عبأت الحكومة في قرغيزستان الأحد، جيشها وسمحت لقواتها بإطلاق النار بدون إنذار مسبق في جنوب هذا البلد الاستراتيجي في آسيا الوسطى، بهدف احتواء أعمال العنف الإتنية التي أوقعت ما لا يقل عن 86 قتيلاً وألف جريح منذ اندلاعها الجمعة. وأعلنت وزارة الدفاع تعبئة الاحتياط في الجيش ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و50 سنة، كما أجيز لقوات الأمن مساء السبت إطلاق النار بدون سابق إنذار، وأضاف البيان أن "تنظيم التعبئة الجزئية للسكان المدنيين تبدأ في مكاتب التجنيد العسكري في مدن ومقاطعات البلاد". كما فرضت الحكومة الانتقالية حظرًا للتجول طيلة النهار والليل في أوش ثاني مدن البلاد وفي منطقتين مجاورتين لها، بعد أن كان هذا التدبير ساريًا خلال الليل فقط. كذلك قررت الحكومة توسيع حالة الطوارئ لتشمل كل منطقة جلال آباد المجاورة حيث انتشرت السبت أعمال العنف فيما أدت المواجهات بين الأوزبك والقرغيز إلى سقوط 86 قتيلاً وألف جريح بحسب حصيلة جديدة أعلنتها وزارة الصحة. وأفاد شهود عيان لوكالة الأنباء الفرنسية، أن الوضع في أوش ما زال بعيدًا عن التهدئة وأشاروا إلى حصيلة أكبر بكثير من تلك التي أعلنتها السلطات. وروى أحد سكان أوش طالبًا عدم كشف هويته: "لا يسمحون لنا بانتشال الجثث من الشوارع. السلطات تخفي فداحة المأساة والحقيقة. وسط المدينة يخضع لسيطرة مسلحين مسعورين". وفي جلال آباد صرحت ممثلة وسيط الجمهورية لحقوق الإنسان عليمة أمانوفا أن نحو ألفي شخص بعضهم مسلحون تجمعوا في ميدان الخيل في المدينة. فيما دعا المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية إلى الهدوء في الوقت الذي هرب فيه آلاف اللاجئين خوفًا من المواجهات وتجمعوا على الحدود مع أوزبكستان ليس بعيدًا عن منطقة العنف. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان: إن "الولاياتالمتحدة تراقب عن كثب الوضع في جمهورية قرغيزستان وتدعو إلى عودة سريعة للسلام والأمن العام في مدينة أوش وحيث تجري أعمال عنف إتنية". واستقرار الوضع في قرغيزستان أمر أساسي بالنسبة للولايات المتحدة التي تملك قاعدة عسكرية مهمة لقواتها المحتلة لأفغانستان. ودعت منظمة العفو الدولية الحكومة لحماية "جميع المواطنين في قرغيزستان وخصوصًا ذوي الأصول الأوزبكية التي تستهدفهم أعمال العنف". ودعت المنظمة أوزبكستان لفتح حدودها من أجل استقبال اللاجئين المقدر عددهم بين 2000 و6000 فيما عبرت طشقند السبت عن "قلقها البالغ". أما روسيا التي تملك أيضًا قاعدة عسكرية في قرغيزستان، فقد أعلنت السبت إرسال مساعدة إنسانية رافضة طلبًا قرغيزستانيا لإرسال قوات. إلى ذلك وجهت منظمة المؤتمر الإسلامي بلسان أمينها العام أكمل الدين إحسان أوغلو دعوة "للعودة إلى الهدوء والوضع الطبيعي في قرغيزستان". ودعا إحسان أوغلو في بيان المجموعات الإتنية في قرغيزستان العضو في منظمة المؤتمر الإسلامي، إلى "إبداء أقصى درجات ضبط النفس والاستمرار بالعيش بسلام بعضها مع البعض في ظل حكم القانون". كما اعتبر الأمين العام للمنظمة التي تضم 57 عضوًا ومقرها مدينة جدة بالسعودية على البحر الأحمر، أنه يتعين على السلطات القرغيزستانية أن "تأخذ الخطوات اللازمة للعودة إلى الوضع الطبيعي والحؤول دون تكرار الأحداث المأساوية". وقد بدأت أعمال العنف في أوش ليلة الجمعة إثر مشادات بين أوزبك وقرغيز أدت إلى تدهور الوضع. وتعد هذه المواجهات الأكثر عنفًا منذ انتفاضة إبريل الماضي التي أسفرت عن سقوط 87 قتيلاً وأدت إلى سقوط نظام الرئيس كرمان بك باكيف، وكانت أعمال عنف أدمت في مايو منطقة جلال آباد معقل الرئيس المخلوع. وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين الأقلية الأوزبكية (15 إلى 20% من التعداد السكاني في قرغيزستان) والقرغيز متوترة تاريخيًا لاسيما بسبب التفاوت الاقتصادي الذي يخيب آمال الأوزبك بشكل خاص.