يشبه قانون التصالح في مخالفات البناء.. برلماني يقدم مقترحًا لحل أزمة الإيجار القديم    ترامب: 3 محتجزين إضافيين قضوا في غزة و21 ما زالوا أحياء    تصعيد خطير بين الهند وباكستان... خبراء ل "الفجر": تحذيرات من مواجهة نووية ونداءات لتحرك دولي عاجل    ردود الفعل العالمية على اندلاع الحرب بين الهند وباكستان    22 شهيدا و52 مصابًا جراء مجزرة الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة أبو هميسة بمخيم البريج وسط غزة    موعد مباراة الإسماعيلي وإنبي في الدوري المصري والقنوات الناقلة    موعد مباراة تونس والمغرب في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    تحرير 71 محضرا للمتقاعسين عن سداد واستكمال إجراءات التقنين بالوادي الجديد    طارق يحيى ينتقد تصرفات زيزو ويصفها ب "السقطة الكبرى".. ويهاجم اتحاد الكرة بسبب التخبط في إدارة المباريات    أول زيارة له.. الرئيس السوري يلتقي ماكرون اليوم في باريس    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    الدولار ب50.6 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 7-5-2025    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    التلفزيون الباكستاني: القوات الجوية أسقطت مقاتلتين هنديتين    وزير الدفاع الباكستاني: الهند استهدفت مواقع مدنية وليست معسكرات للمسلحين    الهند: شن هجمات جوية ضد مسلحين داخل باكستان    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع ببداية تعاملات الأربعاء 7 مايو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    "اصطفاف معدات مياه الفيوم" ضمن التدريب العملي «صقر 149» لمجابهة الأزمات.. صور    د.حماد عبدالله يكتب: أهمية الطرق الموازية وخطورتها أيضًا!!    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    قرار هام في واقعة التعدي على نجل حسام عاشور    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    ارتفاع مستمر في الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة بالمحافظات من الأربعاء إلى الاثنين    موعد إجازة نصف العام الدراسي القادم 24 يناير 2026 ومدتها أسبوعان.. تفاصيل خطة التعليم الجديدة    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    نشرة التوك شو| الرقابة المالية تحذر من "مستريح الذهب".. والحكومة تعد بمراعاة الجميع في قانون الإيجار القديم    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    رحيل زيزو يتسبب في خسارة فادحة للزمالك أمام الأهلي وبيراميدز.. ما القصة؟    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    معادلا رونالدو.. رافينيا يحقق رقما قياسيا تاريخيا في دوري أبطال أوروبا    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دوائر الثورة بين الجيش و الدولة
نشر في المصريون يوم 17 - 07 - 2013


تمهيد :
الثورة تتكامل في دوائر متداخلة حتى يكتمل المشهد و نصل للدائرة الأكبر المحققة لأهداف الثورة و المتحررة من كل القوى المسيطرة..
انقلاب 30 يونيو ربما يمثل أكثر هذه الحلقات تعقيدا و تحديا للثوار و اختبار حقيقي لصلابة النواة الثورية في الضمير الجمعي العام. 1 - الحكاية من البداية : الجيش و الثورة و إرادات التغيير :
بدأت الحكاية بخروج مهيب في 25 يناير و ما تلاها من الأيام الثمانية عشر في أكبر ثورة سلمية في التاريخ و (ضاحكة كما وصفتها ال BBC).
ثم تسلم العسكر السلطة في مشهد بدا طبيعيا في سياق المناخ العام الذي يعطي للجيش مساحة واسعة من النفوذ و التأثير نتيجة للتهديد المستمر على الحدود عبر التاريخ فضلا عن احترافية الجيش المصري و اعتزازه بتاريخ تليد منذ عصر الدولة الأول ثم تكوين الجيش الحديث في عهد محمد علي. لكن السيئ فعلا هو ما تلا ذلك من أخطاء قاتلة قام بها الجميع ليتدحرج الموقف لما نحن فيه الآن.
بنتائج ثورة 25 يناير فقد الجيش واجهته المدنية في الحكم، ونظرا لاستحالة الحكم المباشر نتيجة للطبيعة المختلفة للعسكر و التي تميل للديكتاتورية و للترتيب الهرمي الصارم فضلا عن المناخين الداخلي و الخارجي اللذان لا يسمحان بأي حكم عسكري في العصر الحديث كان لا بد من وجود بديل يضمن تغييرا هيكليا محدودا.
نجحت الثورة بفضل تكاتف الجميع في معادلة الكل ضد واحد .. الواحد هنا كان مبارك الذي هوى سريعا بعد ميلان كفة القوة الأكبر (الجيش) بعيدا عنه.
