فى أعقاب الهجوم الإسرائيلى الإجرامى على قافلة السلام " أسطول الحرية " توالت كتابات المحللين و المعلقين المعبرة عن اتجاهات الرأى العام فى العالم العربى. ففى مصر كتب الدكتور محمد يوسف عدس فى جريدة "المصريون" يوم 6/6/ 2010 مقالا بعنوان : "قافلة الحرية: وهل يفلح الحمقى..! " جاء بالمقال أن السيد جِرِمِى كوربين Jeremy Corpyn عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال كان يقدّم فى قناة Press TV برنامج تعليقات المشاهدين Commentsحول موضوع الهجوم الإسرائيلي المسلح على قافلة الحرية وهى فى طريقها لكسر حصار غزة وتقديم مساعدات إنسانية إلى شعبها.. أدار جرمى حوارا ناجحا ومثيرا شدّ إليه انتباه المشاهدين ، وكشفت البرنامج عن توجهات الرأي العام البريطاني.. واشتمل على تقارير شهود عيان كانوا على ظهر سفن القافلة .. وفى نهاية البرنامج لخّص جريمى مواقف المعلقين كالآتى: إجماع على أن إسرائيل إرتكبت ثلاث جرائم أساسية كبرى يجب أن تعاقب عليها دوليا وهى: (1) جريمة قرصنة واجتياح مسلح لسفينة مدنية فى المياه الدولية، (2) جريمة قتل متعمد لمدنيين أبرياء غير مسلحين واقتيادهم قسرا مكبلين بالأغلال إلى أراضيها.. (3) جريمة سطو وسرقة أموال ومتعلقات شخصية لأفراد مدنيين، وسرقة مواد إغاثة ومساعدات إنسانية لشعب محاصر، هى التى تقوم بحصاره وتجويعه منذ أعوام..! ومن تونس كتب الأستاذ الناصر خشيني تحت عنوان : " درس في الكرامة وفك الحصار من تاريخنا " قال أن الصورة الحالية تتمثل في كون غزة محاصرة و لا أحد من الرسميين العرب ينجدها بل ان الأجانب كجالاوي الإنجليزي أو الأتراك أو القوافل التي تأتي من قبرص هم الذين يحاولون فك الحصار عنها بتوجيه قوافل فك الحصار والغريب أن بعض العرب يساهم في هذا الحصار الجائر علما أن العراق حوصر لمدة ثلاثة عشر عاما ثم وقع احتلاله و تدميره تدميرا ممنهجا وبعض العرب ساهم في كل ذلك و في العقد الماضي فرض حصار ظالم على ليبيا ولم يفكه عليها سوى الأفارقة ثم ان ليبيا دفعت رشوة للغرب لتنقذ نفسها وكل هذه الوقائع معلومة للقاصي و الداني . فإذا عدنا للتاريخ وبالتحديد إلى غزوة بدر التي حصلت في السنة الثانية للهجرة و المسلمون وقتها ما زالوا في بداية الطريق لم تتكون لديهم قوة كافية يجابهون بها قوى البغي و العدوان الممثلة في كفار قريش الذين عملوا على تهجير المسلمين من من وطنهم مكة وعندما استقر بهم المقام في المدينة أرسلوا في طلب أموالهم التي في مكة فرفضت قريش وصادرته بما يعني بلغة العصر فرص حصار اقتصادي على المهاجرين و هو الأمر الذي يعرض حياتهم ومصالحهم الحيوية للخطر ،كما حصل و يحصل الآن لغزة و العراق و ليبيا لكن المسلمين وقتها و بقيادة الرسول عليه السلام لم يستسلموا لإرادة هذهالقوة الباغية و الظالمة و التي تملك من المال و النفوذ و الر جال والسلاح ما تفرض به ارادتها الشريرة، تماما مثلما تمتلك الولاياتالمتحدة والعدو الصهيوني إمكانيات القوة القاهرة ،ولكن في المقابل في ذلك الوقت رجال صدقوا الله ما عاهدوا عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ، فاتجهت هذه القلة المؤمنة الى معاملة أعدائهم بالمثل أي فرض حصار اقتصادي على قريش في مقابل مصادرة أموالهم بالرغم من أن موازين القوى على كل الصعد كانت ترجح لفائدة كفار قريش لكن إرادة الخير و الثأر للكرامة و العزيمة الصادقة لدى الجماعة المؤمنة بقيادة الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام تحركت لتقطع الاستمرار التلقائي للواقع المرير و الأليم وتحدث أثرا جديدا في موازين القوى و إدارة الصراع معلنة عن وجودها كقوة فاعلة و مؤثرة و ليست على هامش حركة التاريخ بل يجب أن يقرأ لها ألف حساب ،وهو ما حصل فعلا وحتى عندما أفلتت القافلة التجارية ووجد المسلمون أنفسهم في مواجهة القافلة العسكرية التي لم يستعدوا لها أصلا ولم يأتوا أساسا لمواجهتها و لكنهم استبسلوا في الدفاع عن موقفهم وحسموا المعركة لصالحهم عسكريا و سياسيا و اقتصاديا و تأثيرا معنويا في نفوسهم في حين كانت نتائج تلك المواجهة سلبية على