شوفوا يا سادة الحكاية ببساطة : شعب مصري كان يعاني إستقطاب شديد , لدرجة إنه إنقسم شعبين ..شعب مع الحاكم ( الرئيس محمد مرسي ) , وشعب ضده ..الشعب الأول كان لديه إعلام بسيط ضعيف يكاد لا يذكر لكنه كان بيعبر عنه , والشعب الثاني كان عنده آلة إعلامية ضخمة وعشرات القنوات والميزانية بالمليارات كان إذا قتل فرد واحد أو حتى ضرب على وجهه من الشعب الثاني تقوم آلة الإعلام الضخمة بثورة عظيمة أياما مديدة وتقيم الدنيا ولا تقعدها وتظل تندب وتنوح على نغمة واحدة : سقطت شرعية الحاكم .. سقطت شرعية الحاكم .. سقطت شرعية الحاكم .. كان الشعب الأول يخرج في مليونيات كانت تملأ الميادين تأييدا لشرعية الحاكم ..الذي جاء باختيار الشعب وبصناديق الإنتخابات ..والشعب الثاني يكاد لا يخرج منه الآلاف تعبيرا عن رفض الحاكم ..حتى قامت آلة الإعلام و بعض رجال أعمال مبارك ورموز بارزة في معارضة كانت تكره الصناديق لخسارتها في جميع الإنتخابات ..قاموا بدعم حملة مجموعة من الشباب للتمرد على الحاكم وإسقاطه ..أنفقت عشرات الملايين واشتغلت آلة الإعلام ليلا ونهار لشحن وتعبئة الناس ضد الحاكم ( الذي زعموا أنه سقطت شرعيته ) ليخرجوا عليه يوم 30 يونيو ..وظل الإعلام يشحن الناس طوال شهرين كاملين .. وحينما جاء الموعد المحدد خرج الشعب الثاني كله ومعه رجال الشرطة جميعهم محمولين على الأعناق.. ومعهم رجال الأمن المركزي بلباسهم المدني ..وطائرات الجيش تصورهم ومدرعاته تحميهم وآلة الإعلام الضخمة تنقل صورتهم.. وتنفخ وتكبر فيها ..والشعب الأول أيضا خرج بالملايين ..لكن دون إعلام ضخم يصوره أو جيش يحميه ..او شرطة تصاحبه ..اللهم إلا بلطجية تقتل وتسحل في أفراده ..ويلومه أيضا الإعلام على ذلك ويحمله هو مسئولية الدماء .....ثم خرج قائد الجيش ووزير الدفاع في دور ( فتوة الحارة ) فهو من يملك القوة و يملك السلاح .. ليفصل بين الشعبين المختلفين على الحاكم ( و الذي عينه بالأساس وزير وقائد ) .. فقرر أن الشعب الأول عدوه , والشعب الثاني حبيبه وحليفه ..فتمت الإستجابة لمطالب الشعب الثاني ..وحاربوا الشعب الأول .. قام بتطبيق خارطة طريق وضعها الحاكم ( المنتخب والشرعي )..ولكن بدون هذا الحاكم .. وزيادة كرم منه .. فقد كفى ووفى لهذا الشعب الحليف ..بعد أن كان طلبه فقط عزل الحاكم ..فقد عزله و احتجزه وأخفاه في مكان لا يعلمه إنسان ..وكأنه مجرم خطر على المجتمع ..و جريمته هي النجاح في الإنتخابات ..ثم ألغى الدستور وأجهز على ما بقي في الدولة من مؤسسات ..وتولى هو مقاليد الأمور .. و طبعا الشعب الحليف أقام الأفراح والليالي الملاح وأحيا إعلامه الليالي الراقصة والسعيدة و الشامتة ..وبقي الشعب الأول في الشارع ..يناضل وحده من أجل حقه..في رئيس انتخبه وأعطاه صوته , ولكن من أجل التعتيم على هذا العدو ..فقد وضعت حولهم الأسلاك الشائكة في الميادين ومنعت عنهم الكاميرات وقام الحاكم العسكري .. بمصادرة إعلامهم وإغلاق جميع القنوات ..وإخفاء أخبارهم عن العالم أجمع ..ثم بدأ بأخذ أسرى منهم وإمتلأت بقادتهم السجون و المعتقلات , ثم قام بشن حرب نفسية عليهم ..بنشر الشائعات وإلقاء المنشورات .. لتحذرهم وتهددهم بفقد حياتهم .. لبث الرعب والهلع بين أفرادهم . و في الوقت الذي يلقي فيه على الشعب الحليف الهدايا والكوبونات ..فإنه يقوم بالإنقضاض على الشعب العدو في حين غفلة فيقتل ويذبح فيهم اثناء الصلاة .. أو يحاربهم بالوكالة من خلال تأجير ( البلطجية ) ليقتلوا فيهم ..كما حدث لنساء المنصورة الأحرار ...ولأن للحرب قوانينها ..فلا رحمة ولا شفقة ..ولأنهم هم العدو في نظر الإعلام ..فقتلاهم هباء ..وإعمال المذابح فيهم لا تزيل شرعية حاكم ..ولا تحبس قاتل .. ويقع اللوم كل اللوم على الضحايا التعساء ... إذن نحن يا سادة أمام شعبين : شعب يؤمن بشرعية حاكمه وحقه في إختياره ..شعب أعزل يقف بصدور عارية يقتل ويذبح كل يوم بدم بارد ..بل وتأتي الدعوات صريحة في الإعلام لقتله وإبادته ..وتلقى عليه منشورات تحذره وتهدده ..لا يملك إعلام أو شرطة أو جيش ولا يدافع عنه أحد , وشعب آخر يملك آلة إعلامية ضخمة مزورة ومزيفة للحقائق ..تدافع عنه وتهلل له بالحق وبالباطل ..ويقف العشرات منه في الميادين فتدافع عنهم الشرطة بآلياتها ويحميهم الجيش بمدرعاته ويلقي عليهم بالهدايا والكوبونات .. أين هي الحرب الأهلية إذن أيها العقلاء ?? !!!.. إنها حرب إبادة .. قرر فيها قادة جيش أن يستولوا على حكم البلاد وأن يبيدوا ويسحقوا كل من يعارضهم في هذه البلاد ..ولكن هيهات أيها الطغاة هيهات ... واهم ومغفل من يتصور أن الشعوب تباد ...أو يمكن لها أن تخاف ..إن من يقتل اليوم سيأتي الآلاف غدا يدافعون عن حقه ..ويطالبون بدمه ..ولن يعلو في النهاية سوى صوت الشعب .. وسيعود الحق لمجراه .. وأخيرا .. فإنه يشرفني جدا أن أعلن للعالم أجمع : أنني من الشعب الأول .. و على كل منا أن ينظر إلى أي شعب سينتمي ويتحمل تبعات الإنتماء .