حقا لم يكن الجيش جزءا من حراك الثورة (المباشر) و لم ينزل إلا بناء على أوامر من مبارك لكنه لعب الدور السلبي (شبه الحيادي) الذي يفهمه الثوار كدور (شبه إيجابي) والذي يمكن تفسيره بسخط الجيش الناتج عن وضعية التوريث لشاب لم يخرج من المدرسة العسكرية التقليدية كأسلافه (جمال مبارك) فضلا عن شكوك عميقة في أثر ذلك على الأمن القومي (سيناء) و المصالح الاقتصادية للجيش. لم يكن مبارك صلبا و كان عجوزا فتهاوى سريعا و هنا وجب على الجيش البحث عن خريطة تحالفات جديدة ضامنة للعاملين السابقين.
رحل مبارك فاستمرت المعادلة لكن الواحد هذه المرة هو الجيش. الذي سيحاول حثيثا لكسر الشوكة الثورية لتغيير المعادلة لتكون طرفا ضد طرف و الجيش يلعب دور الحاكم الذي يفض المعركة. مرة أخرى سيلعب الجيش الدور السلبي الذي سيفسره كل طرف لصالحه.
كانت هناك التعديلات الدستورية التي تضمن التطبيق الشكلي للإجراءات الديمقراطية دون الاهتمام بالتغييرات العميقة التي يجب أن تحدث (نتيجة لأن الشباب تركوا الميدان سريعا مؤتمنين الجيش على الثورة). و لأن تلك التغييرات الشكلية تبدو مريحة تماما للجميع فالمطلوب رئيس و مؤسسات منتخبة. و لهذا كان يجب أن يعيد الجيش خريطة التحالفات على الأرض فاستمال الكتلة الإسلامية (الضخمة) و تغيرت المعادلة.
كان يمكن لأمر التعديلات الدستورية أن يمضي في محاولة لإبعاد العسكر قليلا من المعادلة ثم التفرغ لكتابة دستور يمثل عقدا اجتماعيا للمصريين على مهل. لكن تشكك القوى الثورية و التشكك التاريخي في الإسلاميين جعل الجيش يقفز لإعلان دستوري جعل الفترة الانتقالية أكثر غموضا.
هنا مثل الإسلاميون حليفا مريحا للجيش بامتلاكهم قبولا شعبيا و كذلك ارتياح دولي نسبي نتيجة للتواصل مع واشنطن فضلا عن محافظة سياسية تسمح للجيش بالاحتفاظ بامتيازاته العديدة و استقلال مؤسسته .
2 - ترتيبات ما بعد المشهد: تطلعات الدولة المدنية و خطايا المرحلة :
الآن (قبل 30 يونيو) تغيرت المعادلة و في إطارها أصبح لدينا أول رئيس مدني و حدث خلالها إعادة ترتيب البيت العسكري عبر تغيير الوجوه القديمة التي فقدت دورها تماما ثم إعادة تشكيل العلاقة بين المؤسستين العسكرية و الرئاسية.
لكن يبدو أن شيئا ما لاح في الأفق.
اندفع الإسلاميون (كالمعتاد دائما من القوى الصاعدة) في امتلاك السلطة (الإخوان هنا هم الفصيل الأكثر فعالية) و أصبحت باقي الفصائل على الطرف الآخر. كان التغير الأكثر أهمية هو تحول الفصيل الإسلامي الحليف (حزب النور) للمعسكر الآخر .
هنا أصبح الأخوان وحيدين في خط المواجهة و بتوتر العلاقة مع الجيش ربما نتيجة لتمدد النظام الجديد في العلاقات الدولية و محاولة لعب دور أكثر تأثيرا بعيدا عن المؤسسة العسكرية و محاولة ترتيب الدولة لتغيير هيكلها الأساسي و الذي أقلق الجميع لتعمل الدولة العميقة بجهد حثيث لإفشال النظام الجديد و قد كان.
بفقدان التحالف مع المؤسسة العسكرية و المشاكل المتفاقمة. كان نجاح الجيش (بمفهومه الخاص لمعنى الدولة و أمنها القومي و المبني على بعد أمني بحت) في شق الصف الثوري و الساعي لتغيير شامل و ليس تغييرا شكليا كما يريد الجيش.
عادت المعادلة الكل ضد واحد لكن الواحد هنا أصبح الأخوان تحديدا. لكن عندما يكون الجيش في الناحية الأخرى و تفقد القوة الأكبر تصبح المواجهة غير متكافئة أبدا.