قوى الشر و الكفر بحيث كان هذا الرعيل من المسلمين مثلا عليا في التضحية و الدفاع عن حقوقهم و كرامتهم وعدم التفريط في الحقوق مهما كانت التضحيات و التحديات التي تواجههم . ولكن في المقابل فإن الأمة العربية اليوم تملك ثروات نفطية رهيبة وأموال مودعة في بنوك الغرب ومناجم للفوسفات والغاز والحديد و النحاس وأنهارا عظيمة مثل دجلة و الفرات و النيل و تسعة عشر ألف كيلومتر من السواحل و موقعا استراتيجيا في القلب النابض من العالم وتسيطر على أهم الممرات المائية كمضيق جبل طارق و قناة السويس ومضيق باب المندب و مضيق هرمز و ثلاثة عشر مليون كم2 من الأرض وأكثر من ثلاثمآئة مليون نسمة، ولكنها مع هذه الامكانيات الضخمة جدا تبقى ذليلة أمام البطش الصهيوني و الأمريكي و الذي يمكن التعامل معه وانهاؤه بأيسر التكاليف متى توفرت الارادة الحرة لتحقيق العزة والكرامة كما فعل الرسول و صحابته الأجلاء سابقا بالرغم من ضآلة امكانياتهم أفلا نتعظ من دروس تاريخنا المجيد أم نبقيه للترف الفكري؟ ومن المغرب كتب الشاعر بن عيسى احسينات قصيدة جميلة بعنوان "سفينة الحرية"( مهداة لأرواح ضحايا سفينة الحرية وشعب غزة وشرفاء العالم) قال فيها : سفينة الحرية.. تخترق الأمواج.. يحملها عباب اليم المتوسطي.. لا تبالي بشر المصير.. لا بعواقب إرهاب صهيون بغيض.. يتربص، خلف المجهول، بها الدوائر.. خارج الشرعية، خارج الحق في المساعدة.. سفينة الحرية.. بقلوب في أكف المتضامنين المسالمين.. تقتحم عباب البحر.. نحو غزةالمحتلة الصامدة.. نحو غزة الأبية المدمرة.. حاملة الخبز والدفتر والدواء.. لأطفال وشيوخ ونساء من بقايا الدمار.. سفينة الحرية.. تتعرض لقرصنة مجرمة.. على يد صهاينة أثيمة.. بالتهديد بالقتل بالاعتقال.. أمام أنظار العالم ومنظماته وهيئاته.. أمام الحق والقانون وحقوق الإنسان.. تغتال الإنسانية بدم بارد كالمعتاد.. يا عالم؟ ألا ترق القلوب؟؟ لوضعية الشعب الغزاوي الأبي؟؟ شعب حول إلى حيوانات في زريبة.. جرده الاحتلال الغاشم من كل إنسانية.. بعد القتل والتدمير المستباح.. يأتي الحصار والتجويع والموت البطيء.. يساهم فيها الإخوة والجار والأقرباء.. فإذا كانت الصهيونية.. راعية لمصالح العم سام.. بالعالم العربي المهزوم.. دركي، شرطيي أوروبا والأمريكان.. وجودها غير طبيعي في الميزان.. ستكون آجلا أم عاجلا عبئا وعالة.. ومصيبة على الأصدقاء قبل الأعداء.. وحق الفيتو في النهاية.. سينصف الولد المذلل بالتبني.. الدفاع عن النفس حق المعتدي.. في منطق القوة والتعدي.. لقد حان زمان الردع المبين.. بوادر الانفراج لا ريب آتية.. تشق عباب البحر بعزم وإسرار. سفينة الحرية.. تعيد كتابة التاريخ.. بحروف من دماء الأبرياء.. تغير مجرى الأحداث.. ينقلب السحر على الساحر.. يستيقظ الوعي في الضمائر.. كفى قتلا ودمارا لشعب أعزل.. سفينة الحرية.. وأخرى من أنحاء العالم قادمة.. سفينة نوح جديدة.. تفك الحصار وتوقف الدمار.. تحمي الإنسانة من الشر والعار.. تنقذ ما تبقى من بطش الطغاة.. ومن ظلم ذوي القربى والجيران.. زغرودة الأمهات الغزاويات.. علامة نصر بأصابع أطفال الحجارة.. أكف الضراعة لشيوخ المقاومة.. للشعب التركي، و" لأوردوغان ".. فارس مغوار يتصدى للعدى.. سليل نوح منقذ البشرية بالهدى.. لا يخشى في قول الحق رد الصدى.. منذ أكثر من ستة عقود خلت.. لا عصابات "الشيترن" و"الهجانا".. لا التطرف والعنصرية وإرهاب الدولة المنظم.. تحقق للصهيونية المطلوب والسلام.. فقدر اليهود، عبر التاريخ، الشتات.. لا قيام دولة النصب والاحتلال.. على القتل والاغتصاب والتشريد.. كانت تلك نماذج من ردود فعل الرأى العام فى الشارع العربى. أما الحكومات العربية فقد كان موقفها هزيلا حيث اكتفت "كالمعتاد" بالشجب والإستنكار !!؟ وقد تمثل ذلك بجلاء فى البيان الذى أصدره وزراء الخارجية العرب فى الإجتماع الطارئ الذى عقد بجامعة الدول العربية بالقاهرة .. بيان عادى ..منه كثير..فالوزراء يمثلون أنظمة حكم ، والأنظمة لاتريد إغضاب أمريكا....وإسرائيل تبعا لذلك ..ولاجديد .. وسلم لى على الكرامة .. [email protected]