هذا ما تحتاجه مصر اليوم.. لعلي أقول ابتداء أنه ينبغي إدانة هذا العنف غير المبرر.. وعلينا الآن الانصراف من الميادين المحتشدة.. وقد بات هناك واقع جديد على أرض المحروسة.. أعجب كثيرًا من تلك الدعوات التي أصبحت تتصدر العناوين الصحفية والإعلامية في كل مكان من مصر، والتي تتنادى بالثأر والقتل والإقصاء.. وتلك الدعوات التي تنادي بالتظاهر السلمي ونبذ العنف، الذي أرى أنه لن يحدث لحجم الكراهية التي أصبحت تحكم تصرفات جميع الفصائل السياسية المتنازعة. وأختلف كثيرًا عمن ينادي الآن وفي ظل الظروف التي نمر بها بالتظاهر السلمي والاعتصام السلمي والاحتشاد في الشوارع والميادين، سواء كانوا موالين أو معارضين.. أختلف وأدعو أبناء مصر ألا ينزلوا إلى الشوارع وأن ينبذوا التظاهر حتى وإن كان سلميًا أو غير ذلك.. فباعتقادي. أن لا فائدة من النزول والتظاهر والاعتصام وقد تحولت ساحات وميادين وشوارع مصر إلى اقتتال حقيقي وإلى عنف غير مبرر وقد سادت روح الانتقام والثأر بين الفرقاء الذين قادوا ثورة يناير 2011. وأعجب كثيرًا ممن يرى مصر وكأنها ليست دولة مستقرة ذات سيادة تملك نظامًا اجتماعيًا وسياسيًا راسخًا ومحدد الملامح والقسمات، ونحن نعلم أنها أقدم دولة موحدة في التاريخ. واسمحوا لى هنا أن أدين الخطاب الإعلامي التحريضي والإقصائي، والدعوات التي تصدر هنا وهناك عن العنف والعنف المقابل.. لعل المشهد السياسي هنا يكتمل.. أو لا تزال هناك بقايا من الصورة، يكتنفها الضباب.. وها نحن نرى أبناء مصر اليوم الذين توحدوا في الخامس والعشرين من يناير قد فرقتهم السياسة.. والمغانم والمكاسب وباتوا شيعًا وقبائل ليس ليتعارفوا ولكن ليتقاتلوا.. مصر تخسر كثيرًا إذا ما استمر الأمر على هذا الحال.. الذي كان من الممكن تجنبه.. لو صدقت النوايا.. وأخلص الفرقاء لهذا الوطن.. على الخاسر لمعركة الرئاسة أن يضع مصر نصب أعينه، وأن هذا الذي حدث ليس نهاية للكون.. واعتبار أن ما مر مرحلة سوف تعقبها مراحل كثيرة، وأنه يجب أن يتعلم المرء من أخطائه الكثيرة، والجسيمة في زمن ليس مسموحًا فيه بالخطأ.. وعليه أن يطوي هذه الصفحة.. وعلى الكاسب.. وهو في الحقيقة أمسك بقطعة من لهب أو جمر، ألا يفكر لحظة في أنه امتلك الحكم.. أو أنه امتلك الحقيقة وحده.. وعليه أن يشرك الجميع معه، وإلا وقع في نفس خطأ شريكه ومنافسه.. لعلي أدعو الجميع مخلصًا إلى ترك الشارع.. والعودة إلى لعب السياسة بقواعدها.. لأنه من السهل جدًا أن تشعل حريقًا.. من الممكن أن يشعل طفل حريقًا.. لكنك لن تستطيع إطفاءه وحدك.. فلا تشعلوا مصر بحرائق السياسة والمناكفة السياسية.. والكيد السياسي.. وتنادوا إلى كلمة سواء.. تحفظ مصر المستقبل.. ترسم للطفل المصري ابتسامة الواثق من غده، وللشباب أمله في غد مشرق أفضل، ولجيل الآباء أملاً في الاستمتاع فيما بقي له من عمر.. أقول مصر جميلة.. بالتسامح. مصر عظيمة بالحب.. مصر كريمة بعزة أبنائها، وفخرهم بها.. مصر منتصرة بوحدة أبنائها.. وأنا على يقين وثقة.. من أننا سوف نجتاز هذه المرحلة.. وقد مرت مصر بأزمات أكثر حدة، وأشد بأسًا.. من تلك الأزمات التي تعصف بها الآن.. لكن من الضروري أن يتوافر الإخلاص.. والعزم.. وصدقوني لو حدث لهذه "المصر" مكروه.. فنحن أول الخاسرين.. وآخر النادمين.. ودامت مصر.. ودام الشعب المصري.. حرًا عزيزًا أبيًا..