للأسف الصراع أخذ الآن بعدا يهدد بالفعل النسيج المجتمعي و السلم الأهلي خاصة بعد كل هذه المحاولات (الإعلامية) لشيطنة الفصيل الأكبر شعبيا و التنظيم الأقدم على الساحة.
الجيش يمتلك استراتيجيته الخاصة و أصبح اللاعب الأساسي (كما كان منذ البداية). شق الصف الثوري سيصب حتما في صالح التغيير الشكلي المفضل من الجيش و التي تسير به الأمور الآن (بعد الانقلاب) و ستكون الثورة التي قامت لأجل تغيير عميق في بنية الدولة بالكامل هي أولى الضحايا.
سواء انتبه الثوار الآن أو لاحقا سيدركون على أي حال بأن الضمانة الوحيدة لتحقيق الأهداف السامية للثورة في العيش و الحرية و العدالة الاجتماعية هي اجتماع صفهم بالضرورة مرة أخرى لتعود المعادلة الكل ضد واحد .
والواحد هنا المؤسسة العسكرية التي سيمثل الضغط الشعبي المتكامل دافعا لتسريع التغيير بصورة تتماهى مع الأهداف الكبرى للثورة، و التي معها سيضطر الجيش لإجراء جراحات عميقة في هيكل الدولة و الجيش و تغيير مفهموهه للدولة المصرية و علاقته بها.
3 - ما بعد الانقلاب : أفكار للخروج من المأزق :
أمامنا طريقان إذا:
إما البناء على ما تم إنجازه حتى الآن (قبل 30 يونيو) .. أو البدء من جديد مع العسكر عبر اتباع الخط الانقلابي
كلا الطريقين يجب أن يتضمن تنازلات من الطرفين مع ضمان تحقيق انتصارات جزئية لكل منهما و يفترض تكاتف القوى الثورية في تعهدات مكتوبة و مقررة.
أ. الطريق الدستوري و العودة لما قبل مشهد 30 يونيو بعودة الرئيس مرسي: يتضمن ثلاث خيارات :
1. ٍعبر عمل استفتاء على وجود الرئيس مرسي و في هذه الحالة تبدو النتيجة ضبابية تماما و خارج التوقعات نتيجة لحالة الاستقطاب الهائلة و احتمال عودة د.مرسي قائمة فعلا .. لابد من عمل خريطة طريق تتضمن تعديلات جوهرية سواء بقي الدكتور مرسي أو رحل بالاستفتاء .. مثل التعديلات الدستورية و الانتخابات البرلمانية و ضمانات استقلال المؤسسات المنتخبة.
2. عودة الرئيس باتفاق يتضمن استقالة لاحقة مع وضع خريطة طريق تتضمن أيضا التعديلات الدستورية و قانون الانتخابات البرلمانية و تعهد من الرئيس بإشرافه على المرحلة الانتقالية دون ترشح للمرة القادمة أو ترشيح أحد من الأخوان و في هذه الحالة يجب على القوى الثورية بما فيها الأخوان الاتفاق على مرشح توافقي للوقوف بقوة ضد مرشح العسكر و الفلول.
3. إجراء انتخابات برلمانية آنية و يحدد البرلمان مصير الرئيس مرسي .. سواء باستفتاء أو انتخابات مبكرة بعد عودته لممارسة مهامه الدستورية حتى يحدد البرلمان موقفه.
ب. الطريق الانقلابي و الاستمرار في مشهد ما بعد 30 يونيو: هناك مبادئ 6 أساسية لضمان ترتيب المشهد :
1. لابد من عودة الصف الثوري للحمته عبر مراجعات عميقة لأخطاء الماضي و معرفة أكيدة بأن الميدان سيجمعنا مرة أخرى
2. تغيير كبير في هيكل الفصائل الثورية و تنحي الجيل الكبير من المشهد بعد تأدية دوره و تصعيد كامل للجيل الجديد (تحت الأربعين). الكل يحتاج ذلك بشدة و الأخوان أولى تلك الفصائل لأهميتها التاريخية و ثقلها الشعبي.
3. أن يقوم الجيش بكل مسئولياته و عدم إعطائه الفرصة للعمل بواجهة مدنية كما هو حادث الآن. أن يكون هناك حكومة تكنوقراط توافقية يرأسها قائد الجيش القادم تتحمل مسئوليتها الكاملة في تسيير أمور الوطن
4. ترتيب الصف الثوري و الاصطفاف الاجتماعي عبر حوار مجتمعي غير محدد زمنيا و لكن محدد الأهداف لتحقيق أهداف الثورة و وضع تصور متكامل للعقد الاجتماعي الذي يجب أن يربطنا جميعا.
