييق الخناق على الحجاب بكشف الوجه أيضاً بعد الانتهاء من النقاب .
ومما يُشجع على ذلك الأمر هو شعور أوروبا بضعف التعبير والاحتجاج الرسمي العربي وحتى من الهيئات الدينية مع أنّ ذلك التعبير يُعتبر أصلاً حضاريا مشروعاً ينبغي أن يؤصّل بكل وضوح وفق أصول التعبير والاحتجاج المشروع المعترف بها غربيا لمنع أي وسائط أخرى غير محمودة النتيجة ولا الوسيلة , ومن هذه المسئولية التي على الفقهاء أو المثقفين الشرعيين والفكريين أن يوضحوها هو التذكير بان القول بالنقاب لم يكن عادة إنما حُكمٌ شرعيٌ لإحدى قولين أصيلين في الفقه الشرعي قديماً , فكون الحجاب بكشف الوجه وفقاً لشروطه شرعي لا يُلغي أنّ هناك أئمة وقول قوي لدى المتقدمين بان تغطية الوجه عبادة مستقلة , فلا يَرى أصحاب هذا القول فُسحةً في تركه .
وكنتُ ادعوا في أوساط طلبة العلم من حولي في الزمن السابق أن لا يحرجّوا على من يرى من بلاد المسلمين والعرب الحجاب بالقول الأول في كشف الوجه بناءً على أن السائد في بلادنا هو القول الآخر فيُضيّق على الناس فيترك البعض كِلا الأمرين...وهو ما جرى بكثافة مؤخراً مع الأسف الشديد في بلادنا وفي باقي الخليج , فيما تحول الأمر الآن إلى تشكيكٍ من البعض في أصل القول بالنقاب وانّه عادة وليس ديناً وهذا عند من يعرف فقه الشرع وتاريخه أمرٌ مناقض للحقيقة .
وعودٌ على البدء نُعيدُ التذكير بما يُطالب به الغرب بل ويُمارسه من رذائل لبعض مواطنيه واذكر في ذلك قصة العشيقين في إحدى سواحل الخليج الذين مارسا الفاحشة في العلن وحين رحلتهما السلطات قامت الدنيا ولم تقعد في صحافتهم , والأخرى التي كانت في شاطيء متعرية وهي شواطئ مع الأسف الشديد متواجدة في الخليج ولم تكن تلبس إلا نصف البكيني فاغتصبها عامل أسيوي فعوقب ورحل , وندد الإعلام الغربي به وبالأمن في هذه الدولة الخليجية , انه صورة من صور السخرية المقلوبة أن الفطرة الإنسانية التي اتفقت عليها ديانات الأرض والسماء وحافظت عليها قيم الشرق حتى عند غير المسلمين تُدان في حين تقدس الغريزة , ويحضرني في ذلك مقال لأحد كتاب الهند الهنادكة يرد على المثقفين الغربيين ويقول لهم أنّ الشرق يفخر بفضيلته وقيمه وهذه الانتهاكات الأخلاقية ليست مؤشّر حضاري ولا تقدمي فلا تخدعونا بترويج الانحراف الحيواني على أنها حضارة فلن نتخلى عن قيم الشرق الإنسانية .
نعم إنها القيم وهي قيم فضيلة وتقدم للإنسان ترفعه عن شهوة الحيوان وغرائزه , وان من المعيب أن نكون ورثة القيم والفضيلة والطهر التي تتناغم مع ثقافة الحقوق والعلو الإنساني المبدئي ثم نتخلى عنها بعدم الدفاع تاركين من اتخذوا قرار الوحدة مع دين القيم والفضيلة من الأوروبيين لوحدهم , فيما يفرض علينا الغرب رذائله الغرائزية , وهنا أُذكّر بان الغرب ليس واحداً وان هناك مؤسسات مجتمع مدني وشخصيات تقاوم ولا تزال حملة المؤسسة الرسمية واليمينية ضد الإسلام وجمهوره , وعلينا أن نمد الأيادي ونحيّي تلك المبادرات ونشجعها , لكن الكارثة الكبرى حين تنطلق أصوات من أرضنا تعتذر للتعصب الغربي وتُشكك في قيمنا , حينها اردد قولة أديب العربية الكبير مصطفى صادق الرافعي كنّا نحاور في الحجاب فصِرنا نُجَادَلُ في التعري .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.