تساءل الأستاذ فهمي هويدي عما إذا كان وزير التربية والتعليم أخطأ في العنوان فبدلا من دخول مشيخة الأزهر، دخل دار الافتاء المجاورة، لتقوم بتطوير المناهج الدينية من الصف الأول حتى الصف الثالث الثانوي! لابد أننا جميعا تساءلنا السؤال نفسه وملأتنا الدهشة، فما علاقة موظف في وزارة العدل – وهو مفتي الجمهورية – بوضع مناهج التعليم، وماذا جرى حتى يغلق الوزير بدر عينيه عن رؤية مشيخة الأزهر المسئولة أصلا عن التعليم الديني والتي تتبعها جامعة منتشرة في جميع أنحاء مصر ومعاهد عريقة من الابتدائي حتى الثانوي؟! في المؤتمر الصحفي الذي جمع بدر بعلي جمعة قال الأول إنه بمجرد أن تولى منصبه أرسل كتب المناهج الدينية إلى دار الافتاء لمراجعتها وشرح بعض العبارات التي استعصت على من اشتكوا منها، وتخليصها من التحريض ضد الآخر. لا أدرى ما هي الضروة القصوى التي جعلت الوزير لا ينام ليله قرير العين قبل أن يرسل هذه المناهج لدار الافتاء، ولماذا تجاوز عن الجهة الأصلية والمشروعة وهي الأزهر بعلمائه وخبرائه في مجال التعليم، وهل كان كل سلفه من وزراء التعليم نائمين في العسل عن خطر التحريض الديني الذي اكتشفه بمجرد أن وضع قدمه في الوزارة؟! إليكم الإجابات عن تلك الأسئلة بلا لف أو دوران.. الأزهر راجع المناهج فعلا من خلال لجنة كان الشيخ علي جمعة عضوا فيها، وانتهت إلى أنه لا شئ يستحق التعديل. فالمحتوى يتناول أحكاما وسلوكيات إسلامية لا تحرض أو تؤجج المشاعر الطائفية. لكن الوزير الجديد لم يعجبه رأي الأزهر فهو يريد حذف بعض الآيات القرآنية الكريمة التي وجد فيها تحريضا ضد الآخر، وهذا الآخر ليس بالضرورة "المسيحي"، وإنما آي "آخر" كالآيات التي تتحدث عن الكفار والمشركين وتلك التي تدعو للجهاد. أي أن الوزير نصب نفسه رقيبا على كلام الله – استغفر الله – وكأن القرآن الكريم كتابا بشريا يمكن التعديل والحذف منه واختيار ما يناسب أبناءنا واستبعاد ما لا يناسبهم، وهو ما يمكن أن نفهمه من عبارة المفتي في المؤتمر الصحفي الذي جمعهما معا، بأن المناهج الدينية لا تناسب الزمن والواقع الحالي، وأن دار الافتاء وضعت معايير صالحة لعشر سنوات! لا أدري أي مكافأة ينتظرها المفتي من ذلك الشطط في القول، فقد حسمت المسألة وذهبت مشيخة الأزهر لشخص آخر!.. لكن ما فعله الرجلان، الوزير وموظف وزارة العدل، هو اعتداء سافر على صلاحيات جهة أخرى مختصة، ومخالفة صريحة للدستور في مادته الثانية، لأنه اعتداء على القرآن الكريم. لم يكتف المفتي بالشطط وإنما اخترع مادة التربية الأخلاقية التي قرر أن يسيح فيها كل الأديان، في مجمع واحد ذكرنا بالذي كان يخطط له السادات في سيناء، دين واحد يضم المسلم والمسيحي.. دمج للأحكام والقواعد تحت مسمى الأخلاق، لانتاج جيل جديد "سايح على كله"..! [email protected]