5. انتخاب جمعية تأسيسية يمثل بها الجميع بفرد واحد دون اعتماد للوزن النسبي. النتاج يجب أن يكون بتوافق كامل (نسبي) و لا يتم الاعتماد على مبدأ الأغلبية المطلقة.
6. بمجرد الانتهاء من الكتابة المتكاملة للدستور يتم وضع خريطة طريق محددة الإجراءات و محددة المدة الزمنية لنقل السلطة كاملة للمؤسسات المنتخبة.
لتحقيق ما فات عبر الطريق الانقلابي لا بد من عمل خطوات مبدأية:
1. عودة الرئيس المنتخب للقصر لتهدئة الشارع و احتراما للتجربة. يعقبها استقالة من الرئيس المنتخب و المؤقت و قائد الجيش الحالي لإنقاذ الموقف
2. تشكيل حكومة تكنوقراط تحت رئاسة قائد الجيش و مسئوليتها كاملة عن تسيير الشئون اليومية للشعب المصري بمعاونة كاملة من الجميع.
3. تجنب كل أشكال الصدام المبكر و التركيز على الخطوات الست السابقة.
4 - في دروس المرحلة: إعادة ترتيب المشهد و خريطة التحالفات
- تبدو الجراحة مؤلمة حقا للجميع لكنها ربما تمثل خروجا من النفق و لو بخطوات بطيئة لكنها ثابتة على الأرض
- سيكون هذا الأمر مقترحا لتواصل و نقاشات قادمة مع أصدقاء كثر في كل الأطراف.
- هناك اتفاق كامل بأن ما نمر به هو من ضرورات الثورات و أنه يوما ما سيؤرخ للثورة المصرية كواحدة من أعظم الثورات و أكثرها تأثيرا في التاريخ و ستمثل نقطة فارقة في علم دراسة الثورات و مفهومها.
- يجب أن يدرك الجميع أننا لا نملك ترف المنافسة السياسية بعد و أن التوافق و الاتفاق بيننا جميعا هو واجب الوقت و المرحلة.
- المعادلات هنا ليست تقليلا من أحد أو تشكيك في الانتماء و الوطنية و لكنها لبيان أوجه الاختلاف بين المؤسسات المحافظة و القوى الثورية و كذلك لتوضيح الفجوة العميقة بين رؤية جيلين مختلفين (راجع رسالة عبدالرحمن يوسف القرضاوي لوالده الجليل).
- الاعتماد على العسكر في تغيير المعادلة لن يؤدي بنا أبدا لطريق وردي أو مخرج آمن. التواصل المجتمعي و التآلف بين قواه هو الطريق الوحيد للجميع بما فيه الجيش.
ربما يمثل المقتطف التالي من كتاب محمد نجيب "كنت رئيسا" درسا للجميع:
"مشاعري معهم .. مع الإخوان .. رغم أنهم تخلوا عني و عن الديموقراطية و رفضوا أن يقفوا في وجه عبد الناصر إبان أزمة مارس ، بل وقفوا معه و ساندوه ، بعد أن اعتقدوا خطأ أنهم سيصبحون حزب الثورة ، و أنهم سيضحكون على عبد الناصر و يطوونه تحتهم.
فإذا بعبد الناصر يستغلهم في ضربي و في ضرب الديموقراطية و في تحقيق شعبية له , بعد حادث المنشية.
إن الإخوان لم يدركوا حقيقة أولية هي إذا ما خرج الجيش من ثكناته فإنه حتما سيطيح بكل القوى السياسية و المدنية , ليصبح هو القوة الوحيدة في البلد , و أنه لا يفرق في هذه الحالة بين وفدي و سعدي و لا بين إخواني و شيوعي , وأن كل قوة سياسية عليها أن تلعب دورها مع القيادة العسكرية ثم يقضى عليها .. لكن .. لا الإخوان عرفوا هذا الدرس و لا غيرهم استوعبه .. و دفع الجميع الثمن.
و دفعته مصر أيضا .. دفعته من حريتها و كرامتها و دماء أبنائها .. فالسلطة العسكرية أو الديكتاتورية العسكرية لا تطيق تنظيما آخر ، و لا كلمة واحدة ، و لا نفسا و لا حركة ، و لا تتسع الأرض إلا لها و لا أحد غيرها.
العبارة الأخيرة التى قالها فاروق لى: "ليس من السهل حكم مصر". ساعتها كنت اتصور أننا سنواجه كل ما نواجهه من صعوبات الحكم باللجوء للشعب، لكننى الآن أدرك ان فاروق كان يعنى شيئا اخر.. لا أتصور أن احدا من اللذين حكموا مصر أدركوه، وهو أن الجماهير التى ترفع الحاكم الى سابع سماء هى التى تنزل به الى سابع أرض ... لكن ..........لا أحد يتعلم الدرس.”
