جددت مصر رفضها إقامة أية مشروعات على نهر النيل من شأنها أن تؤثر على حصتها الحالية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وشددت على أن بإمكانها منع إقامة سدود ومشروعات أخرى على النيل في دول المنابع، وذلك في أعقاب الاتفاق الذي وقعته أربعة من دول المنابع لإعادة تقاسم مياه النيل. يأتي ذلك في الوقت الذي تدرس فيه مصر حاليًا دعوة جميع وزراء المياه بدول حوض النيل لعقد اجتماع استثنائي بالإسكندرية لمناقشة المبادرة الرئاسية للتوازي مع فتح باب التفاوض حول البنود العالقة في الاتفاقية الإطارية ووفقا لفترة زمنية محددة وذلك لتوحيد الحوض حول رؤية واحدة وأهداف واحدة. وقال الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الري والموارد المائية "أي مشروع يقام على مجرى النهر لابد وأن توافق عليه مصر والسودان وفقا لنصوص الاتفاقيات الدولية"، وأضاف إن "مصر تراقب وبدقة عن كثب المشروعات الخاصة بتوليد الطاقة في دول المنبع حتى لا يتم استخدام مياه هذه المشروعات في زراعة مساحات من الأراضي قد تؤثر سلبا على حصتنا المائية". ولم يوضح علام الوسائل التي قد تلجأ إليها مصر للحفاظ على حصتها الحالية، لكنها سبق وأن لوحت بالتهديد ردًا على الاتفاقية التي وقعت في أوغندا يوم الجمعة الماضي بين كل من إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا، في محاولة للحصول على نصيب أكبر من المياه ونقض اتفاقيتي عام 1929 و1959 اللتين تعطيان مصر نصيب الأسد من المياه وتسمح لها بمنع إقامة مشروعات مثل السدود تضر بحصتها من مياه النهر. وينحصر الخلاف بين مصر ودول حوض النيل في ثلاثة بنود فقط بعد الاتفاق علي 39 بندا في الاتفاقية الإطارية على مدار عشر سنوات من المفاوضات، وهذه البنود تتعلق بالإخطار المسبق قبل قيام أي مشروعات، وتوفير الأمن المائي للدول، والتصويت على القرارات بالإجماع وليس بالأغلبية. وكانت إثيوبيا دشنت بالتزامن مع التوقيع على الاتفاقية سد بيليس الذي تقول إنه سينتج 460 ميجاوات من الكهرباء، وهو ما أثار القلق خاصة وأن 85 في المائة من مياه النيل تنبع من إثيوبيا. وقال علام إن مصر ليس لديها اعتراض على إقامة السدود ومشروعات الطاقة الأخرى في دول المنبع ما دامت لا تؤثر على حصتها التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب. فيما يقول محللون إن المانحين الدوليين والبنوك قد يترددون في تمويل مشروعات من شأنها الأضرار بحصة مصر والسودان خشية التورط في خلاف إقليمي. ونقلت وكالة "رويترز" عن جمال عبد الجواد الباحث في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام" "معظم المانحين يرون أن الإجماع بين دول حوض النيل وموافقة مصر أساس لتمويل أي مشروع"، وقال "يمكن لمصر أن تعمل مع هؤلاء المانحين الدوليين". وقال سلطان "مصر لا تحاول تقويض مشروعات التنمية... لكنها تحاول العمل على تنفيذ مشروعات يمكن أن تخدم مصالح جميع تلك الدول ومصر نفسها". ومن المقرر أن تشهد مصر خلال الفترة القادمة تحركات مكثفة ونشاطا دبلوماسيا لاحتواء الخلافات بين دول حوض النيل حيث يزور القاهرة رئيس وزراء كينيا رايلا أودينجا السبت القادم في زيارة رسمية تستغرق أربعة أيام يجرى خلالها مباحثات مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف وعدد من المسئولين. وينتظر أن يصل رئيسا الكونغو الديمقراطية وبوروندي إلى القاهرة نهاية مايو وبداية يونيو القادم، لإجراء مباحثات مع الرئيس حسني مبارك والمسئولين المصريين، وسيكون ذلك بموازاة تحركات تقوم بها فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي لدول الحوض لبحث مجالات التعاون المشترك في مختلف المجالات.