انتهى الاقتباس.
- نفس الخطأ وقع فيه الجميع .. الإسلاميون بعد الاستفتاء الشهير (19 مارس) و حالة الانقسام الحاد بعدها. و الآن القوى الليبرالية (30 يونيو) لتعقبه حالة الانقسام الأكثر حدة.
- الثورة معركة جيل كامل و ليست مجرد حدث وقتي ينتهي. لا زلنا في إطار الدوائر المتداخلة حتى تكتمل الرؤية و الدائرة الكبرى التي ينصهر فيها الجميع في بوتقة الوطن الجامع.
5 - تحيزاتي : بقي أن أقول الرأي الذي أميل إليه :
- لا يسمح الضمير الإنساني و لا المهني بأن أصف مشهد تدخل الجيش إلا بانقلاب عسكري. و اعتقد أن السبل الديمقراطية و احتجاجات الشارع وصولا لعصيان مدني كانت يمكن أن تحل المشهد بشكل أفضل من تعقيده بتدخل الجيش مرة أخرى في المشهد السياسي.
- التجربة الديمقراطية هي الطريق الأسلم و الأصح للوطن و لنا جميعا مهما كانت أخطاءها .. و الآلية الديمقراطية تصلح نفسها بنفسها .. و الشعوب مثل الفرد تتعلم بالتجربة و الخطأ .. و حتمية الفرص الضائعة لا بد منها لتصحيح المسار دائما
- شيطنة التيار الإسلامي (بكل تلك الهجمة الإعلامية) و الإخوان تحديدا يمثل خطرا و خطأ جسيما في نسيج الوطن و السلم المجتمعي .. دفع الناس لرفضهم و ما يقابله من شعور بالاغتراب سندفع ثمنه جميعا.
- خطابات التخوين و الاستقطاب لن تؤدي لنتائج إلا شق الصف و إضاعة كل مكاسب آنية و مستقبلية و تعطي الفرضة للجيش من ناحية للتدخل و لفلول النظام السابق لملء الفراغ.
- الاستسلام للقوة العسكرية و التحالف مع الجيش من بعض الفصائل لن يؤدي لأي مكاسب حقيقية و سيورد التجربة كلها موارد التهلكة نظرا لاختلاف الرؤية الجذري لدولة ما بعد الثورة. فضلا عن إعطاء حجة للجيش لتدخل دائم في المسار السياسي و الذي سيكون ضوء إنذار لكل رئيس و حكومة قادمة و تكون الأيادي مرتعشة واضعة رضا الجيش قبل رضا الجماهير.
- نحن في مرحلة تستدعي توافق كامل بين الثوار و قواها السياسية و لا نملك ترف المنافسة السياسية بعد حتى نمتلك المؤسسات و النظام الديمقراطي المستقر تماما .. و هذا كان الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه الجميع و أدى للمشهد الحالي.
- استمرار الدكتور مرسي إلى نهاية مدته (في حال العودة) ليس بالحل الأمثل في ظل حالة الاستقطاب الشاملة و أجواء انعدام الثقة فضلا عن تحفز الدولة العميقة و الشرخ بينه و بين قيادات الجيش.
- و لذا أميل للحل الذي يحفظ منجزات تمت حتى الآن (ما قبل الانقلاب) مع إعادة المشهد الثوري لنقاءه. عودة الرئيس مرسي للمشهد يجب أن تتم في إطار من التوافق و الاتفاقات المكتوبة تضمن مرحلة انتقالية هادئة تتكاتف فيها القوى الثورية سواء كان باستفتاء أو انتخابات مبكرة تتضمن:
1. التوافق على مرشح للثورة ليكون قادرا على خوض المعركة لضمان عدم عودة أحد وجوه النظام السابق.
2. الاتفاق على حزمة التعديلات الدستورية و قانون الانتخابات للبرلمان.
3. أن تكون الحكومة القادمة توافقية و متجانسة و تضم التكنوقراط في هيكلها العام و يكون مهمتها الأساسية هو الشأن الاقتصادي و تمهيد الطريق لخلق نظام ديمقراطي صلب لتهيئة المجتمع لمرحلة ما بعد تأسيس النظام و مؤسساسته الانتخابية المستقلة.
4. إجراء حوار مجتمعي عميق و مراجعات تحدد مناطق الاتفاق و الأهداف المرجوة و تضمن مرونة اختلاف الرؤى في ضمن الإطار العام للأهداف و نطاق التوافق العام .
ألمانيا - برلين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.